غزة والرقة تغرقان في الظلام

أحمد مولود الطيار

غزة والرقة تغرقان في الظلام

إلى ضحايا الاعتداءات الأخيرة: سميرنشار، طلال أبو دان، محمد حجي الدرويش وإبراهيم ملكي

أحمد مولود الطيار

[email protected]

لا جديد في " قضية "انقطاع التيار الكهربائي ، فالـ"تنوير" الآتي اليك من " مولدات " النظام السوري لا أمل يرتجى منه. فلقد كتب الكثير من مقالات وتحليلات واحصاءات في محاولة معرفة الأسباب العتيدة لانقطاع التيار الكهربائي عن سوريا منذ الصيف الحار الماضي  ولا بصيص ضوء في نهاية النفق ، وبما أن الأزمة لا تزال تلقي بثقلها حتى الآن ونحن في ظل شتاء سيبيري يجمد المفاصل والأعضاء ، يعود الحديث عن تلك القضية شاغلة السوريين في ظل تزامنها مع ما يجري في غزة واغراق المحتل الاسرائيلي لها في ظلام دامس .

تطالعك الصحف السورية الثلاث وبالمانشيت العريض " اسرائيل تغرق غزة في الظلام " والعنوان لصحيفة الثورة السورية على صدر صفحتها الأولى يوم الاثنين  21/1/2008.

ما الغريب في الأمر؟  اسرائيل عدو وغزة تعيش  في ظل احتلال لا يراعي لا حرمة ولا منطق. اسرائيل دولة قامت على قهر واذلال ليس غزة فقط وانما العرب جميعهم من محيطهم الهادر الى خليجهم الثائر. غزة بالمليون والنصف من سكانها وبآلافها الخمسة من الكيلو مترات  تعيش ومنذ عقود عنجهية المحتل.

اذن ما الغرابة في الأمر؟  ! هل تتوقع  " الثورة " وشقيقاتها (المنغوليات) " البعث " و " تشرين " عدوا يرأف بمن يحتل؟! هل هناك عدو ذو قبضة مخملية وعدو آخر ذو قبضة حديدية؟!

العدو هو العدو ولا جديد أيضا هنا ونفسر الماء بالماء ، وأغرق في مثالنا هنا ليس " الغزاويون " فقط وانما كل الفلسطينيين بالظلام والفقر والقهر والجوع.....الخ الخ

لا تجوز بالطبع المقارنة بين ابن البلد والمحتل ، وتلك اشارة لافتة  التقطها أحد الكتاب السوريين أظنه الدكتور عبد الرزاق عيد وذلك في معرض انتقاد النظام السوري للولايات المتحدة الأمريكية وسياسة الكيل بمكيالين وأن معاييرها مزدوجة  عندما تشهر بسجل حقوق الانسان  في سوريا وتغض الطرف عن انتهاكات اسرائيل في الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة .

قلنا لا نقارن بين ابن البلد الذي هو من ظهرانينا ومن لحمنا ودمنا ، وبين عدو يغتصب أرضا وعرضا وانما النظام السوري  هو من يستبطن ذلك في لاوعيه ويطبّ ويقع أسير المقارنة  عندما يردّ بلا وعي على " ازدواجية المعايير لدى الولايات المتحدة " ويطابق بين سجونه وسجون الاحتلال متناسيا ومتجاهلا بغباء مطلق ، أن اسرائيل  اذ تسجن وتقمع وتقهر وتقتل وتشرد وتنسف وتدمر انما تفعل ذلك فهي تمارس ما تمارس ضد شعب هو ليس شعبها  ضد شعب  تدرك  انها سلطة احتلال  مدفوعة أمام رأيها العام  الاسرائيلي  متذرعة بحمايته.

أما فداء الحوراني  فهي ابنة مؤسس " العربي الاشتراكي " الشريك المؤسس ل" حزب البعث العربي الاشتراكي ".

وميشيل كيلو هو المفكر القومي  بامتياز.

وعارف دليلة  واضع  الحلول الحقيقية للخروج بالاقتصاد السوري من محنته.

والأكثر أهمية ، المجتمع السوري بأغلبيته المطلقة ، من يضعه الآن تحت خط الفقر وانعدام الكرامة والمكانة؟ !!

ومن يتركه فريسة سهلة لحيتان المافيات وجهابذة الفساد؟ !!

وأخيرا وليس أخرا يبدع نظام الزنازين والمعتقلات  براءة اختراع جديدة يضيفها الى سجل انتهاكاته  لحرمات الناس والبشر ، فلقد أقدم بلطجيته  في مدينة حلب  على احراق وتدمير مخبر وسيارة الكيميائي محمد حجي الدرويش ومرسم الفنان التشكيلي المبدع طلال أبو دان  وسيارة كل من رجل الأعمال والوجه البارز في محافظة حلب الأستاذ سمير نشار بالقاء مادة حارقة عليها كذلك سيارة المحامي والناشط ابراهيم ملكي  وقد قدرت خسائر النشطاء الأربعة حتى لحظة كتابة هذا المقال بثلاثة الى أربعة مليون ليرة سورية  !!

ماذا فعل الأربعة؟  ذنبهم الوحيد ، حضورهم  اجتماع " المجلس الوطني في اعلان دمشق " ذنبهم أنهم حضروا اجتماعا علنيا في قلب دمشق طالبوا فيه " بالتغيير السلمي الديموقراطي المتدرج " و " حماية سوريا من الأخطار الداخلية والخارجية  التي باتت تهدد السلامة الوطنية " و على " تجنيب البلاد المرور بآلام مرت وتمر بها بلدان شقيقة مجاورة لنا كالعراق ولبنان وفلسطين ". ذنبهم أنهم طالبوا ب " الحفاظ على السيادة الوطنية وحماية البلاد وسلامتها واستعادة الجولان من الاحتلال الاسرائيلي ".

ذنبهم  أنهم قالوا ب " تحصين البلاد من خطر العدوان الصهيوني المدعوم من الادارات الأمريكية والتدخل العسكري الخارجي والوقوف حاجزا منيعا أمام مشاريع الهيمنة والاحتلال وسياسات الحصار الاقتصادي ".

عودة أخيرة الى موضوع انقطاع التيار الكهربائي في الرقة وباقي المدن والبلدات السورية  ، من الجدير بالملاحظة ذكره هنا أن السبب في اغراق غزة بالظلام عائد هنا خلا الأسياب السياسية  والتي لايختص هذا المقال بسردها عائد بسببه المباشر الى التأخر في امداد  محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بالوقود ولا شك أن التأخير هنا مبيت ومقصود. فيما يتعلق بالرقة ولمن لا يعرف موقعها الجغرافي ، فهي تقع في الشمال الشرقي من سوريا على الضفة اليسرى لنهر الفرات ولا تبعد سوى خمسين كيلو مترا عن ثاني أكبر سد في الوطن العربي هو سد الفرات. ترى – تساؤلنا وحلمنا هنا  مشروع -  لماذا بتنا نحلم بكهرباء بلا انقطاع ونحن في موقع جغرافي وخيرات تحسدنا عليها دول كثيرة؟ ؟