موقف إيران من الحرب على غزة بين السياسي والإعلامي

زهير سالم*

حسب رويترز وواشنطن بوست

هذا تقرير لا تحليل ..

يسود في منطقتنا العربية والإسلامية نزاع بل شغب كبير، حول حقيقة الموقف الإيراني – الصفوي- الطائفي من الحرب الصهيونية على أهلنا في فلسطين وغزة..

فبعض الناس يحلو له أن يتاجر، وأن يسترسل في التهويل والتضخيم والتطبيل والتزمير.. بما في ذلك بعض وسائل الإعلام، ويظن بعض القائمين عليها، أنهم يفعلون ذلك على طريقة التوريط..

بعض الفلسطينيين ومنهم بعض الأخوة الذين يصارعون الموج، يعجبهم أحيانا أن يتعلقوا بما يطفو على وجه الماء، فينبري لهم بعض المتصيدين الذين لا...

قواعد اللعبة الاستراتيجية المقررة بين واشنطن وطهران منذ عودة الخميني إلى طهران فقم، ستر العورة الطائفية، بمثل شعار "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل" ولقد تعرضت هذه القواعد لامتحان خطير في الأيام الأخيرة من شهر كانون الثاني/ 2024.. حين أخطأت بعض القذائف، فتعدت القواعد، وأصابت الهدف!!

 

ورغم أن المحادثات الودودة في المخادع بين "قم" و"النجف" لم تنقطع قط منذ وصول الولي الفقيه إلى قم، وسقوط الدولة العراقية في بغداد، ومن ثم عبر سنوات طوال من الغزو الصفوي الطائفي لكل من سورية واليمن، إلا أن العارفين ببواطن الأمور، ظلوا يؤكدون، أن المحادثات والترتيبات لم تتوقف بين الطرفين قط.. وأن المخطط الأمريكي حول الفوضى الخلاقة في منطقتنا يسعى على قدميه الطائفيتين الصفويتين.

الولايات المتحدة ليس في علاقاتها مع "قم" فقط؛ بل مع كل مراكز صنع القرار في العالم، تعتقد أنها هي الطرف الوحيد الذي يحق له أن يساءل، وأن يغضب، وأن يعاقب، وأن ينتقم، وأن على كل من يتعامل معها، أن يتفهم ذلك، وهكذا كان أولياء الولي الفقيه يتفهمون، كل ما قامت به الولايات المتحدة وعملاؤها من قبل، من عمليات اغتيال في العاصمة الإيرانية طهران وفي العراق وفي الشام، والقائمة لا تتوقف عند سليماني وبعض ظلاله فقط...حتى أساتذة جامعيون إيرانيون تم اغتيالهم في قلب العاصمة طهران، ولم يسأل عن دمهم أحد، ربما تبرع بعض الآيات الكبار، بتزوج نسائهم من بعدهم. زواجا دائما وليس مؤقتا!!

يؤكد العالمون ببواطن السياسات الأمريكية أن النقاشات بين الطرفين الأمريكي والإيراني، كانت أكثر وردية في عهد الرئيس أوباما، وربما ينسى هؤلاء عهد "البوشين" الأب والأبن وأن أوباما كمّل الثالوث بوصفه الروح القدس.. على يد بوش الأب أثمر المكر...

منذ السابع من تشرين الأول كان من حق القائم في "قم" حسب قواعد الإخراج ، أن يرفع الوتيرة في الوعيد والتهديد والتنديد ، ولعل ذلك من "لزوم الشغل" كما يقول نجيب محفوظ على لسان العاهرة المناضلة "نور" في اللص والكلاب.

المراقبون والمتابعون يؤكدون أن اتصالات "الترتيب" لم تتوقف بين الفريقين منذ ذلك التاريخ.

حسب التجربة التاريخية لجماعات "التَّقية" والعقائد "الباطنية" ما كل شيء يقال أمام الصغار. والصغار هنا لا تدل على فئة عمرية، بل على موقع في التراتبية الدينية أو العرفانية..

يصطدم الولي الفقيه حين تمتد قواعده الموالية على مساحات أوسع، ويقوم دعاته "مكلِّبوه" على التستر بعباءات أكثر رقة، بانكشاف الحقائق أمام المغرَّر بهم والمغرورين...

حسب وكالة رويترز وواشنطن بوست...

فإن محادثات أمريكية – إيرانية تسعى لتلافي ما حدث منذ 28/ 1/ 2024. حيث تم إصابة ثلاثة جنود أمريكيين على طريق الخطأ، في قاعدة التنف ثلاثية الأبعاد. إن الولايات المتحدة وهي تدير رحاها على جثامين الآلاف من الفلسطينيين والسوريين – كل السوريين- والعراقيين واليمنيين واللبنانيين والباكستانيين والأفغان، واسمحوا لي أن أقول وحلفائها الحميمين من الصهاينة الإسرائيليين، يعز عليها في كل هذه الفوضى من حمامات الدم أن تخسر ثلاثة مجندين..!! ونحن للاحتياط ضد قتل جميع الناس...فاشهدوا، نحن مع قدسية كل الدم الإنساني وصيانته، ولا عصمة للمعتدين الظالمين.

كانت عمليات الثأر الأمريكي القبلي، من أذرع القائم في قم، حاضرة ..

سارعت إيران حسب المصادر التي تحدثنا عنها، إلى إعادة حساباتها، طيّرت مبعوثيها الدبلوماسيين والعسكريين، إلى مجنديها الغفل، لإعادة ضبط الوتيرة، وشد الأحزمة، والاكتفاء باللعلعة الصوتية، فوصل إسماعيل قاآني عميد فيلق القدس إلى بغداد، فتحدث إلى الصغار من قيادة حزب الله العراقي، يشرح طبيعة الدور والمرحلة، وطريقة الإخراج؛ فأعلن الأخير توقفه عن القصف بل انسحابه من الميدان..

وصل وزير الخارجية "أمير عبد الله يان" إلى بيروت، والضاحية الجنوبية، فعلّم وشرح ووضح ولقّن، فعادت جحافل حسن نصر تقصف مزارع شبعا، وما شبعت، على الرغم من تغول العدو الصهيوني إلى ما وراء الليطاني في القصف المشهود..

لا ندري إذا كان السي حسن سيغضب يوما، أو أنه سيكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الغزاة..

إن اكتفاء الردود الأمريكية بالنيل من القواعد المستهدفة في سورية والعراق واليمن، وتوقير وتوفير الأراضي الإيرانية استقبلت في قم بتقدير كبير.. وكذا عند جميع القيادات الوسيطة، التي تابعت مصارعها بعينيها على أرض دمشق الشام...

إن كبار القادة الإيرانيين الذين باتوا يشعرون أنه غير آمنين في لبنان وسورية والعراق، سيكونون أكثر قلقا حين لا يأمنون حتى في طهران!!

كنا ونحن أطفال صغار جدا، نتوقف طويلا عند لعيبة الكشتبان، ومع إعجابنا بمهارة من يدير الحبة، كنا ندرك مع طفولتنا، أن اللعبة على الحبة، ملغومة، وإن لم تستطع أعيننا الصغيرة متابعتها. نوقن أنها لعبة، ونعجب من السذج الذين يظلون يراهنون. وحين كان أحدهم يربح جولة أو جولتين، كنا ندرك ما سيكون بعد الطعمة الطعم..

الحياة دروس:

ورسالتي إلى كل إدارات منصات التواصل: أنا داعية سلام ولست داعية حرب. لا أدعو إلى سفك الدم الأمريكي، بل أدعو إلى أن يكون كل الدم الإنساني في حرمة وقدسية الدم الأمريكي؛ بمن فيه الدم الفلسطيني والسوري، الدم الشامي الواحد- وليس الوحيد- المستباح..

سئمنا من نشرة أخبار قتل وقصف ودمر واستباح وحاصر ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية