ميدي يا عمد المسجد

ابن الجوزي

وانقضي يا رجوم وتحرقي يا قلوب

ابن الجوزي

سمعت هذه الخطبة من على منبر من منابر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فرأيت أن أشرككم فيها ، وأن أتقاسمها معكم ، خصوصاً وأن الكفر قد أناخ بكلكله على الإسلام وجاؤونا بقضهم وقضيضهم يريدون أن يجتثوا شأفة الإسلام ويمنعوا الأمة من أن يسفر مخاضها العسير بعد كل هذه الدماء التي سفكت، يمنعوا أن ينتهي المخاض بمولود يجز مصالحهم من الأعماق ويضرب بيد من حديد أنوف أولئك الذين سولت لهم أنفسهم العبث بمصير هذه الأمة العريقة المحتد الكريمة الأصل ، فها نحن نعيش أجواء حرب على الله سبحانه وتعالى ، حرب من رب البيت الأبيض قرين كسرى على رب البيت الأسود ، حرب يعلنها فرعون هذا الزمان على الله سبحانه وعلى دينه وعلى أمته ، ولكن ابشروا أيها الإخوة فإن الصبح ولا شكك سيبدد فحمة الليل، فوراء الليل فجر ابلج ضاحك بسّام . نسأل الله تعالى أن يكون ذلك قريباً وأن يمكننا من عدونا وان يرزقنا خلافة راشدة على منهاج النبوة إنه القادر على ذلك وهو نعم المولى ونعم النصير.

خطب ابن الجوزي رحمه الله الناس ايام الغزو الصليبي لديار المسلمين في الجامع الأموي بدمشق فقال :[أيها الناس...مالكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ،حسبتم ان العزة للمشرك ، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، يا ويحكم أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرآى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم ، يذلكم ويستعبدكم وانتم كنتم سادة الدنيا، اما يهز نفوسكم وينمي حماستكم مرآى إخوان لكم قد احاط بهم العدو وسامهم الوان الخسف ،أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وأخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر.

يا أيها الناس .. انها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت ابواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء ُيدِرْنَ رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساءً بعمائم ولحى.أو لا ؟ فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها ، يا ناس : أتدرون مما صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعتها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد إنتهى , وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة , الحرب في سبيل الله ثم الدفاع عن الأرض والعرض .

فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر ، انها من شعور النساء , الم يبق في نفسكم شعور ؟‍![.

وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ:[ميدي يا عمد المسجد وانقضي يا رجوم وتحرقي يا قلوب ألماًَ وكمداً لقد اضاع الرجال رجولتهم ].