في ذكرى المجزرة الرهيبة .. مجزرة سجن تدمر الصحراوي 27 -حزيران-1980

زهير سالم*

وستظل الجريمة حاضرة حتى تنتصب راية العدل

وسيظل المجرمون جميعا تحت قوس الإدانة حتى يتعلموا أنه لن يموت حق وراءه مطالب ، ولن يهدر دم يحمل عبئه وليم حميم ..

سجن تدمر الصحراوي فجر 27 / حزيران / 1980

وما زالت تدوي في مسامعنا أصوات التهليل والتكبير تختلط بأصوات رصاص القتلة المجرمين وقنابلهم وزعيق كفرهم ونعيق وعيدهم . ..

وما زالت شلالات الدم الذكي الطاهر تنبجس - أمام أعيننا - من الأجساد التي آلت ألا تركع إلا لله ..

وما زلنا نرى صور إخواننا ، أساتذتنا ، تلامذتنا ، أحبتنا تغادر عروجا ، تودعنا ببسمة وتلويحة يد حتى نكاد نتغشاهم : هذا إبراهيم ..وهذا مصطفى ..هذا عثمان ..وذاك عمر ..هذا أحمد ..وهذا محمد ..وهذا محمود ..

نسمع وصيتهم الواحدة الموحدة : أن قد قضينا ومضينا ، وبقي عليكم ما على المنتظرين ..فلا تبدلوا تبديلا

كل ولي دم في التاريخ يدفع عن دم أهله . ووراء كل محرقة أو هولكست في التاريخ ثمة طاغية وضحايا . وثمة جريمة تلطخ جبين إنسانية تتماهى معها أو تسكت عليها ، أو تتعامل مع أكابر مجرميها وأصاغرهم .

في كل هولكست ومحرقة هناك نمرود وهناك ذونواس وهناك فرعون وهامان وهناك هتلر وهناك موسوليني وهناك ستالين وهناك ميلوسوفيتش ، وهناك شارون ، وهناك حافظ الأسد ، وهناك أخوه وأخوه وهناك ابنه وابنه ..

وإن من ارتكاس إنسانية الإنسان إلى أسفل السافلين ، أن يعامل المجرمون بحسب هوية ضحاياهم ، فمجرم بطل ومجرم هتلر ، ومجرم يعاقب ومجرم يكافئ ؛ وكل من قتل مسلما في هذا العالم فمكافأته ما نرى ونسمع من أراكان إلى العراق إلى الشام إلى اليمن إلى ليبية إلى مصر وإلى فلسطين ...

أوليس هذا ما حصل ويحصل في سورية منذ نصف قرن في متوالية المجازر والمحارق التي لا حد لها في لولبية حركة الزمن السيء كل من فيه من أصحاب الادعاءات ؟! ويقولون إنه في سورية قد تكسرت النصال على النصال ..وغطى على الجرائم الأولى جرائم لواحق وعلى اللواحق لاحقات ولاحقات ولاحقات ..

ومن جرائم الأب إلى جرائم الولد ومن تل الزعتر إلى طرابلس إلى صبرا وشاتيلا ومن تدمر إلى حماة إلى جسر الشغور إلى حلب إلى حمص بدء وعود ، ثم عود على بدء ..ثم يستأنفون الجريمة كلما غرد هزار ..

يقولون في سورية ستظل نواعير الدم تدور ، ونقول وستظل منارات الدم تزهر ، حتي يبلغ العدل نصابه ، ويعرف الحق طريقه إلى حياة كل السوريين ..وإنه لعهد يقطعه على أنفسهم كل الأحرار .

أحبتنا ..شهداء اليوم الرهيب والجريمة السوداء ننادي عليكم في يوم عروجكم : لا والذي اصطفاكم فأكرمكم واتخذكم شهداء ، ما نسيناكم . ولن ينساكم شعب فديتم وجوده وكرامته وحريته بدمائكم التي ستظل منارا للأحرار والأبطال ..

أيها السوريون الأحرار الأبرار..

تذكروا أنه في صبيحة السابع والعشرين من حزيران من عام 1980 ، حطت طائرات أسدية مقيتة ، عند أسوار سجن تدمر ، وباشر جنود أسديون مقيتون مشحنون بالحقد والكراهية والجريمة ذبح ما يقرب من ألف إنسان أسير ..لم يكن لهم من ذنب إلا أنهم قالوا : ربنا الله ..

تذكروا أنه لا شيء يشبه حطيط تلك الطائرات بالأمس غير حطيط طائرات بوتين المجرم على مرابع الحرية في سورية مربعا ثم مربعا من حمص إلى حلب ومن حلب إلى الغوطة ومن الغوطة إلى حوران ..

أيها السوريون احفظوا ..

أيها الإخوان المسلمون ...تذكروا واحفظوا هذا ولا تنسوه ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية