سليمان معصراني يكرم للمرة الأولى في بلده

سليمان معصراني يكرم للمرة الأولى في بلده

المحامي علاء السيد

[email protected]

قرأت خبرا في موقع سيريا نيوز  عن وصول رحالة سوري الى دولة الكويت مشيا على الاقدام في حملة لجمع التبرعات لمكافحة سرطان الاطفال .

و الخبر في حوالي ثلاث اسطر فقط :

( وصل الرحالة السوري سليمان معصراني إلى آخر محطة في رحلته الثالثة  التي خصصها و قطع خلالها 18 ألف كيلو متر سيرا على الأقدام ، لمكافحة سرطان الأطفال ،وجمع التبرعات لمصلحة الاطفال والمشاريع الخاصة بمكافحة السرطان وأنهى المعصراني رحلته التي رفع خلالها شعار " لا للشلل لا للاعاقة" في الكويت ، بعد أن امتدت إلى 23 دولة عربية وآسيوية  ( .

و بما انني شاركت سابقا في تنظيم المسيرة السنوية التي تخلد ذكرى الشاب الكندي تيري فوكس و التي تقام سنويا في معظم دول العالم من قبل منظمة تيري فوكس و برعاية الحكومة الكندية  ، لجمع التبرعات لصالح ابحاث السرطان .

سرني ان يكون لدينا حالة تشابه حالة ذلك الشاب الكندي ، و بدأت بالبحث عن قصة هذا الشاب السوري ، على صفحات الانترنت فلم اجد الا بعض المعلومات في اعلامنا عنه ، و وجدت الكثير من المعلومات و الاهتمام به في اعلام الدول التي زارها .

واسفت لتجاهل اعلامنا له ، و حاولت الاتصال به عبر البريد الالكتروني ، و دعوته باسم الجمعية السورية لمكافحة السرطان بحلب لزيارة الجمعية و دعم صندوق رعاية و هو صندوق مخصص لمساعدة مرضى السرطان و ذويهم و خاصة الاطفال منهم .

و فعلا بادر هذا الرحالة الى الاتصال بي ، و قال انه سوف يصل الحدود السورية في درعا و سوف يتوجه سيرا على الاقدام الى حلب مباشرة لتلبية دعوتنا .

 و وصل الينا بعد ثمانية ايام دون ان يتوقف في دمشق لرؤية زوجته و اطفاله ، لانه عرف ان توقف هناك فلن يتابع مسيرته الينا .

استقبله الاطفال بالورود ، و صورت كاميرا التلفزيون وصوله ، و استقبله بعدها السيد محافظ حلب .

و قال لي انها المرة الاولى منذ بدء رحلته قبل حوالي الثلاث سنوات التي يُستقبل فيها  رسميا في بلده سوريا ، و اخذ يقص علي قصته :

انا من مواليد  دمشق عام 1966 أصبت بشلل الأطفال في نصف الوجه و اليد اليسرى عندما كنت في الرابعة من عمري لان اهلي لم يعطوني الطعم ضد شلل الاطفال  , درست في جامعة دمشق في كلية الهندسة المدنية قسم الطرق و الجسور. و تخرجت في عام 1984.

عملت في شركة قاسيون بدمشق في مجال الطرق و الجسور.

تزوجت من سيدة خريجة كلية الحقوق و موظفة في البريد و الهاتف بدمشق  و أنجبت طفلة, ثم سافرت إلى المملكة العربية السعودية للمعالجة فأجريت لي عملية أولى للأعصاب.

ثم عملت في مجال هندسة الطرق في السعودية حيث وفرت بعض العائد المادي, و تعرضت بعدها  لنكسة طبية ، و ظهر لدي ورم خبيث في الغدة ،  فأجريت ستة عمليات جراحية متتالية في المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة و آخرها في بلدي سوريا في مشفى الأسد الجامعي, أنفقت من خلالها معظم ما كنت قد وفرته.

ثم عدت إلى دمشق و اقتنيت سيارة صغيرة بما تبقى معي من وفر .

و بدأت أبحث عن عمل حيث اصطدمت بأول لقاء عمل لي مع مدير إحدى الشركات الخاصة في مدينة معربا قرب دمشق بأن قال لي " لا عمل لدينا لمشلول" و من شدة حزني من هذا التعبير نسيت سيارتي قرب الشركة و عدت سائراً على الأقدام إلى منزلي في دمشق لمسافة تزيد عن 48 كم, و استغرقت هذه المسافة من الساعة العاشرة صباحا إلى اليوم التالي الساعة السادسة صباحا.

و كان وزني في تلك الفترة قد وصل الى /123/ كغ بسبب تلقي جرعات كبيرة من الكوريتزون .

 و عندما وصلت على المنزل كانت زوجتي و باقي اهلي في حالة قلق شديد علي, و شعرت بتعب شديد عند وصولي و استغرقت بالنوم.

و في اليوم التالي لم أصدق نفسي  بانني قد سرت على قدمي كل تلك المسافة , و علمت أن المشي قد خفف من المعاناة النفسية الشديدة التي شعرت بها بسبب إساءة التعامل التي تعرضت لها لأسبابي الصحية الخاصة.

قررت أن أتوجه إلى الأراضي المقدسة لأداء العمرة سيراً على الأقدام لأثبت للجميع ان المعاق صحيا لا يقل قدرة عن غيره ممن منّ الله عليهم بالصحة و العافية.

لم استطع الحصول على تأشيرة السفر الى السعودية سيرا على الاقدام حتى التقيت بممثل منظمة الصحة العالمية بدمشق و هو سعودي الجنسية و الذي رحب بالفكرة و راسل الرئاسة العامة لرعاية الشباب في السعودية و اتفقنا على ان تكون رحلتي تحت شعار " لا للشلل لا للاعاقة ".

 و كنت اراسل الامارات المتحدة للحصول على الفيزا في ذات الوقت .

و تأمنت لي تأشيرة دخول الامارات بعد معاملة طويلة استغرقت أربعة أشهر من الزمن و بلغ فيها وزن أوراق المعاملة حوالي /6/ كغ.

و انطلقت سيرا على الأقدام باتجاه الامارات ، و في الطريق  وصلت تأشيرة دخول المملكة السعودية ،و أثناء وجودي على الحدود السعودية الإماراتية .

 فزرت الامارات العربية المتحدة حيث استقبلني حاكم الشارقة و نائب حاكم دبي و رفضت تقاضي اية مكافأة مالية من اية جهة كانت .

و استغرق الأمر مني للوصول حوالي الشهرين سيرا على الأقدام حيث كنت أقطع في البداية ما بين 20-30 كم يوميا.

و بدا وزني بالتناقص و صحتي بالتحسن.

توقفت عن تناول أي دواء ، و بدأت أشعر بأن رسالتي قد بدأت تصل للناس ثم توجهت الى المدينة المنورة بعدما اقترب موسم الحج و أكرمني الله بأداء فريضة الحج سيراً على الاقدام في عام 2005 .

واستقبلني في السعودية الامير الرئيس العام لرعاية الشباب في السعودية و أوكل إلي مساعدة الكشافة السعوديين لتحقيق شعار " نحو حج بلا تدخين " و التقاني التلفزيون السعودي و قناة العربية و قناة الجزيرة و قناة المجد ، و بدأت الرسالة بالوصول الى أكبر قطاع ممكن من الناس .

وصلتني دعوات لزيارة دول:(قطر, عمان, البحرين), و زرت هذه الدول جميعها و استقبلني في البحرين المدير العام للشباب والرياضة و الوزير المفوض للصحة , و في عمان استقبلني وزير الصحة و وزير الرياضة لرعاية الشباب.

في قطر استقبلني ولي العهد القطري و الشيخة موزة حرم أمير قطر حيث منحتني شهادة دكتوراه فخرية انسانية .

اسعدني اهتمام المسؤولين برسالتي الانسانية و رفضت كعادتي قبول أي تبرع مادي لشخصي من أي جهة كانت.

 و انتهت المرحلة الاولى من رحلتي .

 ثم تلقيت دعوة من التلفزيون الايراني ، فقررت البدء بالمرحلة الثانية من رحلتي بعد أن قررت بيع سيارتي و مصاغ زوجتي لتغطية نفقات الرحلة .

فعبرت الخليج العربي و وصلت الى ميناء بندر عباس في ايران ، و استغرق الامر مني حوالي الشهر و نصف سيراً على الاقدام حتى وصلت الى طهران.

 التي استقبلني فيها سماحة السيد الخامنئي مرشد الدولة الاسلامية الايرانية و كما استقبلني فيها نائب وزير الصحة الايراني , وكان الاهتمام الايراني كبيراً برحلتي الانسانية  ، وغمرني الشعب الايراني بكرم اخلاقه ، ثم توجهت إلى اذربيجان و هناك تعرضت لضرب مبرح من قطاع الطرق دخلت على أثره المشفى .

و من بعدها رحلت الى كزخستان و أوزباكستان و أفغانستان وصولا إلى كابول, ثم عدت إلى ايران و من ثم الى دبي و من ثم إلى الأردن بوسائل نقل متنوعة .

انيهت المرحلة الثانية من رحلتي سيرا على الأقدام ثم توجهت  إلى سوريا بعد غياب دام عام و نصف عن بيتي و اسرتي, و أمضيت في دمشق مع اسرتي مدة يومين  انجبت بعدهم زوجتي بتسعة اشهر طفلي الثاني.

 ثم و خلال يومين من وصولي  تلقيت دعوة من المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة و قررت البدء بالمرحلة الثالثة من رحلتي .

فانطلقت باتجاه القاهرة عبر الاردن و ميناء العقبة, وصلت القاهرة خلال /13/ يوم حيث استقبلني الرئيس الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية و حشد من ممثلي منظمة الصحة العالمية في الدول العربية التي زرتها.

و تم منحي دكتوراه فخرية انسانية كما تم ترشيحي لمهمة سفير النوايا الحسنة للاطفال المرضى.

و تم تغيير شعار الرحلة من " لا للشلل لا للاعاقة" إلى " معا لتوفير الوقاية و العلاج لسرطان الأطفال".

حيث ارتأت منظمة الصحة العالمية أن نهتم بمرضى سرطان الطفال لخطورته البالغة.

استقبلني هناك الفنان عادل امام و دعاني لحضور مسرحيته و رحب بي اثناء عرض المسرحية و دعاني بعدها للعشاء .

و كل هذه الاستقبالات هي لمهمتي الانسانية و ليست لشخصي .

أثناء وجودي في القاهرة أرسلت فاكس بخط اليد الى مكتب أمين عام الجامعة العربية  السيد عمرو موسى أخبره فيه بهدفي من رحلتي, و خلال ساعات  فوجئت بالسرعة الكبيرة التي تمت دعوتي فيها للقاء الأمينة العامة المساعدة التي تبنت أفكار الرحلة, و وجهت الى مجلس وزراء الصحة العرب بمتابعة و مراسلة السادة الوزراء  في دولهم لاستقبالي بكافة الدول التي سأزورها.

 و بدأت المرحلة الرابعة من رحلتي إلى السودان حيث فوجئت بالاستقبال الشعبي الرائع من نقطة الحدود إلى مدينة الخرطوم, حيث كانت الاعلام السورية و السودانية و اللافتات الترحيبية على جانبي  الشوارع.

وفي اثناء وجودي في الفندق اتصل بي عامل الاستقبال ليخبرني بوجود شخص يود التعرف علي فاذ بي افاجىء بانه رئيس وزراء السودان ، و استقبلني  وزير الصحة و وزير الشباب و الرياضة .

اما في ليبيا فقد  استقبلني ولدا الرئيس القذافي المهتمان بالعمل الانساني, و قاما بتنظيم مباراة ودية بين فريقين كبيرين ، و استقبلني في الملعب جمهور كبير حمل الأعلام السورية و الليبية و اللافتات .

ثم توجهت إلى تونس و منها إلى الجزائر العاصمة و استغرق مني الطريق حوالي الشهر, ومن توجهت إلى الحدود الجزائرية المغربية حيث أمضيت أربعة أيام محاولا دخول الأراضي المغربية دون جدوى , فعدت بوسائل نقل مختلفة إلى ميناء العقبة .

ثم بدأت السير على قدمي و زرت الاردن كما دخلت الكويت سيرا على الاقدام من الحدود الكويتية السعودية ، و زرت الجمعية الكويتية لمكافحة السرطان و استقبلني وزير الصحة الكويتية و وزير الشباب.

و من بعدها ركبت الباص من الحدود الكويتية حتى الحدود اليمنية عابرا السعودية و لم استطع دخول اليمن .

فعدت إلى سوريا بالباص ، و دخلت درعا سيرا على الاقدام ، حيث وجهت لي دعوة من الجمعية السورية لمكافحة السرطان بحلب بمناسبة اطلاق صندوق رعاية لمساعدة مرضى السرطان و ذويهم, و خاصة الأطفال منهم, فقررت عدم الدخول إلى دمشق للقاء عائلتي و توجهت إلى حلب مباشرة و استغرق مني الطريق ثمانية أيام .

        و كان استقبالهم هو الاستقبال الاول لي رسمياً في بلدي سوريا, و شعرت بزوال الاحباط الذي اصابني سابقا لعدم الاهتمام برسالتي في بلدي ، و كان  الاهتمام الذي أولاني اياه القائمون على العمل في الجمعية عامل اساسي في انبعاث املي من جديد في انتشار رسالتي في وطني سوريا  .

حيث اطلعت على برنامج الجمعية  لرعاية مرضى السرطان و على أقسام المشفى التابع لها و زرت المرضى فيه ، و اطلعت على مشاريع الجمعية المستقبلية في بناء مركز المعالجة الشعاعية و هو من أهم المشاريع التي تخدم مرضى السرطان في شمال سوريا .

و قام التلفزيون السوري بتغطية زيارتي ، و نظمت الجمعية مؤتمرا صحفيا  شاركت فيه عدة صحف محلية و مواقع الكترونية أخبارية, كما استقبلني نيافة مطران السريان الارثوذكس حنا ابراهيم عضو الهيئة العامة للجمعية السورية لمكافحة السرطان في مقر المطرانية .

كما قامت لجنة الشباب المتطوعين باصطحابي للقاء الاطفال الايتام في قرية SOS في حلب , و المشاركة في عدة فعاليات ثقافية مقامة في مدينة حلب في هذه الفترة .

أمضيت ليلتي في احدى غرف مشفى الرعاية التابع للجمعية السورية لمكافحة السرطان , و تناولت طعامي من ذات الطعام  الممتاز المقدم في المشفى للمرضى ، و لمست مدى العناية و النظافة الموجودة في المشفى .

اجرى التلفزيون السوري معي لقاءا  يعرض على قناة تشاهد  في مدينة حلب و ادلب فقط  ، و شرحت فيه اهداف رحلتي و لاول مرة على التلفزيون السوري ، و منحني السيد محافظ حلب درع حلب .

و سوف اتابع رحلتي الى مدينة القرداحة لانهيها عند ضريح القائد الخالد .

و أعود إلى زوجتي و أولادي بعد غياب سنوات عنهم .

و كلي أمل بان استطيع أن أوئس المنظمة العربية الدولية للإعمال الخيرية و هي المنظمة الاولى الدولية العربية في هذا المجال و قد منحتني الجامعة العربية الترخيص بانتظار موافقة الجهات المختصة في جنيف .

و ترعى رحلتي معنويا شركة سنا للانتاج الفني لصاحبتها الفنانة سوزان نجم الدين التي وقفت الى جانبي طوال رحلتي .

سليمان معصراني قطع ثمانية و عشرون الف متر مسجلة رسميا سيرا على قدميه و زار خلالها ثلاث و عشرون دولة عربية و اسيوية و مائة و عشرون منظمة انسانية ، و انفق خلالها من موارده الشخصية المحدودة ، و لم يقبل أي مبلغ كمعونة بشكل شخصي .

هل من مجيب لرسالة سليمان معصراني  مثلما نستجيب لحملة تيري فوكس الكندية .