برقيات أدبية(66)

برقيات أدبية(66)

صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، ودار السلام للطباعة والنشر والترجمة في القاهرة كتاب (مسؤولية التأويل) للدكتور مصطفى ناصف، في 299 صفحة من القطع الكبير.

صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ودار الرازي للطباعة والنشر والتوزيع في عمان – الأردن، كتاب

(البحث التربوي وتطبيقاته في العلوم الإسلامية) تحرير الدكتور فتحي حسن ملكاوي، في 303 صفحات من القطع الكبير.

صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي، في سلسلة أبحاث علمية رقم 17 كتاب: (ضرب المرأة: وسيلة لحل الخلافات الزوجية!) تأليف الدكتور عبد الحميد أحمد أبو سليمان، في 31 صفحة من القطع العادي

صدر عن البنك الإسلامي الأردني للاستثمار والتمويل، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن كتاب (دليل الباحثين إلى الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية) تأليف الدكتور أحمد فراس العوران. في 295 صفحة من القطع الكبير.

صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ودار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة في القاهرة، كتاب: (صناديق الاستثمار في البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق) تأليف الدكتور أشرف محمد دوابه، في 270 صفحة من القطع الكبير.

          

نظرات بيانية في آيات الصيام

للدكتور عودة أبو عودة

9 رمضان 1425هـ   ـ   الموافق 23/10/2004م

من صالح البوريني-عمان

في مقدمة محاضرته ( نظرات بيانية في آيات الصيام ) التي ألقاها في مقر رابطة الأدب الإسلامي وقدمه الأستاذ صالح البوريني حث الدكتور عودة أبو عودة الأدباء على الدفاع عن رسالة الكلمة الطيبة الصادقة وتبني واجب خدمتها بالقول والفعل والكتابة المسؤولة الواعية ونشرها وإعلانها في كل مكان وكل مناسبة .

وقال إن واجب العرب والمسلمين عموما والدعاة والأدباء على وجه الخصوص يتأكد في هذا الوقت الذي تحارب فيه الكلمة والفكرة الطيبة الصادقة بشتى الوسائل والأسلحة .

وانتقد ما تذهب إليه بعض المحطات الفضائية ووسائل الإعلام من تشويه لصورة الشهر المبارك وخدش لصفاء عبادة الصيام عبر تركيزها على المظاهر الاستعراضية والمنافسات التجارية التي تروج اللهو والغناء وليالي السمر ، ودعا إلى المحافظة على حرمة هذا الشهر المبارك والتزام آدابه الشرعية .

وتناول الدكتور أبو عودة آيات الصيام الخمس الواردة في سورة البقرة من الآية 183 حتى نهاية الآية 187 ، وركز على بعض الشواهد البيانية وما رمت إليها من دلالات في حدود ما سمح به وقت المحاضرة  ، وأكد أن إعطاء جميع الشواهد البيانية في آيات الصيام ما تستحقه يتطلب من الوقت ما لا تستوعبه محاضرة واحدة بل عدة محاضرات.

وفصل القول في ورود مادة الصيام وما يشتق من فعلها ( صام ) فبين أنها وردت (13) مرة في (11) آية ، وأن هذه الآيات وردت في ست سور فقط هي البقرة والنساء والمائدة ومريم والأحزاب والمجادلة ، ثم تعقب ورود صيغ مادة الصيام في مواضعها مـن السور والآيات مع المقارنـة وبيـان العلاقة بين اختلاف الصيغ واختلاف دلالاتها مع الاستشهاد ببعض اللطائف في هـذا السياق مثل الفرق بين دلالة لفظة ( الصوم ) ودلالة لفظة ( الصيام ) ؛ إذ اختصت لفظة ( الصوم ) بالإمساك عن الكلام كما ورد في قوله تعالى فـي سورة مريم :

[ .. فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم أنسيا ]

 بينما دلت لفظة ( الصيام ) على الإمساك عن المفطرات كما في قوله تعالى :

 [ .. يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم .. ]

وقوله :

[ .. وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيـط الأسود من الفجر  ثم أتموا  الصيام إلى الليل .. ] .

وأما لفظة ( رمضان ) التي وردت مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى :

 [  شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .. ]

فهي ـ كما ذكر الدكتور أبو عودة ـ  الظرف الزماني الذي تقرر فيه حدث الصيام ، وبيّن المحاضر أن  وراء هذا الاختيار حكمة بالغة وعبرة عظيمة ؛ إذ إن رمضان شهر قمري وليس شهرا شمسيا ، ومعنى ذلك أنه شهر يتنقل مع الفصول المناخية الأربعة ؛ من الصيف الطويل النهار إلى الشتاء القصير النهار ، فيدرك المؤمنون صيامه في أوقات الرخاء وفي أوقات المشقة ، مما يحقق العدل بينهم على مر الأزمان واختلاف المواقع والأقاليم .

وكان للدكتور أبو عودة وقفة بيانية عند قوله تعالى

[ وعلى الذين يطيقونه ]

ذكـر فيهـا أن في اللغـة ثـلاث كلمات فـي مضمـون عـام واحـد ولكنها ليسـت مترادفـة ، وهي كلمـة ( قدر ) وكلمة ( استطاع ) وكلمة ( أطاق ) . أما ( قدر ) وما يشتق منها فمعناها أن يقوم المرء بالعمل بلا جهد يذكر كأن يتبرع تاجر بقرش واحد يوميا ، وأما كلمة ( استطاع ) فتعني أن يقوم المرء بعمل يكافئ جهده مثلا أن يحج إذا ملك الزاد والراحلة وما يكفي أهله في غيابه ؛ فلا يبخل بالموجود ولا يتكلف المفقود ، والمؤمن مكلف بما يستطيـع ، قال تعالى :

 [ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ]

 والاستطاعة تقع وسطا بين القدرة والإطاقة . والإطاقة تعني فعل الشيء بجهد فوق الاستطاعة بحيث يلحق بصاحبه الأذى والضرر ، وبهذا المعنى لكلمة ( أطاق ) يفسر قوله تعالى :

 [ وعلى الذين يطيقونه ]

 أي يقومون به بجهد فوق استطاعتهم بحيث يضرهم ويؤذيهم أو يعجزون عنه فيدفعون الفدية ويسقط عنهم الصيام.

ويتوافـق هذا المعنى مع قولـه تعالى على لسان المؤمنيـن في دعائهم

[ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ]

فوردت في الآية كلمة ( طاقة )وليس كلمة ( استطاعة ) لأنها أنسب للمقام .

وتواصلت الوقفات التأملية والنظرات البيانية في عبارات آيات الصيام فكانت هناك عدة إضاءات كاشفة حول قولـه تعالى :

[ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ] .

 وحول قوله تعالى :

 [ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ]

قال الدكتور أبو عودة إن الإسلام دين الحياة والواقع والمعاملة ومنهاج الإنسان في الأرض وفق ما يرضي الله عز وجل .. دين الحياة كما فطر الله البشرية على تعلقها بالحياة .. فالإسلام ليس دينا كهنوتيا طقوسيا ولا دينا خياليا وهميا بل هو دين واقعي عملي ، يعطي لكل إنسان حقه مهما كان موقعه من الخادم وحتى أعلى درجات المسؤولية ، ويرعي مشاعر الناس ويدعو إلى حسن التعامل فيما بينهم ولا يهمل حق المرأة ولا الطفل ولا حق أحد ، وينظم علاقة الناس فيما بينهم على هذه الأسس .. ولذلك فإن الصيام عبادة تهذب النفس وتزكيها   وتعلمها الصبر ومقاومة الشهوات وترتقي بها في درجات الشعور بالمشاركة الوجدانية بين الناس فيتذكر الغني الفقير ويشفق الموسر على المعسر ، ولكنها في الوقت نفسه تحفظ للنفس البشرية  حقها وتعطيها فرصتها الكاملة في ممارسة حياتها الطبيعية ، وشواهد ذلك كثيرة كقوله عز وجل :

[ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ]

وقوله :

 [ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ]

وغيرها كثير في القرآن .

 وعليه فإن الصيام  ليس زهدا تقشفيا يحرم فيه الحلال ويمتنع فيه الإنسان عن اللذة المباحة والمتعة البريئة  ، وإنما هو مدرسة يتخفف فيها الإنسان من أثقال المادية ويفيئ إلى ظلال الروحانية الإيمانية ويتعرض لنفحات الخير والرحمة في رمضان ، وينفك من تسلط الشهوة وهيمنة الرغبات الغريزية فيكسر من حدتها في وقت الصيام  ،  ولذلك كان جزاؤه عند الله تعالى عظيما وفي الحديث القدسي : ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي .. الصوم لي وأنا أجزي به ) .