جامعة عبد الملك السعدي تحتفي بالشاعر العربي سعدي يوسف

جامعة عبد الملك السعدي تحتفي

بالشاعر العربي سعدي يوسف

وتختار عبد الكريم الطبال وسميرة القادري سفيرين لها للثقافة في العالم

وأحمد هاشم الريسوني فائزا بدرع سعدي يوسف الجامعي دورة 2012

سمية العسيلي

عاشت مدينة تطوان المغربية خلال هذا الأسبوع، على ايقاع ملتقى شعري كبير، نظمه منتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بنفس المدينة، حيث اختير له من الأسماء ملتقى سعدي يوسف للشعر، الذي عرف مشاركة ثلة من الشعراء والشواعر من جل المناطق المغربية.

وقد عرف هذا اللقاء الذي أداره باقتدار الكاتب والناقد المغربي سليمان الحقيوي، رئيس منتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون،  حضور مئات من الطلبة والأساتذة الجامعيين والباحثين والمبدعين والإداريين الذين غصت بهم جنبات رحاب قاعة الدكتور محمد الكتاني بالكلية.

افتتح  الملتقى بكلمة للدكتور محمد سعد الزموري عميد الكلية، الذي أشار إلى أهمية هذا اللقاء الذي يندرج في أطار الانفتاح على الفعاليات الشعرية المغربية  التي أتت من جل المناطق  والجهات، مشيرا إلى أهمية هاته الأسماء  نظرا لما راكمته من تجارب مهمة في هذا المجال ، كما يندرج هذا اللقاء في مد جسور الحوار المتواصل بين الشرق والمغرب عبر اختيار اسم عربي كبير،  وسم القصيدة العربية بالكثير من المتغيرات، بل وأسس لفهوم شعري خاص به، جعله متميزا به على مستوى العالم.  كما هنأ محمد سعد الزموري جميع الفعاليات المشاركة في هذه التظاهرة الشعرية النوعية والوازنة، وشجع الأنشطة التي تقوم بها النوادي المتنوعة وعلى منتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون الذي يضم خيرة الطلبة الباحثين بالكلية، و الذي  سبق لأعضائه تنظيم عدة تظاهرات ثقافية في السنوات الأخرى، والتي عرفت منحى موازيا بثقافة الاعتراف، باحتفائهم بمحمود درويش، وعبد الكريم الطبال ومحمد حلمي الريشة، وهي  تظاهرات  كلها كانت هامة ولها  صدى على الصعيد الجامعي والوطني والعربي، وأكد بأن المنتدى  كان موفقا في اختيار الشاعر "سعدي يوسف" للاحتفاء به وبالشعر العراقي.

فيما عبر الكاتب  العام لمنتدى ثقافات للفكر والآداب ، الباحث المغربي جمال بودومة عن سعادته بهذا الملتقى لكونه يحتفي بمكون أساسي وضروري  من مكوناتنا الثقافية ألا وهو الشعر، فقد عاش سعدي يوسف أزيد من ستة عقود يكتب الشعر وفي أجناس أدبية أخرى متعددة ، حيث أصدرما يربو على 43 ديواناً باللغة العربية، وأزيد من 15 إصداراَ آخر في الشعروالرواية والقصة القصيرة واليوميات والمسرح والانطولوجيات، كتبها باللغة العربية والانجليزية، والفرنسية، والألمانية، والايطالية. كما ترجم لعدد كبير من الروايات والأعمال الأدبية لكتاب وأدباء عالميين، أي ما يعادل 24 إصدار ٍلأدباء أو كتاب مثل:   والت ويتمان، كافافي، يانيس ريستوس، لوركا، غونار أكيلف، فاسكو بوبا، نغوجي واثيونغو…. ، كما ذكر جمال بودومة  بأهمية هذا اللقاء الذي فتح مساحات أخرى للتواصل بين الطلبة والمشهد الثقافي ببلادنا ممثلة في الشعراء المشاركين الذين الذين لهم بصمة وحضور في المشهد الشعري المغربي، معتبرا أن الاحتفاء بسعدي يوسف يعد بحد ذاته انتماء لثقافة الاعتراف، المبنية على الاعتراف بالآخر، ألا وهو الشعر، والشعر الرائد والنوعي ممثلا في سعدي يوسف،  آملا أن يستمر هذا التقليد الشعري الذي يتطلب منا جميعا كامل التشجيع والدعم.

أما الأمسية الشعرية التي أدارها كذلك الأستاذ سليمان الحقيوي بلمساته المبدعة احتفاء بسعدي يوسف الشاعر الذي حضر في كل جنبات الفضاء المحتضن للقاعة، بشهادات الشعراء والشواعر الذين ألقوا قصائدهم، والتي اختلفت بين شخصية سعدي يوسف وتجربته في الشعر والحياة والكتابة،  وبنصوص شعرية ذهبت بعيدا الى بغداد ولندن وطنجة و سيدني، وكل مناطق العالم التي لم يترك سعدي يوسف لها وقتا الا ونقش حروفه فيها، فبدأ حارس جبال شفشاون،  الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال هذا الحرق بقصيدتين وسم الأولى بأيقونة والثانية ذات شمس، فيما قرأ الشاعر عبد الرحيم الخصار الآتي من مدنية آسفي قصيدة  موسومة ب "الساحة" والتي خطفت تصفيق الحضور أكثر من مرة، أما الشاعر الأسفوي الآخر كمال أخلاقي  فقرأ " سوف يأتي دوري" والتي أهداها  لجان دمو، أما إكرام عبدي القادمة من مدينتي أصيلا والرباط  للاحتفاء بسعدي يوسف، وبالشعر في يومه العالمي فقرأت قصيدتها التي لاقت إعجاب الحاضرين، والموسومة ب :" قصاصات الغيم"،  أما حمامة تطوان، الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس، فقرأت قصيدة " على حافة عمر هارب" ، قبل أن تعطي للشاعر الشفشاوني عبد الجواد الخنيفي دوره في اللعب على النرد والايقاع، حيث قرأ قصيدته الموسومة ب "تمارين الجسد، معطيا لابن الأوبيدوم نوفوم الشاعر القصري أنس الفيلالي دوره ليقرأ ثلاث قصائد من ديوانه الجديد الصادر عن منشورات وزارة الثقافة، وهي " خطوط البحار" التي أهداها للشاعر عبد الكريم الطبال، وقصيدة " محمود درويش، وقصيدة " أدونيس"، ثم قصيدة "لا صعود للغرباء" التي لا يتضمنها ديوانه، والتي أهداها لغربائه. 

أما الجلسة الموالية، فقد ترأستها  الشاعرة والأديبة المغربية الدكتورة سعاد الناصر،  والشاعر المغربية الدكتورة فاطمة مرغيش، باعتبار الأولى عضوة لجنة تحكيم جائزة سعدي يوسف للشعراء الجامعيين الشباب، والتي ترأس لجنتها الشاعر الكبير الدكتور محمد علي الريباوي، فقد شددت سعاد الناصر  على أهمية هذه المبادرة ومغازي هذا اللقاء ، الذي يهدف تكريم الشعر والشعراء ، كما كانت الكلية دائمة مجالا للسجال الفكري وللكلمة الرحبة...و اعتبرت أن هذا اللقاء يكرس جانبا مهما وهو ترسيخ الفعل الثقافي بوجه عام وبالخصوص القصيدة العربية والمغربية، كما لخصت باسم لجنة تحكيم جائزة سعدي يوسف للشعراء الشباب، طبيعة المشاركات التي عرفت كثافة وتنوع في طبيعة النصوص بين قصائد النثر والتفعيلة والعمودية، قبل تفتح المجال للشاعرة فاطمة مرغيش التي  رحبت بالأقلام الشعرية التي نثرت من الجمال والألق الشيء  الكثير أمام مسامعنا وقالت :

الحلم هوَى

وعانق ظلَّه

شوق معتق في غياهب

الحنين

كلما هبَّ عليه ليل

يفضح سرَّه

والسر اعتنق الحرف

فافضى بما أفضى

وأهدى للقمر

وردة البقية..

وبعد ذلك قرأت قرار لجنة تحكيم "درع سعدي يوسف" بخصوص المسابقة التي أجريت حول أهم تجربة شعرية عربية إبداعا وإصدارا شاركت في درع سعدي يوسف الجامعي، والتي  شارك فيها 123 مشاركا ومشاركة من ستة عشر بلدا عربيا. هذا الدرع تمنحه كلية الاداب والعلوم الإنسانية بتطوان ومنتدى ثقافات للفكر والآداب والفنون، وقد تكونت لجنة التحكيم – التي اجتمعت برحاب كلية الآداب بتطوان – من مجموعة من الأسماء الأدبية والنقدية المعروفة على الساحة الأدبية المغربية برئاسة أعضاء منتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون، فكان القرار منح الجائزة في دورتها الأولى  الى الشاعر المغربي أحمد هاشم الريسوني، وذلك حسب بلاغ لجنة التحكيم الذي أرجع ذلك إلى : " إلى تجربة شعرية شقت طريقا متفردا في عالم الحرف، قاربت العوالم الإنسانية بوعي جمالي جعلها تتقن الغوص في الذاتي والموضوعي، وتفتح الباب على أسئلة وجودية تدفعنا إلى ارتقاء مقامات بلاغية لتتجلى أمامنا حقائق الكون. تبلورت أولى خطوات هذه التجربة في مرتيليات ، مرورا بالجبل الأخضر والنور، ليرتفع إيقاعها في "لا" . وهي التي تساءلت في إحدى لحظات تجلياتها الشعرية فقالت:

كيف لي

بين ليل طويل

يقطف الحلمات

أوزهرة الأبجدية

حيث يرسم درويش

كف الحياة

هاهنا

تحت شمس البياض

ثم يترك نهر الأسئلة

عند احمد

ذاك الصبي الندي..

وفي الإطار نفسه قررت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، ومنتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون بالمناسبة تنصيب سفيرين لهما للثقافة في العالم، فوقع حسب بلاغ المنتدى والكلية على "  اختيار شخصيتين ثقافيتين أثْرتا اللوحة الفنية المغربية، بألوان جمالية ضاربة في التميز والأصالة. الشخصية الأولى هي: الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال ، حيث كان الاختيار تقليدا له لهذه المهمة وتقديرا لمشواره الشعري الذي أصبح عنوانا للتجربة الشعرية المغربية الحديثة، إذ لا يمكن تبين خطوط الصفحة الشعرية المغربية ما لم نقرأ عبد الكريم الطبال، هذا الشاعر الذي لم يلاحق الأضواء يوما بل انشغل بملاحقة الحرف واحتراقاته على البياض. فكان لهذا الأجدر بتمثيل المشهد الشعري المغربي  في أي محفل ثقافي. والشخصية الثانية، هي شخصية اختارت لنفسها طريقا لم يسبقها إليه أحد في الساحة المغربية ، فكانت استثناء وكانت النواة التي ولدت خيوط اللقاء بين الشرق والغرب ، وفتحت مساحة شاسعة للحوار والتعايش الحضاري بين شعوب العالم. إنها السوبرانو والباحثة الأستاذة سميرة القادري التي جاهدت في تطويع الكلمة العربية في قوالب موسيقى عالمة : الليد والرومانس والمونودراما وغيرها.. وأثرت المكتبة المتوسطية بأبحاثها ودراساتها ولذلك استحقت لقب شخصية العام الثقافية لسنة   التي منحتها لها جريدة المهاجر الأسترالية لسنة2011، وقبلها فوزها بعدة جوائز عالمية ومرموقة من بلدان مختلفة،  ونحملها نحن فوق ما أخذته على عاتقها مهمة سفيرة الثقافة إلى العالم ، فهنيئا لكل الفائزين بدرع سعدي يوسف الجامعي، وهنيئا لنا بكل أثر أدبي وفني خلفته هذه الأسماء" .


وقبل أن يتسلما الدرع الجامعي، والوسام الأكاديمي الذي سلمه عميد الكلية، رفقة نائبه المكلف بالبحث العلمي الدكتور مصطفى الغاشي، ونائبه الآخر المكلف بالشؤون البيداغوجية بالمؤسسة، اعتبر عبد الكريم الطبال منحه سفيرا للثقافة بالعالم، تكليفا كبيرا منح له في هذا اليوم قبل أن يكون وساما، كما اعتبرت سميرة القادري على أن منحها وساما أكاديميا أكبر مسؤولية تقع على عاتقها، وهو الذي جاء من جامعة وكلية  ومنتدى مشهود لهم بالكفاءة العلمية والأكاديمة على المستوى الوطني والعربي، كما اعتبرت منحها للوسام الجامعي كسفيرة للثقافة بالعالم، بمثابة تكليف كبير على عاتقها، بعد تكليفها بنفس المسؤولية من بلدان عربية وأروبية عديدة.

وقد اعتبر في الأخير نائب عميد الكلية المكلف بالشؤون البيداغوجية، الدكتور عبد الهادي أمحرف أن مبادرة منتدى ثقافات للفكر والأدب والفنون  بتنظيم هذا التكريم، وجوائز سعدي يوسف،  تكتسي أهمية بالغة لأن المحتفى به سعدي يوسف  يمثل احتفاء حقيقيا لرمز شعري رائد على المستوى العربي. معتبرا أن الاحتفاء بسعدي يوسف هو احتفاء بمرحلة شعرية هامة تمر بها الحركة الأدبية العربية والعالمية، فعلى الرغم من غياب المحتفى لسبب المرض شفاه الله،  إلا أنه يظل بيننا وفي قلوبنا  وحواسنا التي تستقبل الجدة التي فرضها علينا شعر سعدي الرائد، وتواضعه الشامخ، شاكرا دعم عميد الكلية لهذه المبادرة الثقافية العلمية، وأيضا الفضاء الجامعي  على احتضانه لهذا الملتقى. كما عبر عن رغبة أعضاء المنتدى  في تحويل ملتقى سعدي يوسف فضاء سنويا للاحتفاء بتجربة هذا الرجل، ومقاما للاحتفاء بالتجربة المغربية عبر مشاركة الشعراء المغاربة، وتكريمهم في كل دورة من الدورات القادمة .

فيما اعتبر الكاتب العام للكلية الدكتور عبد الإله الولهاني، أن نجاح ملتقى سعدي يوسف في دورته الأولى، بهذا الحضور النوعي للشعراء المغاربة في الاحتفاء بأحد كبار الشعراء في العالم، ثم باختيار  الكلية والمنتدى لسفيرين جديدين للثقافة بالعالم، وهما شخصيتين كبيرتين على المستوى الدولي، في شخص الشاعر عبد الكريم الطبال والسوبرانو سميرة القادري، يبين مدى العمق التنظيمي للكلية، ثم للطلبة الباحثين والكتاب  المنظمين للملتقى في مقدمتهم، سليمان الحقيوي، وأنس الفيلالي، وجمال بودومة، وفاطمة مرغيش... آملا بتجدد الوصال في الدورة الثانية بنفس النجاح بالاحتفاء بسعدي يوسف، شاعرا وإنسانا..

وقد عرف هذا الملتقى الشعري حضور وازن لعشرات المثقفين والجامعيين والأدباء الذين  لهم ثقلهم الثقافي والأدبي بالمغرب، منهم: محسن أخريف، عبد اللطيف شهبون، رضوان احدادوا، جميلة رزقي، سعيد نعام...