وداعا أبا سميح

clip_image002_eda54.jpg

اختطف الموت هذا اليوم الجمعة الحاج علي محمد علي عويسات "أبو سميح" عن عمر يناهز الثمانين عاما، ومع أنّ الموت حق و"كلّ نفس ذائقة الموت" إلا أنّ غياب أبي سميح ليس بالأمر الهيّن على كل من عرف الرّجل.

عرفت الرّاحل منذ نعومة أظفاري، عرفت فيه كلّ الصّفات الحسنة، فالرّجل معطاء، كريم، أصيل، قليل الكلام، يختار كلماته بعناية خاصّة، وهو وجه من وجوه الاصلاح النّقيّة، ليس في بلدته عرب السّواحرة، بل تعدّاها إلى المنطقة جميعها، احترم نفسه في علاقاته مع الآخرين، احترم الصّغير قبل الكبير، والفقير قبل الأمير، فبادلوه احتراما باحترام وحبّا بحبّ، بيته كان مفتوحا لمن يطلب النّصيحة، فلم يبخل بها على أحد، يقول الحق بجرأة متناهية حتّى ولو كان على أقرب النّاس إليه.

شارك الآخرين أفراحهم وأتراحهم. كان ناشطا في لجنة أهالي الأسرى، شارك في مختلف الاعتصامات والاحتجاجات مطالبا بحقوق الأسرى وتحريرهم ومتضامنا معهم، وكانت تجربته مع الأسر مريرة، فقد قضى ابنه توفيق ثمانية عشر عاما في الأسر، تنقّل خلالها في أكثر من سجن، وتنقّل الفقيد معه يزوره باستمرار، تعرّف خلالها على آلاف الأسرى وذويهم، فربطته بهم علاقات انسانيّة متميّزة.

قليلون هم من يعرفون أنّ أبا سميح نفسه قد ذاق مرارة الأسر في بداية الاحتلال، وأمضى ستّة أشهر خلف الأبواب المغلقة.

رحيل أبي سميح لا يشكّل خسارة لذويه فحسب، بل هو خسارة لأبناء بلدته جميعهم، ولكلّ من عرفه.

أبو سميح جذر من جذور الزّيتون القديمة التي "يكاد زيتها يضيء" فقد كان منارة يهتدي بها تائهون كثيرون.

فجعنا بموتك يا أبا سميح، فبكتك القلوب قبل العيون، ووالله "إنا لموتك لمحزونون" فإلى جنّات الخلود أيّها الشّامخ الذي لم ينحن إلا لله.

فالعزاء لأنجالك ولعائلتك ولنا جميعا. وسبحان قاهر العباد بالموت.

وسوم: العدد 728