خواطر فؤاد البنا 799

كان المصطفى محمد سحابةَ رحمةٍ تَهطل على سائر الكائنات فتمنحها الحياة، فقد أحيا برحمته قلوباً قاسية وأيقظ نفوساً سادرة، حيث ثبت على سبيل المثال أنه أطال الصلاة من أجل طفلٍ اعْتَلى ظهرَه الشريف وهو يصلي بالناس، وأسرع بصلاته بالناس حينما سمع طفلاً يبكي، هذا مع أن الصلاة عمود الدين، وكان يتغير لونه في الصلاة وينصرف عن أصحابه كأنه لا يعرفهم!*

*ولقد جعل سَقْي كلب ظمآن معراجاً يرتقي بصاحبه إلى أعالي الجنة، مقابل سقوط امرأة في مهاوي النار؛ لأنها حبست قطّة دون طعامها، هذا رغم أنه وصف الجنة بأنها سلعة الله الغالية!!*

**********************************

لا يَزال علماءُ السُّوء يُروِّضون الجماهير الغافلة لصالح الفراعنة، مستخدمين الدين كأفيون لتخدير المظلومين، حيث يُقنعونهم بأن الحاكم إنما هو (صوت الله) الذي ينبغي الإنصات له بخشوع وتطبيق توجيهاته بصرامة، وهو (سَوط الله) الذي يؤدِّب به من حاد عن صراطه ولم يَنفذ مشيئته، وعليه فإن الحاكم بريئٌ من الدّماء التي سفَكَها والأعراض التي اغتصبها، وغير مسؤول عن  الأموال التي سلبها والحقوق التي صادرها!!

**********************************

حبيبي يا رسول الله، لقد أدخلك معظم المسلمين في قلوبهم وأخرجوك من عقولهم، اقتربوا منك بعواطفهم وابتعدوا عنك بسلوكياتهم!

**********************************

إن (انْكسارَك) في باب الله هو (إكْسير) حياتك النفيس، حيث سيَجبُر كَسْرَك، ويُداوي جروحَك، ويقوي ضعفَك، ويُؤنِس وحشتَك!

**********************************

لا تَغْتَرّوا بالمظاهر فإن الأفاعي تُغيِّر جلودَها لكنها لا تغير طبائعها العدوانية ولا تَكُفّ عن بث سمومها، ولا تزال التماسيح تذرف الدموع لكنها لا تبكي إلا على ما فاتها من صيد، والأُسُود تبتسم في وجوه غيرها ولكن فرحاً بفرائسها الجديدة!

**********************************

تضيع قيمة النقد بين أهل التطرف وأصحاب الجحود، فهناك من يُسرفون في النقد حتى أنهم لو رأوا الملائكة عن قرب لقالوا فيها ما لم يقله مالكٌ في الخمر، وفي المقابل هناك أناسٌ يَرضخون للقَوي كيفما كان حتى لو ظهرت لهم الشياطين في مقام القوة لأضْفوا عليها صفات الملائكة!

**********************************

ينبغي أن يتكامل الفكر والحركة، فالفكر هو سِكَّة الحديد والحركة هي القطار الذي يسير عليها، وبدون ذلك سيبقى الناس واقفين في تخلفهم!

وسوم: العدد 799