لا تلوموا دموعي

خضر محمد أبو جحجوح

(بعد عامين على فراق أبي الحبيب)

خضر محمد أبو جحجوح

مخيم النصيرات/ غزة

عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين

عضو رابطة أدباء الشام

[email protected]

بعد عامين على فراق أبي الحبيب رحمه الله تعالى، أقر وأعترف بأني أعيش أقسى لحظات اليتم يتما أشد من يتم طفولتي .. فلا تلوموا دمعتي...

من بعدك يا أبتي يذبحني الحزن وتسكنني الوحدة والهمّ

ويطاردني موت مزرق الأنياب

وأطارده كي ألحق ركب الأحبابْ

يا أبتاهْ

قلبي - لو يدري الناسُ- جريحُ

أضحك أحيانا وأمازحهم

لكني مذبوحُ

عمري التائه عصفورٌ ترديه الريحُ

وجناحاي كسيرانِ، تهاويت على السفحِ

وعلى كتفي أكوام من صخر القمةِ تتحدر في جرحيِ

ودمي ملحي

ما عدت قويا يا أبتي كي أصعد للقمَّةِ وأمدَّ حبالي

كي أربط من بعدكَ أحزمة الأحلام بآمالي

وأشدّ قلاعي وأعاود ترحالي

فرجالي في اليم تقاذفهم إعصارُ

وسفيني انكسرت

ما كانت قبل اليوم لتنهارا

ودموعي ما كانت قبل الآن لتجريَ أنهارا

كم كنتَ تحبُّ البحر وتصحب رمل الشاطئ كلّ صباح

كي تمنحني حب الكون، وتسقيني الطيبة

وتعلم هذا الظبيّ النافرَ في كبدي كيف يحب حبيبهْ

ويعبئ من ماء الصبر جرارا

ويخبئ في عينيه الأسرارا..

آه يا أبتي كم أحببتُ البحر لأنك أحببت البحرا

واليوم يسائلني البحر حزينا ملهوفا

ما سر اللهفة في عينيك؟!

يا بحرُ اشتاقت عيني لعينيهِ

ويديّ انتظرت رعشة كفيهِ

ويسألني الرمل وشجر العنب وأثل الوادي

وتسائلني الحيرة في أعين أولادي

ما بالك تذوي كالزنبق

وذووك حواليك يعودونك، ويسامرك الأصحاب!!

وجموعُ الأحبابْ..

وأجيب بغير جوابْ

[أين الأحبابُ؟

وأين الأهلُ؟

وأين الأصحاب؟

إنَّ الدنيا يا أولادي تضحك من حولي،

لكني منذ فراق حبيبي ضاعت مني نفسي في اليمْ

وانقلب الضحك بجب الهمْ]

فجراحي يا أبتي تترقرقْ

وبعينيَّ يعشش سِمانٌ ويبيضُ سنونو

كم كنت أحبك واليوم أحبك يا أبتي أكثرْ