منوعات روحية 878

في ظِلالِ آيّة

﴿وَجَزاهُم بِما صَبَروا جَنَّةً وَحَريرًا﴾ [ ٱلانسان ]

ألا تكفيكَ هذهِ ٱلبُشرىٰ لتصبِرَ علىٰ هذه الفانية بما فيها، لتصبِر على الهمّ والغمّ، علىٰ الجوعِ والفَقر، على الفقدِ والخسارَة، على الوحدَةِ والشّوق، على كلِّ ما فيها !

انفُض غبارَ اليأسِ عن روحِك ، وعدْ للهِ مكبّرًا لِيزولَ همّک؛ ٱنفُض غبارَ الأسىٰ وٱلحَزن، فاللّٰه لقلبِك حافظ !

ٱنفُض غبارَ ٱلألم فٱللّٰهُ يرعاكَ ~

********************************************

نتساءل أحيانا ؟!!

هل مهمتنا في هذه الحياة تأدية العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج فقط ؟؟؟

كما ورد في قول الله سبحانه وتعالى

في سورة الذاريات :

(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))

الجواب عن هذا السؤال هو:

إنَّ أقصى وقت لأداء فرائض الصلوات اليومية لا تتجاوز مدتها ساعة واحدة أي 5% من مجموعات ساعات اليوم ..

وصيام شهر رمضان يعادل 8.5 % من مجموع شهور السنة ..

والزكاة تدفع لـمن يملك النصاب فقط مرة كل عام

وكذلك الحج مرة في العمر لـمن استطاع إليه سبيلاً ..

فالعبادة ليس تأدية تلك الفرائض فقط ولكنها هي أساس الإسلام وأركانه التي لا يقوم إلا بها..

والتي هي شرط لقبول العبادات التعاملية التالية :

*أنت في عبادة ..*

عندما تساعد الاخرين

*أنت في عبادة ..*

عندما تطعم الـمسكين

*أنت  في عبادة ..*

عندما تصل أرحامك وتبرّ الوالدين

*أنت في عبادة ..*

عندما تؤدي الأمانة وحقوق الآخرين

*أنت في عبادة ..*

عندما تكف لسانك عن الكلام البذيء

*أنت في عبادة ..*

عندما تبتسم في وجوه الناس ..

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون لطيفاً في تعاملك مع أهلك

*أنت في عبادة ..*

عندما تكتم غيظك

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون سمحاً في بيعك وشرائك

*أنت في عبادة ..*

عندما ترفض الرشوة

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون حليماً صبوراً

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون متواضعاً

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون صادقاً

*أنت في عبادة ..*

عندما تكون نظيفاً في بيتك

ومكان عملك وشارعك ..

وإذا كنت موظفاً مسؤولاً ..

فأنت في عبادة عظيمة ..

عندما  تُصلح  وتُتقن  وتُحسن ..

هذه العبادات التعاملية هي التي تجعل الآخرين بإذن الله يدخلون في دين الله أفواجاً

   

  فالعبادة مفهوم واسع وشامل لكل ما يحبه ويرضاه من اﻷقوال واﻷفعال الظاهرة والباطنة .

********************************************

توفي اﻷستاذ / عبد الله بن محمد الداوود دماغياً منذ 15 سنة .. فماذا حصل ؟

هذه زوجته تحكي قصة زوجها عام 1415هـ فتقول :

كان زوجي شاباً يافعاً مليئا بالحيوية والنشاط وسيماً جسيماً ذا دين وخلق وبر بوالديه ..

تزوجني في عام 1390هـ . وسكنت معه في بيت والده كعادة الأسر السعودية .. ورأيت من بره بوالديه ما جعلني أتعجب منه وأحمد الله أن رزقني هذا الزوج ..

رزقنا ببنت بعد زواجنا بعام واحد . ثم انتقل عمله إلى المنطقة الشرقية . فكان يذهب لعمله أسبوعاً ويمكث عندنا أسبوعا .. حتى أتت عليه ثلاث سنين وبلغت ابنتي أربع سنين ..

حتى كان اليوم التاسع من شهر رمضان من عام 1395هـ وهو في طريقه إلينا في الرياض إذ تعرض لحادث حركة وانقلاب ..

أدخل على إثرها المستشفى .. ودخل في غيبوبة ..

أعلن بعدها الدكاترة المختصين المعالجين له وفاته دماغيا وتلف مانسبته 95% من خلايا المخ ..

كانت الواقعة أليمة جدا علينا وخاصة على أبويه المسنين ..

ويزيدني حرقة أسئلة ابنتنا

( أسماء ) عن والدها الذي شغفت به شغفا كبيرا وهو الذي وعدها بلعبة تحبها ..

كنا نتناوب على زيارته يوميا .. ولا زال على حاله لم يتغير منه شيء..

بعد فترة خمس سنين أشار علي بعضهم بأن أطلب الطلاق  منه بواسطة المحكمة .. بحكم وفاته دماغيا وأنه ميئوس منه .. وقد أفتى بعض المشائخ لي بجواز الطلاق في حالة صحة وفاته دماغيا ً..

ولكنني رفضت ذلك الأمر رفضا قاطعا .. ولن أطلب الطلاق طالما أنه موجود على ظهر الأرض ، فإما أن يدفن كباقي الموتى أو أن يتركوه لي حتى يفعل الله به ما يشاء ..

فجعلت اهتمامي لابنتي الصغيرة وأدخلتها مدارس تحفيظ القرآن.. حتى حفظت كتاب الله كاملا وهي لا تكاد تتجاوز العاشرة ..

وقد أخبرتها فيما بعد بخبر والدها.. فهي لا تفتؤ تذكره حيناً بالبكاء وحينا بالصمت..

وقد كانت ابنتي ذات دين فكانت تصلي كل فرض بوقته .. وتصلي آخر الليل .. وهي لم تبلغ السابعة..

فأحمد الله أن وفقني لتربيتها كما هي جدتها رحمها الله التي كانت قريبة منها جدا وكذلك جدها رحمه الله ..

وكانت تذهب معي لرؤية والدها وتقرأ عليه بين الحين والآخر وتتصدق عنه..

وفي يوم من أيام سنة 1410ه. قالت لي : يا أماه اتركيني عند أبي سأنام عنده الليلة .. وبعد تردد وافقت.

فتقول ابنتي : جلست بجانب أبي أقرأ سورة البقرة حتى ختمتها .. ثم غلبني النعاس فنمت ..

فوجدت كأن ابتسامة علت محياي. واطمأن قلبي لذلك ..

فقمت من نومي وتوضأت وصليت ماشاء الله أن أصلي ..

ثم غلبني النعاس مرة أخرى وأنا في مصلاي ..

وكأن واحداً يقول لي : انهضي ..كيف تنامين والرحمن يقظان ؟

كيف وهذه ساعة الإجابة التي لا يرد الله عبدا فيها ؟..

فنهضت كأنما تذكرت شيئا غائباً عني ..

فرفعت يدي ونظرت إلى أبي وعيناي مغرورقتان بالدموع ..

وقلت : يا إلهي يا حي يا قيوم يا عظيم يا جبار يا كبير يا متعال يا رحمن يا رحيم .. هذا والدي عبد من عبادك أصابته الضراء فصبرنا.. وحمدناك وآمنا بما قضيته له..

اللهم إنه تحت مشيئتك ورحمتك.. اللهم يامن شفيت أيوب من بلواه. ورددت موسى لإمه ..

وأنجيت يونس في بطن الحوت .. وجعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم ..

أشف أبي مما حل به..

اللهم إنهم زعموا أنه ميئوس منه. اللهم لك القدرة والعظمة..

فالطف به وارفع البأس عنه.

ثم غلبتني عيناي .. ونمت قبيل الفجر ..

فإذ بصوت خافت يناديني :

من أنت ؟ وماذا تفعلين هنا ؟

فنهضت على الصوت .. التفت يمينا وشمال . لا أرى أحدا ..

ثم كررها الثانية ..

فإذا بصاحب الصوت أبي ..

فما تمالكت نفسي .. إلا أن قمت واحتضنته فرحة مسرورة ..

وهو يبعدني عنه .. ويستغفر .. ويقول : اتقي الله لا تحلين لي .. فأقول له : أنا ابنتك أسماء .. فسكت ...

وخرجت إلى الأطباء أخبرهم ..  فأتوا ولما رأوه تعجبوا ..

فقال الدكتور الأمريكي بلكنة عربية متكسرة : سبحان الله ..

وقال آخر مصري : سبحان من يحيي العظام وهي رميم ..

وأبي لا يعلم ما الخبر .. حتى أخبرناه بذلك ..

فبكى وقال : فالله خير حافظا .. والله ما أذكر إلا أنني قبيل الحادث نويت أن أتوقف لصلاة الضحى .. فلا أدري أصليتها أم لا ؟ 

تقول الزوجة : فرجع إلينا أبو أسماء كما عهدته .. وقد قارب الـ46 عاما ..

ورزقت منه بولد .. ولله الحمد يخطو في السنة الثانية من عمره.. فسبحان الله الذي رده لي بعد 15 عاما .. وحفظ له ابنته..

ووفقني للوفاء به .. وحسن الإخلاص له حتى وهو مغيب عن الدنيا ..

فلا تتركوا الدعاء .. فالدعاء يرد القضاء ..

ومن حفظ الله حفظه الله.

ولاتنسوا البر بوالديكم..

ولنعلم أن الله عز وجل بيده تصريف الأمور .. وتقديرها وليس لأحد سواه فعل ذلك ..

هذه قصة للعبرة لعل الله أن ينفع بها من ضاقت به السبل .. وعظمت عليه الكرب .. وأقفلت من دونه الأبواب .. وتقطعت به أسباب النجاه.

فاقرع باب السماء بالدعاء .. واستيقن بالإجابة ..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..

لا تيأس .. ما دام ربك الله ..

فقط أرسل الدعوات وغلفها بحسن الظن بالله سبحانه وتيقن بقرب الفرج والإجابة.               

وسوم: العدد 878