أبتاه...لن أنساك!!

(في ذكرى رحيله السادسة)

د. بلال كمال رشيد

[email protected]

منذ السنة الأُولى لرحيلك وأنا أعدُّ السنين و لا أطيق لها عدَّاً ، وأضيق بها عنك بُعْداً ، مُنْذ السنة الأُولى وأنا أقول : يا ليتها كانت سِنَةً من نومٍ فأصحو منها وألقاك ، وها هي الأعوامُ تمضي سِراعاً وما زِلتُ أنامُ على حالةٍ من الخوف والهذيان، أتمنى أن أستفيق ، أو أن لا أستفيق لأقول : قد مضى عامٌ أو بعض عام!!، لألقاك حين ألقاك بَدْراً !!

 تُلاحقني أسئلةٌ أُحلقُ بها حيناً وتمحقني أحياناً وحنيناً ، يُلاحقني طيفكَ حيثما حللتُ فأستريح إليه ، وأبتغيه لي ظلا !!

دونك ... لا زمن لي وحدي ، ليس لي ماض إلا ما كنت فيه ، وليس لي حاضر إلا ما عايشتك فيه ، لا مُستقبل لي يُقبل إلا ما تأملت أن تكون أنت فيه ، لذاك لا أراك إلا حياً ، وحياً أراني ما نبض القلبُ فيك حُبّاً ،ما كان حبي لك هوناً ما ،وما قابلتُ في حُبِّكَ هوناً ، حُبِّي لك وجودٌ .. مجدٌ ..حياةٌ ..عِزةٌ ..حُبّي حُبّك .. لِلنبضِ وليس لِلبُغض ،وفي أيِّ هوانٍ أكونُ حين أكونُ دونك فَرْداً ؟؟!!

أنا دائمُ البحثِ عنك ولا ألقاك إلا حيث أكون ، أنا دائمُ الشوق إليك ، أستدعيك فتأتي بأجملِ وأبهى وأوفى ما تكون ، أنت لم تغبْ عني وإن غَيبك المنون ، أنتَ لقلبي قلبٌ ، ولعينيَّ عينٌ ، يا أبي ، يا لفظةً يَرِقُّ لها القلبُ ، وتدمى لها العين ، يا لفظةً سقطتْ من قاموسي ،أنَّى لها أن تخرج من نفسي وعن ناموسي ؟؟!!

 أُنا لا أُريد أن أزداد مع السنين سِنّاً ، يا ليتني بقيتُ طفلاً ، لأبقى على قيد محبتك طفلا ، لأجد عندك لِكلِّ مشكلة حَلاً ، لتتجسد كلُّ معاني الحياة والرجولة فيك رَجُلاً!

ستٌ من السنوات يشتعلن الآن أمامي كَأَلسِنَة اللهب ، يأتين في كلِّ يومٍ على ما تبقى من سنيِّ عمري ولا عجب ، وأراك يا أبتي رغم النار التي تكويني ، رغم تكاثف الدخان أمامي ، رغم التعب ، رغم الوصب ، أراك نوراً يبدد ظلم الليالي ، وأراك الرائد حيثما ذهب !!

تنأى بك السنون عني جسداً ،تنأى وتأبى إلا أن تزيدك بَوْناً لتَزدريني وتُرديني وتُشعل الرأسَ شيباً !! ، لكنني عُدتُ إلى ما اعتدتُ عليه في أن أشدَّ بك أزري ، وازددت بك حُباً وقُرباً وأُنْساً ، وإن لم تَعد على قيد الحياة إِنْساً !!

أنا لن أنساك يا أبتي وإن زادتني السنون سِنَّاً ، فمثلي لا يَنْسى ، ومثلُكَ لا يُنْسى ،بك أزدادُ قوةً وإنْ أصبحتَ ذكرى ، فيكَ أعبدُ الله وأزدادُ إليه قربى ، هي ذي السنون تمضي بي ، وَ تَرْحلُ بي ، مِنْ دارٍ فانيةٍ افتقدتك فيها بُدَّاً إلى جَنَّةِ دارٍ باقيةٍ أتمنى أنْ ألقاكَ فيها أَبَدا.ً