يحيى حاج يحيى وديوانه على أبواب المدينة !!

للأخ أبي البشر قصائد وفيرة في المديح النبوي  ، ففي قصيدته الأولى التي سمى بها ديوانه  نجده  محباً " طيبة " مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويذوب إجلالاً وشوقاً لصاحبها الكريم عليه الصلاة والسلام ، ويقف شِعرَه على حبه ومدحه وتأييد دينه ، يرجو بذلك رضاء المولى سبحانه وتعالى وشفاعة نبيه الحبيب صلى الله عليه وسلم .

والقصيدة الثانية " المهاجران " يُسقِط الشاعرهجرته على هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكة التي أحبها إلى المدينة المنورة ، وكل الناس يحبون بلادهم ، ولكن الدين أحبّ ، والحفاظ عليه أولى . .. ويصور فضل الصديق في الذود عن الملة ، ودوره في القضاء على الردة .

وفي القصيدة الثالثة " رجَع الزمان بيوم مولده فتى " يتذكر الشاعر قصائده التي كان يلقيها في حلب وجسر الشغور بمناسبة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ويدل بفضل المصطفى صلى الله عليه وسلم على البشرية ، ويتألم لتقاعس المسلمين عن نصرة دينهم ، فحب المصطفى تبع وأسوة ، لا ذكرى واحتفال .

وفي القصيدة الرابعة نجد شاعرنا يهيم بصفات النبي الكريم من  " قول وفعل وأخلاق وبطولة وكرم وصبر " صلى الله عليه وسلم .

أما " مباهج الأنوار " القصيدة الخامسة فهي أطول القصائد في هذا الديوان وأشدها في النفس وقعاً . إنها إضاءات في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من ولادته عليه الصلاة والسلام إلى رضاعته ، إلى كفالة جده ، ثم حكمته في قصة بناء الكعبة ، ثم نبوّته ، وما لاقاه في سبيل الدعوة من أذى كفار مكة،  إلى هجرته إلى يثرب مروراً بغار ثور،  إلى قصتي سراقة وأم معبد ، ثم بناء المسجد النبوي والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، وغزوات الرسول ، بدر وأحد والخندق ، ثم فتح مكة وغزوة حنين ، ثم غزوة تبوك ، وتوطيد دعائم الإسلام ، ثم لقاء الله تعالى . كل ذلك بأسلوب سلس لين ، وجمل متتابعة ، وبيان مشرق ، وشاعرية دفاقة اعتمدت على مجزوء الرمل في القصيدة المشهورة : طلع البدر علينا ..

وفي القصيدة السادسة " ونحري يارسول الله درع " يدفع الشاعر بحس المؤمن وحبه لقائده سهام النصارى الذين دأبوا - لجهلهم وكفرهم – على النيْل من الحبيب محمد ، ويقارن بين كرههم لنا وسماحتنا معهم .

 وفي القصيدة السابعة " جيل القرآن " يؤكد الشاعر على حفظ القرآن الذي هو بدوره حفاظ على الإسلام والمسلمين . ويدلل على ذلك بما جرى من تجهيل للمسلمين ومحاربة للدين في القرن الماضي في كل بلاد المسلمين ، ولما ظن أعداؤه أنه انتهى عاد أقوى ما كان . فالقرآن مصباح الهدى ، ومنهج عزة ، ونهج كرامة ، وسبيل إلى الإصلاح . والكريم من اجتهد في حفظ القرآن الكريم تفهماً وتدبّراً ..

والقصيدة الثامنة " لقاء في طيبة "  حبّ لمدينة الحبيب المصطفى وشوقٌ إليها ، ورغبة في البقاء فيها ، وسعادة بلقاء الأحبة في رحابها .

وفي القصيدة التاسعة " توقيعات على درب الهجرة " الإضاءات نفسها في السيرة ، ولكنها أخصَرُ من " مباهج الأنوار " وعلى بحر الخبب ( فعلن ) ، لم يلتزم الشاعرُالرويّ ، فلكل بيت أو شطر في كثير من الأحيان رويّ ، وهذا تلوين لا قصور .

أما القصيدة العاشرة " يقول آمين " فعاطفة أبوية حرّى تجتاح الشاعر حين يسمع وحيده " بشراً " إذ كان صغيراً – وهو الآن مهندس إلكترونيات –  يلفظ كلمة آمين ، فتتسارع نبضات قلب الأب ، ويحمد الله أنْ رزقه ذرية صالحة . ولا ينسى شاعرنا أن ينصح المسلمين بتربية أبنائهم تربية تُرضى المولى سبحانه فيرضى المولى عنهم . ألم يُثنِ رب العزة على إسماعيل عليه السلام حين ربى أبناءه كما ينبغي ، فجعل ذلك قرآناً يُتلى آناء الليل وأطراف النهار " واذكر في الكتاب إسماعيل ، إنه كان صادق الوعد ، وكان رسولاً نبياً ، وكان يامر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مَرضياً " ؟.

ليس من عادتي أن أستشهد على ما ذكرت من إضاءات وتلاوين ، فلم أقف في هذه الكلمات السريعة موقف الناقد ، ولكل شيخ – كما يقال – طريقته فيما يكتب ، وأحب أن يستمتع القارئ بشعر أخينا الحبيب دون مؤثرات ، وأرى كثيراً ممن يتصدر لكتابة المقدمات يخوض في شذرات نقدية متكلفة قد تكون في أغلبها سطحية ، عليها غالب الاستعجال وسد ثغرة ، أما أنا فحسبي أن أفخر بصحبة ماجد كأخينا الفاضل يحيى حاج يحيى مد الله في عمره ونفع المسلمين بأدبه وعلمه ، فقلبي هو الذي يكتب ، وعاطفة الحب والصداقة والأخوّة في الله ترسل الكلمات وتصنع المقدمة . وحسبي كذلك أن أضيء علامات يتعرف بها القارئ ملامح الديوان قبل أن يمضي بصحبته مستمتعاً ، ولقراءته متذوقاً  .

وسوم: العدد 728