المصالحة الفلسطينية ... مختلفون على ماذا

المصالحة الفلسطينية ... مختلفون على ماذا ؟؟

أسعد العزوني

[email protected]

فجأة وبدون مقدمات  سوى التأكد للمرة المليون من فشل وعقم المفاوضات مع الاسرائيليين ،  فطنت القيادة الفلسطينية العتيدة أنه يتوجب انجاز ملف المصالحة الفلسطينية ، ولكن لم يقل لنا أحد عن كيفية تحقيق المصالحة بين السلطة في رام الله وحماس في غزة مع  أن كليهما لا يمارسان المقاومة لا المسلحة ولا غير ذلك ، فالسلطة تمنع أي تجاه مقاوم ضد اسرائيل ، بل انها لا تمنع الجيش الاسرائيلي من اعتقال عشرات الفلسطينيين في الضفة يوميا أو قتل البعض ، وحماس أيضا تمنع كل اتجاه مقاوم ضد اسرائيل في غزة  وتعتقل كوادر حركة الجهاد وتضعهم في السجون وتطلق النار على " ركب " من لم تتمكن من اعتقاله .وسؤالي هنا : ما دام الأمر على هذا الحال ، فلماذا الخلاف اذا ؟

قام البعض سابقا بتوصيف الخلاف على الساحة الفلسطينية بأنه بين نهجين الأول مقاوم وهو امارة غزة والثاني مساوم وهو امارة رام الله ، وصدق من صدق وكذب من كذب  وكنت من المكذبين لأن النهج المقاوم لا يشارك في نتوؤات اوسلو ويشكل حكومة من أولى مهامها التنسيق والاتصال مع الأعداء 9 ومن يدعمهم !

لقد أشغل المختلفون على ماذا ؟ الاقليم وحتى العالم في خلافاتهم ، وتحرك قطار المصالحة من غزة حتى ماليزيا مرورا بالقاهرة ودمشق والدوحة ومكة وحتى الباكستان ، وجرى توقيع اتفاقيات مصالحة اهمها وأجرأها على  الله ثم على الشعب الفلسطيني هو اتفاق مكة التي وقع تحت أستار الكعبة وأشهد الموقعون الله على صدق نواياهم ، لكنهم نكثوا عهودهم حت قبل مغادرتهم بيت الله الحرام لأن الأمور تؤخذ بالنوايا .

أما الدوحة فقد شهدت هي الأخرى جولات عديدة من اجل الجمع بين الشقيقين المختلفين على ماذا ؟؟ لكن النتيجة لا شىء لأن الأجندتين مختلفتين ، وبلغة الرياضيات نقول انهما خطان متوازيان لن يلتقيا الا بمشيئة من صنع الخلاف لأن الأمر  يتعلق بالمختلفين على ماذا ؟وما هو مناط بهم.

ما جرى على الساحة الفلسطينية لم يكن خلافا لا يفسد للود قضية ، بل فعل  اجرام انغمس في الدم الفلسطيني ، لأنه وصل الى مرحلة الاحتراب والانقسام والارتهان للأعداء في آن واحد ، ونزع عن القضية الفلسطينية قداستها ومع ذلك ما يزال  المختلفون على ماذا ؟ بعضهم يخطب من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكيل التهم جزافا  وعكس ذلك  ، الآخر يسرح ويمرح في المحافل الدولية يهدد ويتوعد بينما الشعب الفلسطيني الصامد المكافح غارق في همومه ودماء أبنائه ومنشغل في تشييع شهدائه ولملمة حطب اشجاره المثمرة التى يقطعها قطعان المستوطنين الهائجين والذين وصل الأمر بهم الى المساجد لحرقها وحرق المصاحف المشرفة ، علما  أن وزاة اوقاف السلطة ووزيرها العتيد اكتشف ان صوت الأذان في المساجد او قراءة القرآن  فيها عبر المايكروفون ( بدعة) ما انزل الله بها م سلطان ولم يمارسها المسلمون ابان عهد الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم) .

الانقسام  الحاصل بين المختلفين على ماذا ؟؟ تحول الى سلاح بيد صانعه وقامت اسرائيل بتسويقه للمجتمع الدولي وقالت : انظروا فان الفلسطينيين غير متفقين مع بعضهم البعض ، وهم يقتلون بعضهم بعضا ، ولذلك فانهم لا يستحقون دولة ؟!!

منذ الانقسام البغيض والدعوات لا صلاح ذات البين قائمة ، لكن المختلفين  على ماذا ؟ كانوا يضعون  شروطهم التعجيزية ، واعترف رئيس السلطة محمود عباس قبل ايام في عمان امام اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني أن امريكا وضعت فيتو على المصالحة ، ويقال ان الطرف الآخر من المختلفين على ماذا ؟ غير مسموح له بالتصالح مع الآخر ، ويقال ان طهران وجهت لعباس الدعوة لزيارتها مرات عديدة ولكنه لم يلبي ايا من هذه الدعوات ، وأن طهران  عاتبة جدا عليه .

مر الانقسام الدامي بين المختلفين على ماذا ؟بالعديد من المراحل  الدامية ، اذ اشترط وما يزال احد الأطراف يشترط عودة غزة  الى حضن السلطة ( الدافىء ) وقامت اسرائيل أواخر عام   2008بحرب بالوكالة عليها لهدفين الأول : الهرب من اتفاق السلام مع سوريا التى توصلت اليه تركيا بين الطرفين في المفاوضات غير المباشرة التى استمرت ثلاثة اشهر في انقرة ، اما الهدف الثاني فهو ( تحرير ) غزة واعادتها للسلطة كي يتوحد الصف الفلسطيني ويعمل المختلفون على ماذا ؟ معا وعلنا ، لكن الهدف الثاني لم يتحقق لأن اسرائيل عند مواجهة الشعوب لا تفلح ابدا .

وجاء تقرير غولد ستون اليهودي وما يزال ملفه مفتوحا وعمق المختلفون على ماذا ؟ خلافاتهم ثم برزت المفاوضات بشقيها التقريبية والمباشرة وانتهت دون ان تتنازل اسرائيل او يكسب قادة السلطة شيئا ، لأنه قيل لعباس ذات تفاوض : من تمثل ؟ هل تمثل غزة ؟

 منذ عام والحديث يدور حول ما يسمى بالورقة المصرية ولعل تكاليف سفر القائمين عليها والمعنيين  بها فاقت كل التوقعات ولم   يتفق المختلفون على ماذا ؟؟ عليها لكن قيادة السلطة وقعت عليها بعجرها وبجرها .

واعترف عباس قبل أيام ان الأمريكيين هددوه العام الماضي  بالحصار ان وقع الورقة المصرية لكنه شرب حليب (الأسود) وخالف الأوامر تماما كما فعل عندما طلب منه ديك تشيني عدم المشاركة في قمة دمشق العربية السابقة مقابل دعم الميزانية ، لكنه رفض الأوامر  وطار الى دمشق ؟!وهذا ما قاله أمام اعضاء المجلس الوطني المقيمين في عمان قبل أيام.

النكتة السمجة أن فشل المفاوضات فتح باب المصالحة  التى لن تحدث ما دام المختلفين على ماذا ؟ في مواقعهم ، والنكتة الأسمج فهي قيام 12 فصيلا مسلحا في غزة مؤخرا باستعراض مسلح واطلاق التهديدات يمنه ويسرة ، وسؤالي الذي به اختم مادام الأمر كذلك فلماذا أصبحت غزة جزءا من المحيط المتجمد الشمالي مع ان السلطة ليست هناك ؟

" ليس كل ما يعرف يقال ولكن الحقيقة تطل برأسها "؟!