بيان نعي فقيد الأمة والفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة

الحمد لله القائل: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }، والصلاة والسلام على سيد الرسل وقائد المصلحين محمد ﷺ.

clip_image002_ef8fa.jpg

فلقد تلقّى مُنتدى الفكر والدراسات الإستراتيجية بحزنٍ بالغٍ، خبر انتقال د. محمد عمارة المفكر الإسلامي الكبير وعضو هيئة كبار العلماء إلى الرفيق الأعلى، وشعرنا بألم الفقد وفداحة الخطب، فلقد كان الفقيد - رحمه ﷲ - يُغطّي ثغوراً علميةٍ عديدةٍ، في وقت تتعرّض فيه ثوابتُ الأمّة وثقافتِها لهجمات وتحديات شديدة الكثافة والشراسة، حيث ظلّ يصول ويجول في جبهات الدّفاع عن الإسلام بفروسية نادرة، وقام بالتصدي لأعدائه وشانئيه بما حباه ﷲ به من مواهب وما رزقه من قدرات فلم يَهن ولم يُهادن.

وعزاؤُنا فيه أنّه توفي وهو في كامل استقامته وسمُوقه، فلم يبدّل ولم يُغَيّر شيئا، ولم يتزحزح عن مبادئه الأصيلة ومواقفه الثابتة قيد أنملة منذ أن عرَف الحقّ وسار عليه، رغم شراسة المعارك وكثافة الضغوط، وأنّ ما كان من هِنَات في فكر د. عمارة - رحمه ﷲ - فهو مغمورٌ في بحر عطائه، كما ورد في حديث نبينا ﷺ « إذا كان الماء قُلَّتينِ لم يحمل الخَبَث » وفي لفظ: « لم ينجُسْ ».

وإذا كان د. محمد عمارة قد انتقل بشخصه إلى ربه، فقد انتقل من هو خير منه قبله، غير أنّ أفكاره التي تستقي من منهل الوحي الصافي ما تزال حية بل وغضّة طريّة، تتجسد في مئات الكتب والأبحاث والرسائل والمحاضرات والمناظرات التي أنتجها في عمره المديد، حيث بارك ﷲ في كتاباته وجهودِه الإصلاحية.

وفي هذه المناسبة الأليمة ندعو كافة المكونات الفكريّة للأمة والتي يهمها أمر النهوض الحضاري المنشود، إلى القيام بكافة ما يلزم؛ من أجل استفادة أجيال الأمة من التراث الضخم الذي تركه الفقيد؛ وذلك من خلال نشر إنتاجه الفكري على أوسع نطاق وإقامة المؤتمرات والندوات والحلقات النقاشية التي تدرس فكره، وتوجيه الباحثين لتسليط أبحاثهم على أفكاره التنويرية وجهوده الإصلاحية.

نسأل ﷲ أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يتقبّله قبولاً حسناً، وأن يكرم نُزله ويوسِّع مُدخله، وأن يجعل من مؤلفاته جسراً يعبر عليه إلى الفردوس الأعلى من الجنة، ونسأله تعالى أن ينفع بعلمه الأمة بأسْرها، وأن يُلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان ويُخْلف عليهم بخير، *وإنا لله وإنا إليه راجعون.*

وسوم: العدد 867