سيرجي شويغو : سورية ساحة تجريب وتدريب، وضباطنا وطيارونا بكفاءة أعلى

زهير سالم*

وهذه تصريحات يجب أن لا تنسى، إن تصريحات سيرجي شويغو الأحد 7/ 11/ 2021 يجب أن تكون من التصريحات المؤسِسة لكل التحاليل السياسية التي تكتب عن سورية، ورغم أنها في مضامينها معادة ومكرورة؛ إلا أنها تبقى أكثر جدة، وأكثر تحديدا، ولاسيما حين تنضم إليها تصريحات لبوتين سبقتها بأيام ..

ففي لقاء مع قناة روسية ( 1 ) مساء الأحد 7/ 11/ 2021 صرح سيرجي شويغو وزير الدفاع الروسي :

إن جميع القادة العسكريين الروس، وعلى جميع المستويات، قادة الكتائب والأفواج والألوية والفرق والجيوش، وكذا قادة المناطق العسكرية، قد شاركوا في قيادة العملية العسكرية في سورية، وعلى مستويات التخطيط والتنفيذ..

وأضاف: إن 90% من الطيارين العسكريين الروس، شاركوا في عمليات القصف الجوي في سورية فأصبح لديهم خبرات متطورة. وأوضح أن بعض الطيارين الروس قد نفذ نحو 400 طلعة جوية في سورية..

وأكد شويغو أن الجيش الروسي أصبح يتمتع بروح قتالية عالية، وأنه قد أصبح جيشا مختلفا تماما..

 

وقبل أيام صرح الرئيس بوتين: نفذنا 100 ألف طلعة جوية منذ 2015 في سورية، وأن الجيش الروسي أصبح أكثر قدرة على القيام بالعمليات، وصد الهجمات ضد الطائرات المسيرة ..

وسبق لوزير الدفاع الروسي شويغو في لقائه مع وزراء دفاع خمس دول من جنوب شرقي آسية، في 2017 أن اعترف أنهم جربوا في سورية نحو 700 سلاح استراتيجي، ثم تبع هذا التصريح تصريح آخر بتجريب نحو 350 سلاحا ..

أفق هذه التصريحات ودلالاتها !!

وهذه التصريحات التي تعتبر في بعض أبعادها اعترافات خطيرة، وقلما تورطت بها الدول، حفظا على صورتها وهيبتها، ينخرط فيها الروس بلا مبالاة مطلقة، وهم يرسلونها رسائل للعالم في أكثر من اتجاه..

أولا انخراط الروس في هذه التصريحات، هو على قاعدة من "أمن العقوبة أساء الأدب". فالروس المتوافقون مع بقية أشرار العالم على ارتكاب هذه الجريمة في سورية، لا يخافون من تبعة أن يعترفوا أنهم حولوا وطنا وشعبا إلى ساحة للحرب، السلاح للتجريب، والعسكري للتدريب!! وهذه ترسم أحد الأهداف الجانبية للحرب الروسية على الشعب السوري.

الروس وغير الروس لم يعودوا يقيمون وزنا للرأي العام الإنساني والدولي، في زمن أصبح فيه مثل بشار ألأسد يمثل الضمير العالمي في مؤسسات حقوق الإنسان، ومكافحة الاستعمار، وحماية الصحة العالمية!! قاتل الأطفال وبوكاسا الصبح والمساء يدافع عن صحة الأطفال..

لو بقي لدى القائمين على حقوق اإنسان في العالم ذرة ضمير لاستقالوا احتجاجا فاستراحوا وأراحوا فقط أما تصريحات شويغو أو حكايات بوتين..

وثانيا- ولهذه الاعترافات الإجرامية الخطيرة بعد اقتصادي أيضا، فالمنافسة في سوق السلاح هي الأشرس عالميا، والروس بمثل هذه الإعلانات يروجون لأسلحتهم التي يعتبرون أنفسهم الأمهر في تصنيعهم. ولا نشك أن لدى مندوبي المبيعات لكل نوع من أنواع الأسلحة الروسية، صورا توثيقية حية، تعزز الدعاية التجارية، وتبرهن بالصور الناطقة، كيف أصاب الصاروخ أو القذيفة هدفه، فدمر المدرسة، وبعثر أجساد أطفالها، وأصاب المستشفى بدقة بالغة، وقضى على الرضع الخداج في محاضنهم، وتوثق أيضا كيف أصابت أسلحة الروس الدقيقة مكانا وزمانا، المصلين في مساجدهم لحظة سجودهم، فما رفعوا رؤوسهم من صلاة ..

كل هذا موثق في الكاتالوغات المصورة، والفيديوهات المتحركة، الملتقطة بالتصوير البطيء على أبعاد الثالثة حيث الثانية ستين جزأ.

وربما من الأبعاد الاقتصادية أيضا أن الروس وشركاهم، يحتفظون بصور المجازر والخرائب فيبيعونها كلقطات حية للسينما العالمية توفر على المنتجين والمخرجين كلفة إنتاج ومنتجة مثل تلك الصور التي آل الأمر فيها إلى ما يفوق الخيال: الأشلاء .. والخرائب... وأشباه الموتى من البشر، الذين وثق القيصر السوري صورهم في 55 ألف صورة، كل صورة منها يمكن أن تكون عنوانا لمأساة ..

ولعلهم ينفذون بعض العمليات تلك بالتعاقد مع بعض الشركات المنتجة التي ستدفع أغلى لصورة حية لرأس طفل مقطوع، ولبطن حامل مبقور، وما أمهر المافيا في روسية، وما أبرع في إيران " الدهقان" و" البازركان"

وثالثا- ولهذه الاعترافات بعدها الثالث، حين يوظفها بوتين، في صراعاته الصغيرة حول العالم. وفي معاركه المنتثرة عن يمين وشمال. فإذا كانت آخر حرب حقيقية خاضها الروس عمليا، تلك التي كانت في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. فهذه التجربة قد قدمت لبوتين الفرصة ليباهي بسلاحه المجرب، وجيشه المدرب عمليا، وفي الميدان وليس في الثكنات، هو التحدي إذا والتحدي المضاد ..

تعليقي الوحيد على القادة من شمع من أمثال بوتين وشويغو ..

نعم لقد قاتلتم في سورية، وتظنون أنكم انتصرتم، ولكن ليس بسلاحكم المجرب، ولا بجيشكم المدرب، وإنما بقرار عالمي مكنكم أن تخوضوا حربا ضد شعب أعزل، وقد غُلت عن الدفاع عن نفسه يداه ..

مم يخاف طياركم الباسل وهو يقصف مخيما للاجئين، ويعلم أن ليس في يد من يقصفه سلاحا واحدا يكف غطرسة الطيار ..

نعم هي روما ...

روما بكل غطرستها وجبروتها وتوحشها، إذ تفرض على العبيد أن يواجهوا السبع الضاري المجوع وقد غلت من أحدهم يمناه ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية