في ذكرى استشهاد القائد والعالم الجليل أ. د. نزار الريان

عالم في النهار.. ومجاهد في الليل

يوافق يوم الأول من يناير ذكرى استشهاد العالم المجاهد الشيخ الشهيد نزار ريان، الذي استشهد مع زوجاته الأربع وأحد عشر من أبنائه بعد أن قصفت طائرات الاحتلال منزله في معركة الفرقان عام 2009م.

ترجل عالم مجتهد في علم الحديث الشريف، وقائد سياسي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ترك بصمة في ميادين الجهاد والمقاومة، لا تزال بصمات الشيخ ريان واضحة في علمه ونهجه وجهاده، يعرف أثره جيش الاحتلال حين قال "لن يدخلوا مخيمنا"، ففشل في اجتياح مخيم جباليا خلال معركة أيام الغضب عام 2004م.

تعرف بصماته أيضاً طائرات الاحتلال، التي فشلت في قصف عشرات منازل المواطنين والمجاهدين، إذ كانت تجد الشيخ ريان ومعه مئات المواطنين على أسطح تلك البيوت للحيلولة دون تدميرها.

تعرف بصماته ثغور الرباط على حدود قطاع غزة التي دأب على الرباط فيها، ليحيي ليله مرابطاً مجاهداً، فيما هو في النهار عالم يتجول بين مجلدات العلم في مكتبته التي كانت تضم ما يزيد على خمسة آلاف مجلد ومرجع شرعي.

*العسقلاني*

في السادس من مارس عام 1959، أبصر ريان الحياة في معسكر جباليا لاجئاً من بلدة "نعليا" قرب عسقلان، مترعرعاً في رحاب مسجد الخلفاء الراشدين الذي كان فيه إماماً وخطيباً.

حصل على بكالوريوس أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1982، وتتلمذ على مشايخ الحجاز كالشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ ابن جبرين.

كما نال درجة الماجستير من كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان، في تخصص الحديث الشريف عام 1990، ثم أكمل درجة الدكتوراه من جامعة القرآن الكريم في السودان عام 1994م، وواصل مسيرة العلم وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه بعد أن حصل على درجة الأستاذية في الحديث الشريف.

*بين الناس*

وتمتع الشيخ ريان بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني، واشتهر بالتصاقه الشديد بالحياة اليومية للمواطنين، وقام بمشاركة الوسط الذي يعيش فيه، وكان أحد رجال إصلاح ذات البين بين الناس.

اعتقله الاحتلال عدّة مرات؛ ليقضي في سجونه نحو أربع سنوات، كما اعتقلته السلطة مرات عديدة وعُذِّب في سجونها.

وكان الشيخ ريان بارزاً في كل الميادين، فخاض صولات وجولات في معركة أيام الغصب حتى اندحرت دبابات الاحتلال من شمال القطاع عام 2004، وكان يقود طليعة المجاهدين على الثغور، ويبث فيهم روح العزيمة والثبات، ويقوم الليل معهم في ميدان الرباط.

ودأب شيخنا العالم على تقدم صفوف المجاهدين، وقدم نجله إبراهيم شهيداً في عملية فدائية في مغتصبة (إيلي سيناي)، عام 2001 قتل فيها 6 من جنود الاحتلال، بينما استشهد أخوه الأصغر واثنان من أولاد أخيه في محرقة غزة، وأصيب ابنه بلال وبترت قدمه.

ولم تقف سيرة شهيدنا العطرة هنا، فقاد أول مبادرة جريئة لحماية بيوت المجاهدين من القصف بالتجمهر مع المواطنين فوق أسطحها، مانعاً الاحتلال من سياسته التي حاول فرضها.

كما أضفى طابعاً خاصاً على المناورات العسكرية لكتائب القسام، حين يتقدم ركبهم ببدلته العسكرية يحثهم على الجهاد، ويحبب إليهم الشهادة.

*موعد مع الشهادة*

عصر يوم الخميس، الأول من يناير عام 2009م، خلال معركة الفرقان، قرر الصهاينة قصف بيت الدكتور المجاهد نزار ريان، لكنه رفض الخروج، كيف لا وهو الذي كان يقف على أسطح بيوت المجاهدين لحمايتها، ليبقى الشيخ في منزله حتى قصفته طائرات الاحتلال واستشهد مع زوجاته الأربع وأحد عشر من أبنائه.

ترجل العالم المجاهد، بعد أن أوصى بمواصلة الجهاد في سبيل الله وعدم الركون إلى الحلول الهزيلة، داعياً طلبة العلم لأن يكونوا أوفياء للدين وقضية فلسطين.

مضى الشيخ ريان شهيداً، راسماً النموذج الفريد الذي زاوج فيه بين العلم والدعوة إلى الله، وبين الجهاد والمقاومة والعمل السياسي، ليواصل مسيرته تلاميذه من أهل العلم والمجاهدين على المنهج ذاته والطريق ذاته.

وسوم: العدد 857