حول زيارة الوفد الروسي متعدد الرؤوس إلى دمشق ...

زهير سالم*

وفد كبير ... وقضايا خطيرة ..والزمن المتاح عدة ساعات !!

وصل دمشق بالأمس 7/ 9/2020 على أكثر من دفعة ، وفد روسي متعدد الرؤوس ، كان على رأس إحدى الدفعات نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف . وكان على رأس الدفعة الثانية : سيرغي لافروف وزبر الخارجية ، الذي لم يزر سورية منذ 2012 ، وكان من المتوقع أن يكون في الوفد سيرغي شويغو وزير الدفاع ، ولكن قيل إن أمورا حجزته ، وهذا لم يمنع من وجود قيادات عسكرية ، واقتصادية ذات مكانة في الإدارة الروسية ، وبحيث نستطيع أن نوصف الزيارة بأنها ذات طبيعية دبلوماسية سياسية عسكرية اقتصادية ..

ونظرا لأن كل ما صدر عن المتحدثين الروس وغيرهم كان من قبيل ذر الرماد ، ونشر الضباب ، والتعويم والتعتيم فسنحاول معا أن نستجلي بعض الحقائق ، بحشد المعلومات الظرفية ، والقرائن الدالة عسانا ندرك معا بعض ما كان ..

 

إن أول دلالة ظرفية يمكن أن نشير إليها ، أن الرئيس بوتين يرسل هذا العدد من أذرعه الضاربة في شهر أيلول / سبتمبر ، وهو الشهر الذي احتلت فيه قواته العسكرية سورية في عام 2015 . أي أن هذه الزيارة تأتي وقد أتم الاحتلال الروسي لسورية عامه الخامس . نذكر فقط أن بوتين قد وقّت لمهمة قواته في سورية أولا ثلاثة أشهر فقط ، ثم مددها لسنة . وها هو يتم السنوات الخمس ولعله يخطط للبقاء لخمسين سنة . محطة السنوات الخمس كان لها دور في توقيت هذه الزيارة وفي ظرفيتها ، ولاسيما وأن الروس يؤمنون كثيرا بالخطط الخمسية .

ومن ثاني الأدلة الظرفية المهمة ..

أن الزيارة بهذا الحشد الكبير من الرؤوس والخبراء : دبلوماسيون وسياسيون وعسكريون واقتصاديون ..لم تستغرق سوى ساعات ..!! مما يؤكد أن هذه الساعات بما رافقها من برتوكولات وتنقلات ولقاءات " لقاء بشار ولقاء المعلم ومؤتمر صحفي " لا تتسع لإجراء أي مباحثات جادة وحقيقية على محور من المحاور ..

 فلوقت المعطى للزائرين والمستقبلين لا يكفي لإجراء مباحثات ومفاوضات وشرح شروح ، وإرساء تفاهمات .. وإنما هو الوقت الكافي ليقوم الفريق الزائر بتبليغ الأوامر والتعليمات والإلزامات للفريق المستضيف ..!! ولماذا لم يتم هذا التبليغ عن طريق الاتصالات ، فربما لإعطاء هذه الأوامر والتعليمات الجدية والحزم اللازمين ، حتى لا يتخلف متخلف ، ولا يراوغ مراوغ ..!!

من المقترنات المهمة بالزيارة أن نائب رئيس الوزراء الروسي "يوري بوريسوف " نزل مطار دمشق ، بزي غير رسمي ، وإنما بطريقة تذكرك أكثر بمن كنا نطلق عليهم في ثقافتنا الشعبية لقب : الجوكر أو المقشمر ، بنصف كم مع إبراز ظاهر للعضلات ، وكأنهم مصارع من الدرجة الرابعة يلتحق متأخرا بحلبة المصارعة . أنصح برؤية صورته المنشورة على العديد من المصادر ، وأهم دلالة دبلوماسية لرئيس الوفد الدبلوماسي الروسي ، أنه لا يعتبر نفسه حين ينزل مطار دمشق في زيارة لدولة أجنبية ذات سيادة ، عليه أن يتقيد عند زيارتها بقواعد البرتوكول ..بل هو يظن نفسه في الحديقة الخلفية لمنزله الشخصي ، والمضحك المبكي أنهم حين يحدثونك عن السيادة السورية يفتحون أفواههم ، والمواطن السوري - السوري لا يدخلها إلا بدفع مئة دولار !! المهاجر السوري في دول الجوار استحوز على بئر نفط وهم يريدون أن يشاركوه !!

ومن المقترنات الأكثر أهمية أيضا ..

أن وزير الخارجية وليد المعلم لم يخرج إلى المطار لاستقبال نظيره الروسي لافروف ، هل كان بينهما من قبل شيء ، فهذه أول زيارة للافروف إلى دمشق منذ ثماني سنوات ؟!! ..هل في هذا دلالة على أن الزمرة الأسدية تستقبل الضيوف الثقال على مضض ، وتحت عامل الإكراه ..؟!!! وهذا ما دفع وزير الخارجية لافروف إلى الإعراض عمليا عن مستقبله معاون وليد المعلم " أيمن سوسان " وأنه لا يلتفت إليه ..!!

ربما هذه الظروف المحيطة وهذه المقترنات العملية تشرح لنا بعض أهداف الزيارة .

ثم افعلوا بكل ما سمعتموه في الإعلام عن الزيارة ما يلي ؟

ارموا نصفه في البحر ..

وزعوا نصف النصف على من حولكم ..

تأملوا نصف النصف المتبقي فستدركون إن سر الزيارة تكمن فيما يريده الروس من الغنيمة السورية وهم يزعمون ، " أن سورية تدخل مرحلة الانتصار بفضل الدعم الروسي " " وأن السنوات الخمس القادمة هي سنوات جني الحصاد الذي تم بفضلهم " وأن الروس يريدون ثمن استمرار الدعم في المرحلة القادمة " " وقد تم في هذه الزيارة تحديد هذه الأثمان سياسيا وعسكريا واقتصاديا .. "

قال الروس: أسقطنا المرحلة الانتقالية ، ونحن ذاهبون إلى إصلاحات دستورية بموافقة الأمريكان .

قبل وليد المعلم بالشروط وقال : وإلى استفتاء على الدستور الجديد ، وإلى انتخابات الرئاسة في موعدها ...

وظن شرا ولا تسأل عن الخبر

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية