حول القرار الأممي 2401 بوقف النار الفوري في سورية

زهير سالم*

ما بعد القرار على الأرض ظل كما قبله

بعد سنوات متطاولة من الانفراد بالشعب السوري من قبل قوى دولية وإقليمية ، تقتله بكل أنواع الأسلحة ، وترتكب بحقه كل جرائم الحرب ، بدأً بما يجري في المعتقلات والسجون من انتهاكات ، وانتهاء بالمدن والبلدات المحاصرة ، التي تحولت هي الأخرى إلى معتقلات وسجون مفتوحة ، تمارس فيها على الهواء مباشرة كل الجرائم ضد الإنسانية ، وتخترق فيها كل حقوق الإنسان ، وينضم إلى القصف والقتل والاستهداف للمستشفيات والنقاط الطبية ، الحصار والتجويع والحرمان من الغذاء والدواء ؛ اتخذ مجلس الأمن مساء السبت 24 / 2 / 2018 قراره 2401 ، الذي ولد ولادة قيصرية عسيرة بعد سلسلة من الفيتوات الروسية التي ظلت خلال سنوات تعمل على محورين : الأول : التغطية على الجريمة الدولية المتواطَئ عليها ضد الشعب السوري . وإعطاء ما يسمى بالمجتمع الدولي ( العذر المحل ) إزاء صمته على أفظع حرب إبادة طائفية يشهدها العالم في تاريخه الحديث

ثم حماية القاتل المجرم ، وتمكينه ، للتستر خلفه في سعي الروس الجاد إلى احتلال سورية : استراتيجيا ، وسياسيا ، وثقافيا واقتصاديا

وبعد عياط ومياط ، ووسط مشادات وضغوطات دولية صاخبة ، وتحت ضغط المنظمات والمؤسسات الدولية ، مستندة إلى عشرات الصور للأطفال والمدنيين المردومين التي تهز قلوبا من حجر ؛ تم بالأمس اتخاذ القرار الأممي المذكور

ولكن القرار الذي كثر النزاع حوله وعليه لم يتخذ إلا بعد أن أفرغه الروس من محتواه ، فولد ميتا لا قيمة ولا انعكاس إيجابي على أي صعيد . فالقرار الذي ينص على وقف النار ، وكشف الكربة عن المحاصرين ، مع الاحتفاظ بحق إطلاق النار على الإرهابيين وحصارهم وتجويعهم ، لا يعني الشعب السوريين ولا الأرض السورية !! فالإرهابيون حسب منطوق الإرهابي الأول في العالم بشار الأسد هم كل سورية قال له يوما اعتدل . وربما لا يكون هذا الاختراق الروسي أسوأ ما في القرار ، لأن بشار الأسد وعصابته المارقة ، والذين يجب أن نظل نرفض تسميته ، بالنظام السوري ، لم يلتزم في أي لحظة بأي قرار أو قانون دولي ، كما لم يلتزم بأي لحظة بقيمة إنسانية أو شيمة أخلاقية. لقد كان الأسوأ في القرار المفرغ من أي محتوى سياسي إيجابي ، أنه أعفى المجرم بوتين من الفيتو الثاني عشر على طريق إبادة السوريين . وتدمير بلادهم هل تعتقدون : أن الروس قد خدعوا الأمريكان ولفيفهم في لعبة الدبلوماسية ؟! وأن الأمريكان حين قبلوا التعديلات الروسية ، كانوا لا يدركون مراميها وأبعادها ؟! وما سيبنى عليها ؟! هل تعتقدون أن الأمريكان ولفيفهم كانوا أغبياء إلى هذا الحد ، وأن الدب الروسي قد تفوق بالذكاء السياسي عليهم ؟!

أو تعتقدون : أن الأمريكيين كانوا شركاء ومتواطئين في حرب الإبادة على السوريين.. وأن كل الذي جرى في مجلس الأمن لم يكن أكثر من ضجيج ، يشبه ضجيج أصحاب القلوب الجريحة تضمهم وقفة احتجاجية أمام السفارات الروسية ، الصماء ..؟أ ما بعد قرار مجلس الأمن على الأرض السورية ظل كما قبله ، فهل سيظل الذين طالما التحفوا عذر غياب قرار كما هو من قبل ، بلادة ولامبالاة وتواطؤ شرير مريب .. والأبلغ من ذلك هل سيظل موقف القوى والهيئات السياسية التي تصدت لتمثيل الشعب السوري وثورته بعد القرار كما هو قبله ؟

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية