حَماةُ.. يا حَماةَ الديار

د. عبد الله الطنطاوي

قبل سبعة وثلاثين عاماً، اقتحم جيش التتار (الأسدي) مدينة حماة، بعد أن قصفها الأخسّاء بأشد الأسلحة فتكاً، من الطيران، والصواريخ، والمدفعية الثقيلة، والدبابات الروسية الصنع وحديثة الصنع والتصدير إلى سورية العروبة والإسلام، يريد الروس الأخسّاء تجريبها على الشعب السوري، وعلى أرضه، وقصوره، وعلى بيوت الفقراء، وعلى الأسواق والأكشاك والآمنين الأبرياء في مدينة حماة الباسلة، كما فعلوا ويفعلون -أي الروس- وأذنابهم الطائفيون المحليون، الحاقدون أحقاداً تاريخية عميقة، القادمون من الخارج -بمعانيه المختلفة- من إيران، وأفغانستان، وباكستان، والعراق، ولبنان، أقول: كما فعل الروس في تجريب أكثر من مئتي سلاح حديث، لم يجربوه بعد، جاؤوا إلى سورية الأبية، وجربوه فيها، وقتلوا –باسم ذنبهم بشار وأتباعه البائسين التافهين- قتلوا مئات الآلاف في سائر المدن السورية وأريافها، ودمروا، وفعلوا ما لم يفعله سواهم في أعدائهم..

كل ذلك، وأضعافه والعرب يتفرجون، والديمقراطيون في أوروبا (الحرة) وأمريكا الأشد حرية وديمقراطية، وراعية (الحرية وحقوق الإنسان)، يتفرجون مرتاحين لانتصار عبدهم الذليل، على الشعب السوري الذي لا يعرفه وأتباعه، إلا أعداء دخلاء لا يمتون إليه بصلة..

 مرت سبع وثلاثون سنة على مجزرة العصر في حماة التي زاد ضحاياها على الستين ألفاً، ثم تلتها مجازر وكوارث ومآس ونكبات لن ينساها الشعب العربي السوري على مدى الزمان، لن ينسى المجرم الأب، ولن ينسى المجرم التافه الابن، ولن ينسى أعوانهما في الداخل، والخارج، من العرب والعجم، والأيام دول.. وسوف يرى الذين أعانوا النظام الطائفي الحقير في سورية.. النظام الذي استباح عروبة سورية وإسلامها، ومزق أرضها، وشعبها، وجعلها بواحا لكل من هب ودب، من أشرار العالم، الذين استباحوا كل شيء فيها، و(العرب) مرتاحون لما يجري فيها لأشقائهم –أشقاء قال- على أيدي أبالسة الأرض وشذّاذها.. سوف يرون ما لا يسرهم..

مرتاحون فيما يبدو وارتياحهم هذا حرك ضمائرهم التي وخزتهم لأنهم تركوا (الابن) التافه، وحيداً لا معين له من شرق وغرب.. فانطلقوا إليه تائبين منيبين معتذرين..

ما هكذا يكون التعامل مع ظئر العروبة والإسلام مع السوريين الأماجد، ومع السوريات الماجدات والدات الأبطال الميامين..

ورغمت أنوف كل من ساعد ويساعد الطائفيين الأنذال سراً وعلانية وسوف تبقى دمشق حرة أبية، عاصمة لسورية المقاتلة، رغم احتلالها من الأنذال الطائفيين، وأعوانهم القادمين من المجهول، من مرتزقة وحاقدين، ولا يغرنّ البلهاء والحمقى والمغفلين خسارة جولة في الثمانينيات، وأخرى في ثورة الحرية والكرامة، ثورة آذار 2011 وحتى اليوم، فالتاريخ يطوي صفحة ويفتح صفحة جديدة، ستكون حافلة بالبطولات...

وثورة الحرية والكرامة سوف تؤتي أكلها، والذين خذلوك -يا شعبنا العظيم- في ثورتك الأولى على المحتلين الطائفيين، قد أفاقوا من غفلتهم، وقدموا من التضحيات ما لم يقدمه شعب آخر في هذه الحقبة من الزمان..

ملايين المهاجرين، وأكثر من مليون شهيد، ومثله من الجرحى والمعوقين، ولم يأبه لكل المتآمرين عليه من العصابات الطائفية، إلى الدول (الكبرى) إلى من كنا نحسبهم في الأصدقاء، وإذا هم أعداء ألداء..

أبشري يا حماة

أبشري يا دمشق وحمص وحلب

أبشري يا لاذقية العرب والأحرار

أبشري يا حوران، ويا دير الزور، ويا رقة الرشيد، ويا منبج، ويا إدلب، وراس العين، ويا أخواتها، فالنصر قادم بإذن الله، والمستقبل لسورية المجد والتاريخ المجيد، وإن غداً لناظره قريب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..