برقيات أدبية (68)

برقيات أدبية(68)

شعره يشق الليل ويتجاوز حالة الصمت ويفتح نافذة الأمل

الشاعر محمد ضمرة يلقي في رابطة الأدب الإسلامي

من صالح البوريني- عمان :

بنفسه المديد ونظره العميق شق محمد ضمرة عبر قصائده المضيئة جنح الليل العربي باتجاه منبع النور الذي غطت وجهه غشاوة الصمت والعجز فأماط لثامها حجر الطفل البطل ومقلاع الفتى المقاوم على أرض فلسطين .. مسكون بثلاثة أنواع من الحب .. الحب الأول لجده الذي أحبه أكثر من أبيه ،  ثم حب

الوالد ، ثم حبه الخاص .. وقد اكتـشف مرة أن حبه الأول لجده لم يترجم في قصيدة ، فكان مردود هذا الاكتشاف مجموعة شعرية كاملة تتلفع مقطوعاتها بوشاح من الصوفية الشفافة والصدق المتألق ، وقد قرأ عددا منها في الأمسية التي أقامتها له رابطة الأدب الإسلامي العالمية وقدمه فيها الشاعر ماجد المجالي  .

شاعرية متدفقة تغترف من بحر للمعاني عميق الغور فسيح المدى وأفق تزدحم فيه الصور وتتوالى فيه مشاهد النفس وحركة المشاعر وتمتزج في جو القصيدة ببناء لغوي متماسك ونظم تعبيري متـناسق ، فتـقف بالمتذوق على حد الإعجاب ولذة الاكتشاف ،  يستوي في ذلك ما كان عموديا وما كان من مقطوعات التفعيلة . 

من القصيدة العمودية الأولى مشيدا بالعزائم والهمم ومسجلا حضور الانتفاضة المباركة ودورها العظيم في إحياء الروح الجهادية في الأمة ، يقول :

والرمل خزن في صحرائنا ظمأ     لعابر سوف يلقى مثل من عبروا

فهذه البيد في أحشائها سلــف     لنا دليل ومن تحت العدى أبــر

يا موجة البحر ما أثقلت من زبد    تدوسه الريح أو تربو به الحفـر

فإن تغافت على أبوابنا مقــل     فالظل يحرسها والشمس والقمـر

هذي عزائمنا في القدس ناطقة      يترجم النصر في عزماتها الحجر

وذي نفوس كما نفسي رأت حلما    من شرفة الغيم بالأفراح  يعتصر

       ومـن لوحـات الوفاء للأردن بأرضه وترابـه ومدنه وقراه قصيدة ( عباءة الكرك )  التي يقول فيها :

عباءة يأوي إليها الظل

كي يرتاح من كد السنين

مدت على الصحراء غيث أريجها

فبها شذا الأيام

عتـقه قباء الياسمين

...

في حضنها نثر الكرام حياتهم

وهجا توزعه السيوف على التراب

هوية ممهورة بقداسة

بين المقام وبين طهر الراقدين .

سمراء يعشقها حرير الشمس

حيث يسيل فوق حصونها عشقا

لتقرئ من يراها ماضيا

شرقت صحائفه بما خطت حراب الكاتبين .

 وفي نوع من استـنطاق القصة القرآنية وتوظيف الرمز التاريخي ومحاولة المقاربة بين صورتي التضحية في قصة إسماعيل عليه السلام وقصة أطفال الحجارة  يقول في قصيدة ( عزف الذبيح ) :

فحكايتي الأولى تعاودني

وتوقظني فأصرخ

هذه رؤياك فاستجمع قواك

 فعد إلي

فقد جمعت لك المدى

وشحذتها في طاعتي

لتكون حاذقة وماهرة وقاطعة

فلن ترتد عن عنقي

وسوف أكون مكتملا

ليحملني على فرحي النزوح

فإنا لأمرك راغب

وسريرتي عزف تصاعد

إنني الولد الذبيح .

على صعيد الصورة الفنية في شعر محمد ضمرة يقع القارئ على منجم من الصور المتتابعة والمتوالدة  بعضها يفضي إلى بعض تتضافر جميعا في رسم مشهد متكامل لحالة شعورية خاصة أو انفعال نفسي عميق يعكس كثيرا من جوانب الهم العام والقضايا المصيرية التي تعيشها الأمة .

من قصيدة ( فواصل الكلام ) :

والطور ..والطور ..

وكتاب عزف الروح

فاكهة على وتر السطور

وحلاوة الإيقاع في لغة

تسيل اللحن شلالا

إذا ذابت من النايات

 راقصة  على عشب

 تغشاه الندى ليلا

وبث عطور شهوته بأحضان الزهور .

وختم الشاعر ضمرة قراءته بقصيدة دالية من البحر البسيط يقول فيها :

أسرج  بقلبك حبا نبضــه iiفـأدا
وأعذب العشق روحا كسرت قفصا
فـاتـرك لنفسك معراجا iiيصعدها
يـكـفيك صبر تمادى في iiمرارته



 
ولتعشق  الروح أو تذهب إذا iiبددا
من  التراب ولم تـقـبل به iiزردا
فـباب خلدك مفتـوح لمن  صعدا
يـجرع الصـدر من  أدوائه iiنكدا

ومن الجدير بالذكر أن الشاعر محمد ضمرة صاحب تجربـة سارت نحو نضوجهـا وتألقها عبر محطات متتابعة منـذ صدور ديوانه الأول عام 1972 وهو ( قافلـة اللـيل المحروق ) ثم ( أحاول أن أبتسم ) ثم ( أقمـار بيـروت ) ثـم  ( وجع النخيل ) و ( كأنه فرحي ) وغيرها من الدواوين .. وآخر مـا صـدر له ديوان ( خريف المسافات ) بدعم من أمانة عمان الكبرى . وفي توجهه إلى أدب الطفل  توج الشاعر محمد ضمرة أعماله الشعرية بإصدار ( جسور الوطن ) وهي اثنتا عشرة مجموعة شعرية للفتيان .

          

صدر عن دار المنهل ناشرون وموزعون في عمان – الأردن سلسلة العلوم الإسلامية، من تأليف الأساتذة: فاروق بدران، ويحيى الأقطش، وجمعة الخباص، وعمر مكحل، ومأمون جرار، وحسني جرار، وياسين عايش، وأحمد شحروري، وأحمد القضاة وبإشراف لجنة مختصة مؤلفة من الأساتذة: د. إسحاق الفرحان، و. د. علي الصوّا، و. د. عبد الله الخباص، و. د. كايد قرعوش، و. د. زيد أبو الحاج.

صدر منها:

- أخلاق وآداب. جزءان: المستوى الأول في 64 صفحة من القطع الكبير، والمستوى الثاني في 65 صفحة من القطع الكبير.

- السيرة النبوية: العهد المكي. في 99 صفحة من القطع الكبير.

- السيرة النوبية: العهد المدني. في 84 صفحة من القطع الكبير.

- من سير الصحابة. في 99 صفحة من القطع الكبير.

- القصص القرآني: قصص الأنبياء. في 124 صفحة من القطع الكبير.

- القصص القرآني: قصص غير الأنبياء. في 112 صفحة من القطع الكبير.

وهذه السلسلة مزينة برسوم جميلة معبرة عن المضمونات.

صدر عن دار رياض الريّس للكتب والنشر في بيروت، كتاب (المحاكمات السياسية في سورية) تأليف: هاشم عثمان، وجاء الكتاب في 394 صفحة من القطع الكبير.