الشاعرة والأديبة سمرا ساي

الشعراء يكتبون ما يريدون كيفما شاءوا والقرّاء يفسرّون

 حملت وطنها داخلها وحلقت به في فضاء الابداع، الوطن عندها هو الحبيب والحبيب هو الوطن، قالت الشعر في عمر مبكر، وغنته في الطفولة، أطلقت بوحها عبر الزمن، فكان دليلها ورسالتها إلى كل من حولها وإلى العالم، خاضت تجارب شعرية كبيرة وتسعى لحقيق أهدافها وتسعى للمزيد.

هو شعر الحزن الراقي ذي السمت العالي دونما كبرياء أو تعالٍ. دونما جلبةٍ وتصنّع وصخب. لا يشذ عن ذلك شعرها في الحب وخطابها للجنس الثاني. بل، وفوق الحزن الشفيف نتلمس آثاراً قويةً للريبة في الآخر والحذر الشديد في التعامل معه خاصةً في لحظات الدنو منه والتماس معه. يبعدها حذرها حال دنوها وتنأى هي بنفسها إذ تقترب من الهدف. تماماً كما الألكترون.... يبتعد عن نواة الذرّة حين يبلغ مسافة محددة من مركز الذرة. يحار القاريء  والدارس  والناقد

إذ يفكّر في الأسباب.... ولربما يطول به التفكير فلا يجد جواباً مقنعاً مهما طال تفكيره ومهما قلّب وجهات نظره ومهما شرّق وغرّب طولاً وعرضاً.

ليس من حق أحد التطفّل على حياة وأسرار الشاعرة أو السؤال منها عن أسباب هذه الظاهرة.  الشعراء يكتبون ما يريدون كيفما شاءوا والقرّاء يفسرّون عن بعد كيفما شاءوا،  فمتى وكيف يلتقيان وكيف يجتمع قطبان جغرافيان متقابلان لا متعاكسان ؟؟

الوطن دائم الحضور في قصيدتي بالرمز حينا وبالمباشرة في أحيانٍ أخرى ، فالغربة التي عشتها دفعتني للتشبث به والبحث عنه. . أنا المسكونة بالوطن قبل أن أسكنه فأنا لم أزل حديثة عهدٍ به. لكنني وعيت القضية في عمر صغير جدا بحكم  سوريتي أولا واغترابي ثانيا. في الغربة يكون الوطن دائم الحضور على شكل ذاكرة وحلم وأمنية والكثير من المناظرات السياسية التي نسمعها في أحاديث الكبار، عدا عن الحكايات التي نرثها. لهذا السبب كانت سوريتي  حاضرة في بداياتي بصورة خطابية ومباشرة جدا. أما الآن فأنا أعمل على مشروع جاد باستنطاق المكان عبر الموروث التراثي وأساطير التوراة وتاريخ النضال، فأنا أفكر بما فعله بابلو نيرودا في النشيد الشامل حين أرّخ لتاريخ نضال أمريكا اللاتينية شعرا.

أبحث عن الوطن في الحبيب والحبيب في الوطن، حتى بحياتي الشخصية لا أكاد أجد الفاصل بينهما. لربما بحكم الاغتراب واللا انتماء الذي عشته لفترة من عمري، دفعني للمزج بينهما حد التوحد. فحين نفتقد الأرض نبحث عنها في شيءٍ آخر. وحين تبعثرنا المنافي نلجأ للحب لنمنح نفسنا قليلا من الاستقرار لنستمر. الغربة تصيبنا مرة واحدة فقط واذا ما أصابتنا فمن المستحيل أن نعود كما كنّا. سيبقى هناك فراغ ما لن يملئه أحد. ستبقى هناك ذكريات لم نعشها وثقوب كثيرة ستتسع في دواخلنا لنضيع أكثر.

للعيون لغة أخرى 

----------------------------------

و..في كل صباح 

أرتشفُ تفاصيلك

كئيبة...سعيدة ..

أعبر منها لشمس 

أخزنها في ذاكرة همس .. 

روح معلقة بياسمينة 

قبلة نايٍ تلد قصيدة

سحابةِ صيفٍ 

تمر بجانبك طريدة ..

وريقاتُ خريف

تسقطها الريح 

على بساطِ تمرد وحيداً..

عيناكَ حبيبي 

كمدينةٍ بعد زلزال 

تتكئ على أطلالها 

حزينة ..حزينة 

لم يخطئ من قال 

إن للعيون لغة أخرى ..

حروفها لاتلتزم ببحرٍ ولامجرَّة

تسكنها وجوه المغادرين 

كمركبٍ مسافرٍ شراعُهُ حنينٌ

كتربةٍ احتضنت شجرة 

على قارعة وطن 

حاربته طواحين الدنيا 

بقيت أرضه تصرخ

حرة ..حرة 

لم يخطئ من قال :

أن للجسدٍ ثورة ..

شمس تشرق بعد مغيب 

رعشةُ كونٍ غطاؤُها التنهيدُ

خطيئة قد تكون يتيمة 

تذوب كجليد..

تشرئب عنقي كسنونوة

وأنا ألتقيك حبيبي 

في صفحات الدواوين 

أكتب عنكَ و..عني 

ويبقى غدر سكرك

في قلبي صهيل ..

لو أخبرتني بعينيك 

الهادئتين كبحيرة الأصيل 

لو ..كاتبتني أنك تحبني 

طيفاً كما اليقين 

لأبقيتُ رماد صقيعك

يشعلني كل لحظة من جديد 

لكنك ياسيدي مكابر ..عنيد 

هجرتُ كل الشموع 

لأتابع نورساً 

يحلق فوق الغيوم 

لأعانق طيف السماء

عند العبور 

أنا و..أنت لم نخطئ حبيبي 

فللعيون لغة أخرى 

تتقنها روحٌ تركع وتسجد 

فقط ..للإله المعبود ...!!!!

------------------------------------------------

سمرا ساي/ سوريا 

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

إلى رجلٍ ينبت في دهاليزي السرية ...

.............

مابين قلبك و..عيوني 

----------------------------------

على المقعدِ المواجه لغيابك 

أتدثر بوشاحِ الليل ..

أطرق رأس الصمت 

أستعيد ذكرى انبهاري

بأولِ قصة وأولِ ومضة ..

رجل اللاوقت أنت ..

تداهمني بين نسيانٍ وآخر.. 

تبعثر الكلمات 

تُضرم الرغبة في أوصالي

خيولك الوحشية تأخذني إليك 

تلقي بي على حنين الشطآن 

تدخلني جليد الحرمان

وترحل بلا عتاب 

تتركني سجينة جسدي 

أمتطي جنوني 

بثورةِ ألحانكَ الغافية 

مابين قلبك و..عيوني

بألف ألف شهقة.. 

ياويل آهاتي من آهاتك 

كيفَ اهتدتْ أنوثتي إليك 

ونام خصري على ذراعيك 

عندما قَبَّلتْ شفتاكَ عنقي 

دون أن تراني ..

كيف احتضنتني من الخلف 

فهربت ضحكتي معي 

دون أن تلمسني ..!!!!

كيف تختبر متعة وفائي 

وأنا فوق الألغامِ 

تترقب تمزقي بإصرارٍ

بين ثنايا الهذيان

دون أن تتوسدني..!!

من رحم التين مولود أنت 

بنكهة الجوز 

بلذة الكستناء..

كن حبيبي 

رجل لايحترق برماد 

كن عشقي 

اصل به السماء ..

طائرةُ بعنفوان وطن 

تحط مابين قلبك و..عيوني 

سيد الدنيا أنت ..

فكيف لقلبي أن يهدأ

بحضرة سيد الأمطار ...!!!

-----------------------------

عشق اللافندر ( الخزامى ) 

----------------------------------

ولي ..

ألف وجه يبحث عني 

و..قلب واحد فقط يؤرقني

أفتش عن وجهك 

غادٍ..آتٍ ..يسرقني.. 

يحتويني ...أستعيد توازني 

فأعرف من أنا ...!!!

واجزم حبيبي 

أنك كل الحاضرين والغائبين 

وأن عشرات الزائرين

يضيعون في لمحة 

حين أحتمي بك 

من ألمٍ مرير

يترقب الرجا.. 

يغمرني عبقك الآتي 

من جهاتك الأربعة 

في صباحِ يومي الرتيب.. 

أحس أني ..

بعضٌ من ضياء القمر 

وضحكة فرح للطفولة

مخزونة اسمها سمر..

على شفتيّ ذرات ندى 

وفي قلبي ثورة حنين 

لاتعرف الردى ..

أنهكك صمتك حبيبي 

وأنهكني جنوني

على طول المدى.. 

أيا تؤام الروح في تقلبات القدر 

ايا عشق اللافندر للمطر..

وروعة السنابل تزهو 

على تربة وطن..

ايا طيبة قلب بكى

بانتظار قطار سفر..

ياسحر الغيم الماطر ..

على جنحي طائر

يغرد من سقم 

ياطفلاً وقوراً

يكتفي بحباتِ زيتونٍ 

ورغيف خبز 

تدمع عيناه من ضجر 

يغتسل في نهر حزن 

يغفو على حجر..

مابين سكونك وجنوني 

بحيرة ملح 

وسطور نكتبها بجرح 

كحد الوتر..

رويدك ..رويدك حبيبي 

من نزق الأفكار

وشعارات الثورة والثوار.. 

فحرب الدخلاء 

قائدها سليل الغابات 

ليل هارب بلا سماء 

فإن توالى شريط الذكريات 

بلا صوت ..بلا صور 

هناك عشق اللافندر 

وألف ..ألف درب

يفضي إليك 

بهدي الأمل المنتظر...!!

وسوم: العدد 721