خاطرة صباحية إلى أمي الحبيبة

بالأمس وأنا أحادثها لاحظت التعب في صوتها وفي ملامحها وظاهر على وجهها الطيب الجميل .. غالبت دموعي وسألتها ما بك يا أمي الحبيبة مالي  أراك متعبة فقالت لقد عاودتني الآلام من جديد  يا بني... وشاهدت في نبرة صوتها وصورتها عذابات السنين ومآسي الزمان منذ أن سجن والدي حفظه الله إلى أن تغربنا وابتعدنا عن وطننا الغالي ثم تفرقنا في أرجاء المعمورة .. يا الله كم هو صعب فراق الأهل والبعد عن الأحباب..... نمت تلك الليلة وكلي حنين لصاحبة القلب الكبير والصدر الحنون وأنا أخفي دموعي عن زوجتي وأولادي وشاهدتها  مرة أخرى ....

بالأمس التقينا عبر الإنترنت ((فأنا بعيد عنها مع أنها تسكن دومآ في قلبي)) واليوم في المنام رأيتها تمشي مع والدي الحبيب مشية الصبايا وهي ابنة الثمانين ... فكأنها شعرت بي فأشفقت عليّ لحزني على مرضها فجاءتني في الحلم تخفف عني  وهي تمشي أمامي وكأنها إبنة العشرين كم أنت عظيمة يا أمي كملايين الأمهات السوريات  رغم الجراح والآلام  لازلتم صامدات ومحتسبات ,, يا ليتني أحمل الآلام عنك يا أمي تفديك نفسي كم تحملت وعانيت من أجلنا وعندما أخذ الطغاة والدي للمعتقل صبرت وضحت وكانت لنا الأب والأم ... وتذكرت شعر والدي لما  كان في السجن وكتبه لجدتي رحمها الله  :

ماذا أقول وقلبي ليس ينساك

أماه أنت التي في  القلب ذكراك

طال النحيب وقد أجهدت من ألم

على فراقك أمي كيف أنساك

كم ذا أعلل نفسي حين تغلبني

كم ذا أقول غدآ يا أم ألقاك

كم ذا أرقت وليلي طال من ألم

شوقآ لعينيك ما أحلى محيّاك

كم قد كتمت عن الأحباب حشرجة

كم قد ضحكت وقلبي موجع باكي

أماه أنت التي لولاك ما سعدت

نفسي بشيئ مدى الأيام لولاك

قد كنت أنسى همومي عند رؤيتها

ما أصعب العيش يا أماه لولاك

ماكنت أحسب أني سوف تبعدني

عنك المسافات يومآ كيف ألقاك

أسأل الله أن يحفظك لنا ويحفظ والدي ويمتعكما بالصحة والعافية ويقرّ أعيننا جميعآ بالعودة إلى بلادنا الحبيبة سورية وقد أصبحت حرة أبية إنه تعالى سميع قريب

وصباح الخير لكل أم سورية حرة وصباح الخير لكل الأحرار

إبنك المحب المقصر أنس

المدينة المنورة صباح الإثنين السادس من تموز2018

**********************************

سامحك الله يا أنس الغالي.. لقد أبكيتنا معك.. ومع أني لم أستطع أن أكمل القراءة، فقد غلبتني الدموع.. إلا أن كلماتك الصادقة ومشاعرك الرقيقة، كانت كالبلسم على الجراح.. جزاك الله خيرا.. ورضيَ عنك.. وزادك من فضله برّاً على برّ.. وأبشّرك يا أبا البشر بأن والدتك تحسنت حالتها هذه الليلة، والحمد لله.. فقد خفّ الألم ، ونامت الليلة بضع ساعات.. وذلك ببركة الرّقى الشرعية، ودعوات الأحبة.. رضيَ الله عنك وعن زوجتك الغالية، وعن إخوتك وأخواتك، وعن أولادك البررة وعن أحفادك.. وجزاكم الله خيرا

أبو أنس البيانوني

وسوم: العدد 784