ذكرى رحيل الشاعر سلطان العويس تُلهم المزيد من العمل لترسيخ مكانته في الثقافة العالمية

تمر في الرابع من يناير كل عام ذكرى رحيل الشاعر سلطان بن علي العويس (1925 - 2000)، الذي يعد أحد رواد النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دولة الإمارات.

وتأتي هذه الذكرى في وقت اعتمدت فيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، عام 2025 عاماً للاحتفال بالذكرى المائة لمولد الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس المولود عام 1925 ميلادية. وجاء هذا الاعتماد بعد الاطلاع على ملف الشاعر سلطان بن علي العويس الذي طرحته اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، في الدورة الـ 42 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة. وتعد هذه المبادرة واحدة من أبرز مبادرات اليونسكو للاحتفال برموز الثقافة الأصيلة حول العالم في شتى مجالات الفكر والمعرفة والعلوم.

وكانت مؤسسة سلطان بن علي العويس قد أعدت ملفاً ضخماً عن الشاعر الراحل سلطان بن علي العويس (1925 - 2000) لتقديمه إلى منظمة اليونسكو، ولم تألُ اللجنة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة للتربية والثقافة والعلوم جهداً في دعم الملف والوقوف مع هذه المبادرة الكبيرة، التي آتت أُكلها باعتماد العام 2025 عاماً للاحتفال بمئوية لشاعر سلطان العويس.

ولد سلطان بن علي بن عبد الله العويس في بلدة الحيرة بإمارة الشارقة سنة 1925 وفيها تلقى تعليمه الأولي، كانت عائلته من تجار اللؤلؤ، فقد كان والده علي بن عبد الله العويس من تجّار اللؤلؤ المهرة (الطواشين) فمارس سلطان العويس التجارة مع والده. وإلى جانب تجارة اللؤلؤ، عمل بأعمال أخرى متعددة، وتنقل ما بين الهند والإمارات. حيث نشأ في أسرة محبّة للأدب والثقافة ولمع في تاريخها عدد من الشعراء والباحثين والأدباء مثل سالم بن علي العويس وعمران العويس وأحمد علي العويس وغيرهم.

بدأ سلطان بن علي العويس في كتابة الشعر منذ 1947 ونشرت أول قصيدة له في عام 1970 في مجلة الورود البيروتية. ويعتبر مقلاً في شعره، رغم أنه بدأ بنظمه في مقتبل العمر، ويعتبر في مقدمة الشعراء بدولة الإمارات وحلقة الوصل بين جيلين من الأدباء والشعراء، وطليعة شعراء الغزل في الخليج العربي. و الإنتاج الشعري لسلطان العويس يلامس اوتار قلوب العديد من الناس على اختلاف مشاربهم، حيث أنه صادق في ترجمة عمق الذات دون تكلف.

 صدر لسلطان العويس ديوان شعري بعنوان "مرايا الخليج" في بيروت عام 1985 وله ديوان جُمعت فيه معظم أشعاره بعنوان " ديوان سلطان العويس ـ المجموعة الكاملة 1993"، وتم تصنيفه حسب الدراسات الأكاديمية أنه من الجيل الثاني لشعراء الحيرة والتي كانت تضم الشاعر سلطان العويس (1925 – 2000) والشاعر الشيخ صقر القاسمي (1924 – 1994) والشاعر خلفان بن مصبح (1923 – 1946).

وقد تناول العديد من النقاد والدارسين شعره وكتبوا عنه، وقد جُمعت تلك الدراسات في كتاب أصدره اتحاد كتّاب أدباء الإمارات بعنوان "سلطان العويس تاجر استهواه الشعر".

نال العويس خلال حياته جوائز وتكريمات أبرزها تكريم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة عام 1996 إلى جانب أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات الذين أسهموا بإخلاص في مسيرة الخير والعطاء تقديراً لجهودهم العظيمة في دعم مسيرة الاتحاد وتحقيق نهضته.

واعتزازاً بالأدباء والمفكرين والعلماء العرب وترسيخاً للأمل المعقود عليهم، وتعظيماً لشأنهم وتكريماً وتشجيعاً لهم للمضي قدماً في سبيل العمل الجاد والهادف للنهوض الفكري بالأمة العربية قرر الشاعر «سلطان بن علي العويس» تأسيس جائزة عام 1987 تحمل اسمه وتكون لها استقلالية لتكريم الأدباء والمفكرين العرب، فكانت (جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية).

وقد احتضن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الإرهاصات الأولى لهذه الجائزة، وتشكلت أول أمانة عامة بإشراف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وفي عام 1992 تحولت الجائزة إلى مؤسسة ثقافية مستقلة تحت اسم «مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية» حيث أُشهرت المؤسسة رسمياً بموجب المرسوم رقم 4 لسنة 1994، بتاريخ 21/3/1994، الصادر من ديوان صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة – رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.

شهادة ذاتية

قال سلطان العويس في حوار مع الكاتب شوقي رافع نُشر في مجلة العربي / عدد ديسمبر 1993:

منذ منتصف الأربعينيات كنا نلتقي مجموعات من البلاد العربية، فينا الشاعر والكاتب، وفينا الشيخ والعالم، لا نتعاطى التجارة وتتواصل بيننا العلاقات عبر المعرفة والثقافة، كنا عبر التجارة والثقافة نتعرف إلى أنفسنا وإلى العالم من حولنا، نغوص في تراثنا ونفكر بمستقبلنا، وكانت لقاءاتنا أقرب ما تكون إلى تجمع ثقافي عادي وبعيد عن التكلف. إن مهمتي أن أختار الإنسان الجيد وأضعه في المكان المناسب. أنت بالخبرة والتجربة تصبح أكثر معرفة بالناس، وتعرف من تختار من بينهم، وأين تضعه، عندي إدارات فيها أناس محترمون طيبون، ثم إن باب مكتبي مفتوح لجميع الناس، ليس عندي بيروقراطية ولا سكرتارية، أسمع من الناس، أستمع إلى آرائهم ومقترحاتهم وشكاواهم، والعاملون معي يعرفون أن العلاقات مع الناس مبنية على الثقة قبل كل شيء، وهم يحرصون على دعم هذه الثقة، ومن هنا يصبح العمل كما الشعر والثقافة متعة، لأنه يحقق التواصل مع الآخرين.

 

وسوم: العدد 1064