الشيخ العالم الشهيد عبد الجليل إبراهيم الفهداوي

fgghggh1048.jpg

(1961- 2010م)

هو الشيخ العالم الشهيد د. عبد الجليل بن إبراهيم حمادي الفهداوي الذي كان أحد أبرز أعلام أهل السنة والجماعة في العراق، واشتهر بالشجاعة وقول الحق دون أن يخشى في الله لومة لائم.

المولد، والنشأة:

   ولد الشيخ الشهيد عبد الجليل إبراهيم الفهداوي عام 1961، في قرية قورية في حديثة في محافظة الأنبار في العراق، وهو متزوج له 6 أبناء أكبرهم صهيب الذي استشهد عام 2003 بعد الاحتلال الأميركي للعراق.

ونشأ في أسرة مسلمة ملتزمة، فوالده الحاج إبراهيم كان متديناً، يعمل في شركة النفط، وقد نذر ولده عبد الجليل للعلم الشرعي.

الدراسة، والتكوين:

درس المرحلة الابتدائية في مدرسة الحديثة.

   ثم انتقل إلى الرمادي، فدرس الإعدادية والثانوية الشرعية في المعهد الإسلامي فيها لمدة 6 سنوات، وكان من زملائه الشيخ محمود عبد العزيز العاني، والشيخ جميل عليوي، وفيضي الفيضي، وصالح عيادي الكبيسي، وغيرهم.

حصل على إجازة من كلية الشريعة في جامعة بغداد سنة 1985م.

ثم تابع الدراسات العليا، فحصل على شهادة الماجستير في العقيدة في جامعة بغداد، وكانت الرسالة تحت عنوان خوارق العادات

ثم حصل على شهادة الدكتوراه في جامعة الدول العربية، وكانت الرسالة تحت عنوان: أثر القرآن في تغيير الحياة الاجتماعية في المجتمع العربي.

ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة وكانت الرسالة بعنوان: العقيدة الإسلامية في مواجهة التنصير في العالم الإسلامي.

شيوخه، وأساتذته:

درس الشيخ عبد الجليل الفهداوي العلوم العربية والشرعية على العديد من أعلام العراق الأبرار من أمثال: الشيخ عبد الملك السعدي، والشيخ عبد القادر العاني، وعبد الكريم الدباغ، ومنحه الشيخ صبحي السامرائي إجازة في الحديث، ...

الوظائف، والمسؤوليات:

خطب الشيخ عبد الجيل مبكراً في مساجد العراق حيث مارس الخطابة وهو في الثاني متوسط ( 14 سنة).

ثم خطب في مسجد المأمون، والروضة المحمدية، وفخري شنشل، وفي مسجد البينة، وفي آخر أيامه كان يخطب في جامع الأخوة الصالحين في العامرية ببغداد، وكانت خطبته الأخيرة قبل استشهاده في جامع الشواف في حي اليرموك ببغداد.

- بدأ التدريس الجامعي منذ عام 1995م، وترأس قسم في كلية العقيدة في الجامعة الإسلامية في بغداد، وحاصل على عدة إجازات في العلوم الشرعية، منها إجازة في حفظ القرآن برواية حفص عن عاصم وشعبة.

كان من رجال الدين المعروفين بالشجاعة حيث كان كأحد موظفي قسم المساجد في وزارة الأوقاف العراقية منذ عام 1990 لغاية 1998 حيث كان يرفض دائماً الدعاء للرئيس السابق صدام حسين أو لحزب البعث بالاسم في دعاء خطبة الجمعة على الرغم من تنبيههم له لعدة مرات حيث كانت شجاعة منه، ولم يتملق لاي مسؤول.

ومن أعماله الجليلة تأسيس مكتبة عامرة في إحدى قاعات جامع فخري شنشل، وكان أساسها مكتبة الشيخ فؤاد الالوسي، وهي المكتبة المرجانية سابقاً. محمد فؤاد الالوسي 19/05/2011

   وهو كذلك عضو الهيئة التأسيسية لرابطة التدريسيين في العراق، وعضو الهيئة التأسيسية لهيئة علماء المسلمين بعد الاحتلال، ورئيس الجمعية الاجتماعية في بغداد، وعضو مؤسس وفعال في مجلس علماء العراق، وقد انتخب نائباً للأمين العام للمجلس في 23/7/2009.

   والفهداوي أحد الموقعين على وثيقة مكة التي حرمت انتهاك الدم العراقي، وعضو المجلس العلمي لديوان الوقف السني.

أخلاقه، وصفاته:

   كان الشيخ عبد الجليل خطيباً مفوهاً، يسعى في الإصلاح بين الناس، وكان عضواً في مجلس الإفتاء، يحمل فكراً وسطياً معتدلاً، وكانت همته عالية في التحصيل العلمي وفي العطاء، دائب النشاط، كثير الحيوية، وكان رحمه الله شجاعاً، جرئياً في قول الحق، لايخشى في الله لومة لائم لم يدع للرئيس العراقي فوق المنبر رغم التحذير المستمر، وكان صاحب غيرة حميدة على أعراض المسلمين، محب للدعوة ومحترم لإخوانه، وكان يحفظ كثيراً من الشعر، ويستشهد فيه في خطبه ومحاضراته ومقابلاته.

   استشهاده:

   لقي الشيخ عبد الجليل الفهداوي ربه شهيداً على أيدي مجهولين يركبون سيارة مدنية بتاريخ 5 / 5 / 2020م.

رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

ملابسات اغتيال الشيخ الفهداوي:

   قال شهود عيان بمنطقة العامرية لـوسائل الإعلام (أن ثلاثة مسلحين مجهولين قاموا باغتيال الشيخ «عبد الجليل الفهداوي» ومرافقيه «مصطفى وعادل» أمام منزله الملاصق لجامع الإخوة الصالحين في منطقة «العامرية» في بغداد).

   كما وتحدث الشهود عن ملابسات الحادث، حيث قالوا أحد شهود العيان وهو «الشيخ مجاهد» أحد العاملين مع الشيخ «عبد الجليل الفهداوي» في جامع «الأخوة الصالحين» (بأن المسلحين استهدفوا الشيخ أثناء توجهه وأثنين من مرافقيه بعد خروجهم من بيت الشيخ متوجهين إلى مكان وظيفة الشيخ في الجامعة الإسلامية في منطقة الأعظمية في جانب الرصافة من بغداد).

   وأضاف الشاهد (بأن سيارة المسلحين اعترضت سيارة الشيخ ومرافقيه واغتالوهم بمسدسات كاتمة للصوت على بعد بضع امتار من منزل الشيخ)، مبيناً (ان سائق السيارة التي كانت تقل الشيخ هو خطيب أبنة الشيخ الفهداوي وقد أستشهد معه إضافة لمرافقهم الثالث).

   ولفت إلى (ان هنالك تفاصيل مريبة استبقت الحادث كان منها رفع نقطة تفتيش عسكرية كانت موجودة بالقرب من منزل الشيخ وتم رفعها قبل يومين من الاغتيال)، مشيراً إلى (أن مثل هذه الحادثة تتكرر للمرة الثالثة في العامرية وهي شبيهة باغتيال رئيس المجلس البلدي في منطقة العامرية ببغداد «الشيخ عمر الفاروق»).

   كما وأضاف بعض من كان قريباً من موقع الحادث (بأن السيارة التي نفذت الحادثة هي برنس سوداء)، مشيرين إلى (أن كل من ذهب لمكان الحادث قام الحرس بأخذ اسمه وحجز بعضهم لفترة معينة).

   وقد عبر الأهالي في مدينة «العامرية» عن رفضهم وشجبهم لعملية الاغتيال، وأشاد لنا أكثرهم بالشيخ «الفهداوي»، فهو كان أشبه بمدرسة فكرية ومحب للخير.

موقف مجلس علماء العراق من اغتيال عبد الجليل الفهداوي:

مجلس علماء العراق من جانبه «لم يبرأ الحكومة العراقية» من حادث الاغتيال، وقال الشيخ «عبد الستار عبد الجبار» الناطق باسم مجلس علماء العراق، بتصريح خاص لـ «الرائد نت» (بأنه كانت هناك نقطة تفتيش بقرب منزل «الفهداوي» لا تبعد أكثر من 150م تقريباً تم إلغائها ورفعها من مكانها قبل يومين من حادث الاغتيال).

   وأضاف عبد الجبار (أن المجلس لا يبرأ الحكومة العراقية من هذا الحادث)، مبيناً (أن الحكومة لا توفر حماية لعلماء المجلس ولا تسمح لهم بتوفير الحماية لأنفسهم).

   وكان الشيخ "عبد الجبار عبد الستار"، قد ذكر في تصريحات صحفية (أن الشهيد الشيخ "عبد الجليل الفهداوي" كان منع من السفر من بغداد إلى السليمانية قبل أيام "بحجة صدور منع بحقه كما أخبرته بذلك أجهزة المطار الأمنية). ف يما أوضح عضو مجلس علماء العراق الشيخ «الشيخ منير العبيدي» (أن استشهاد الشيخ الفهداوي خسارة كبيرة للدعوة والحركة الإسلامية في العراق، فهو صوت صادق يدعو إلى دين الله بلا خوف أو وجل).

الشيخ بعد خروجه من المشرحة، ويظهر مكفناً، والناس تستعد للصلاة عليه مبيناً (إن الوفد الذي كان يرافقه الشيخ عبد الجليل الفهداوي تفاجئوا من صدور أمر المنع بحق الشيخ، برغم أننا كنا متوجهين إلى السليمانية لالتقاء مجموعة من علماء كردستان العراق)، محملاً (الحكومة المسؤولية الكاملة عن كل ما يتعرف له الشيوخ والعلماء والدعاة من اغتيالات واعتقالات واختطافات ومضايقات في العراق اليوم).

موقف هيئة علماء المسلمين من اغتيال الشيخ:

   أدانت هيئة علماء المسلمين اغتيال الشيخ، وحملت الحكومة العراقية مسؤولية اغتيال علماء العراق.

وقد أصدر الحزب الإسلامي العراقي تصريحاً صحفياً أدان فيه اغتيال نائب رئيس مجلس علماء العراق الشيخ الدكتور عبد الجليل الفهداوي على أيدي زمرة إرهابية حاقدة في منطقة العامرية ببغداد.

   تشيع الشيخ الفهداوي في جامع أم القرى في بغداد، ويصلي عليه الشيخ إبراهيم النعمة ويظهر خلفه أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس الوقف السني وزياد العاني رئيس الجامعة الإسلامية في بغداد.

وقال الحزب في تصريحه: عبد الجليل الفهداوي ها هي يد الغدر والإجرام تعود لتطال واحداً من أبرز رموز العراق، وها هي اليد الآثمة تستبيح الحرمات وتستهدف وريثاً من ورثة الأنبياء ألا وهو الشيخ العلامة الدكتور عبد الجليل الفهداوي والذي نال الشهادة صباح اليوم مع اثنين من مرافقيه. 

   وأضاف: لقد كان الشيخ الفهداوي صوتاً إسلامياً معتدلاً يشهد له القاصي والداني بمواقفه الشجاعة في الدعوة إلى التكاتف والعمل من أجل إنقاذ العراق وإيصاله إلى بر الأمان، فضلاً عن دوره المتميز في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل الذي يجمع ولا يفرق ويقوي ولا يضعف.    

   وأكد الحزب أنه لا شك بأن اليد المجرمة التي نفذت، والجهة الخبيثة التي خططت، إنما تريد إفراغ بلدنا الجريح من أمثال هذه الشخصيات التي نحن بأمس الحاجة إليها في وقتنا العصيب هذا.

واعتبر الحزب في تصريحه أن استهداف الدكتور الفهداوي إنما ينذر بعودة التدهور الأمني المخيف، وهو إشارة على وجود مخطط لإعادة العنف والفوضى إلى الساحة مرة ثانية، داعياً كل الأطراف من سياسيين وقادة أمنيين لتدارك الأمر عاجلاً وتضافر الجهود لحماية وحفظ أرواح العراقيين، كما طالب الحكومة أن تتخذ الإجراءات اللازمة وبضمنها التحقيق الفوري في الحادث، لإيقاف هذه الجرائم بحق رموز الشعب العراقي.

   وسأل الحزب في تصريحه الله مخلصاً أن يتقبل الشهيد في فسيح الجنان مع الأنبياءٍ والصديقين والشهداء، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ويجعل الدماء الزكية الطاهرة لعنة تطارد قاتليه

موقف رابطة علماء فلسطين من اغتيال الشيخ:

   رابطة علماء فلسطين ينعون بمزيد من الحزن والأسف أحد علماء الأمة الإسلامية الداعية العالم الخطيب الموجه المربي الشيخ الدكتور / عبد الجليل الفهداوي وتقبله في الصالحين الذي اغتيل على يد حفنة مارقة مأجورة في عراق الرافدين الحبيب وذلك لاستمرار زرع بذور الفتنة في المجتمع المسلم في العراق، وان علماء فلسطين يعتبرون هذه الجرائم في اغتيال علماء الأمة والمربين والقادة وأئمة المساجد والخطباء الذين يثبتون دعائم المجتمع ويعملون على ترسيخ عوامل الوحدة والاستقرار وجمع الكلمة لا يخدم إلا مصلحة الاحتلال الإجرامي الذي يحاول نزع العراق عن عروبته وإسلامه ودينه باستمرار جو الفلتان فيه وإننا في فلسطين ندعو الأشقاء في العراق إلى الضرب بيد من حديد على هذه الأيدي العابثة والالتفاف حول أرضهم وحقوقهم وطردهم لهذا المحتل المجرم الذي استنزف خيرات العراق واستنزف طاقات العراق بإراقة دماء علماءه ومفكريه وقادته من أمثال الشيخ / عبد الجليل الفهداوي. عضو الهيئة التأسيسية لهيئة علماء المسلمين وعضو رابطة علماء أهل السنة العالمية وعضو مؤسس وفعال في مجلس علماء العراق.

وتقبله في الشهداء والصالحين.

د.مروان محمد أبو راس

رئيس رابطة علماء فلسطين

قطاع غزة

   موقف الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية جامع من اغتيال الشيخ:

   أدانت الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية اغتيال الشيخ واتهمت الحكومة والايادي الخفية التي تلعب في الظلام باغتياله.

وهذا نص البيان الذي أصدرته.

    في صبيحة هذا اليوم وأمام منزله في جامع الإخوة الصالحين في العامرية امتدت أياد أثيمة لتغتال الشيخ عبد الجليل الفهداوي وذلك عبر إطلاقات عمياء من مسدسات كاتمة للصوت لتستقر في جسد طالما سجد وركع وتحرك في سبيل دعوة الله محاولة بذلك الفعل الجبان أن تسكت صوت الحق الذي كان يصدح به الشيخ ليل نهار من خلال منابر الجمعة ودروسه التربوية المميزة..

   لقد كان الشيخ تعالى مثالا يحتذى به في الثبات على المواقف وفي تثبيت دعائم وتأصيل الجهاد في سبيل الله ضد المحتل الغازي ولطالما دندن حول هذه المعاني وشنف بها أسماع أهل العراق حتى انه كان من الأوائل الذين حثوا على مقارعة المحتل والذود عن الديار

   طبت يا أبا صهيب وطاب مثواك..وجزاك الله عنا كل خير..وهنأك بالشهادة التي طالما سألتها...وصبر الله اهلك وأبناءك وجعل استشهادك منارة لهم في طريق العزة والإيمان والفلاح..

والخزي والعار والذلة في الدنيا والآخرة لتلك الأيدي المرتزقة التي امتدت ومن وراءها..

اللهم عليك بالمحتل وأذنابه وأعوانه..

اللهم انتقم لنا ممن تسبب في قتل الشيخ وأمثاله من العلماء العاملين والدعاة ورموز الأمة...

اللهم أنت العالم بما في قلوبنا من حزن ولكن لا نقول إلا ما يرضيك فارض عنا يا الله واكفنا شر أعدائك يا قوي يا عزيز.

رئيس المكتب السياسي

الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع)

بغداد

5-5-2010 مـ

موقف الشيخ طه الدليمي من اغتيال الشيخ:

ومن جانبه أعلن الشيخ د. طه الدليمي من خلال قناة صفا، ومن خلال موقع القادسية الذي يديره، استنكاره لقتل هذا الشيخ الجليل، واتهم إيران وأذرعها الطائفية الشعوبية الحاقدة بمسؤوليتها عن قتله.

العاني: استهداف الفهداوي إفراغ العراق من المصلحين والدعاة:

   أكد القيادي في الحزب الإسلامي العراقي الدكتور زياد العاني إن استهداف الفهداوي والعلماء والمفكرين الهدف منه إفراغ العراق من المصلحين والدعاة كي يسود الرعاع وتعلو منابر الشر على منابر الخير والإصلاح.

   وقال العاني إن الاجندات الخبيثة استخدمت العصابات المأجورة لتصفية عدد كبير من العلماء والمفكرين والأساتذة والدعاة خصوصا بعد الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 .

   وأضاف: إن الشيخ الشهيد المجاهد الدكتور عبد الجليل الفهداوي هو من أصحاب الكفاءات والامتيازات وله القدرة على الإفتاء والإصلاح والدعوة إلى الوسطية المعتدلة وهذا الطراز الطيب لا يروق للأجندات الخبيثة كي ينحرف البلد نحو الشر والتخندق الطائفي والتعصب القبلي المقيت .

   حيث إن الفهداوي عرف باعتداله وشجاعته وجراءته في الحق ولا يخاف في الله لومة لائم ، كما انه ومنذ ثلاثين عاما وهو يمتطي صهوة المنابر وهذا ديدنه منذ زمن النظام السابق وحتى يوم استشهاده .

   وأشار إلى إن الدعوة الإسلامية قد قدمت الكثير من الشهداء ولم تتردد يوما في المضي قدما نحو الإصلاح والخير. وان الشهداء سيبقون منارة علم ونور وهدى للناس .

وطالب العاني الأجهزة الأمنية أن تكون لديها استخبارات ومعلومات دقيقة عن المجرمين وتحركاتهم وان تهتم بأمن العراقيين والعلماء والمفكرين على وجه الخصوص لأنهم أكثر استهدافا من قبل المجرمين.

حوار علمي مع الشيخ الدكتور عبد الجليل الفهداوي تقبله الله تعالى:

وقد أجرى الشيخ مثنى الزيدي: حواراً خاصاً برئيس قسم العقيدة في الجامعة الإسلامية ونائب الأمين العام لمجلس علماء العراق تقبله الله في الشهداء

   موقف كثير من علمائنا وفقهائنا سلبياً بعد الأحداث تركونا مع الكوارث والنكبات بحيث لو سأل عنها إبن الخطاب لجمع لها أهل بدر

الشيخ/ هل لنا أن نُعرف القراء الكرام والخطباء المعاصرين بفضيلة الشيخ عبد الجليل الفهداوي؟

   الدكتور/ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد البطاقة الشخصية، لي ولدت سنة 1961 في كركوك وأنا من أصل عشيرة ال بو فهد فخذ ال بو موسى نشأت وترعرعت في حديثة، متزوج ولي ستة أطفال.

الشيخ/ سؤال يسأله طلبة العلم كيف بدأ الشيخ مشواره في طلب العلم وتدرج فيه ليكون أحد أهم المفتين لأهل السُنة في العراق ومن أبرز أساتذته؟

الدكتور/ درست في المعهد الإسلامي في الرمادي سنة 1974-1980 انتهيت من الدراسة الإعدادية سنة 1980م، وأنهيت الدراسة الجامعية سنة 1985 من كلية الشريعة جامعة بغداد، وحصلت على درجة ماجستير في العقيدة من نفس الكلية سنة 1995 ورسالتي " خوارق العادات عند المسلمين "، وحصلت على دكتوراه في التاريخ الإسلامي من معهد التاريخ من جامعة الدول العربية سنة 2001 بعنوان " أثر القرآن في تغير الحياة الاجتماعية في المجتمع العربي "، وحصلت على الدكتوراه الثانية سنة 2007 من كلية العلوم الإسلامية جامعة بغداد ورسالتي " العقيدة الإسلامية في مواجهة التنصير في العالم الإسلامي " .

وقد درست على علماء العراق أثناء دراستي الجامعية وما بعدها درست على يد الشيخ عبد الملك السعدي، والشيخ عبد الجليل الهيتي، والشيخ عبد القادر العاني، والشيخ العلامة عبد الكريم بيارة، وأخذت الإجازة العلمية من الشيخ عبد الكريم الدبان في العلوم العقلية والنقلية، وأجزت بالمواريث من الشيخ مخلص الراوي، وأجزت من الشيخ صبحي السامرائي بالحديث وأجزت بقراءة حفص من الشيخ د. ياسين السعدي.

   ثم عملت في التدريس في كليات العلوم الإسلامية والإمام الأعظم والجامعة الإسلامية في العقيدة والدعوة وحقوق الإنسان والاستشراق ودرست مئات الطلبة خارج الكلية في المساجد والبيت، ولقد ارتقيت المنبر وأنا في الصف الثاني متوسط سنة 1976 ولا زلت خطيباً منذ ثلث قرن متجولاً في بغداد والمحافظات في جامع البنية والروضة المحمدية وشنشل والأخوة الصالحين ولي مؤلفات كثيرة منها المطبوع والمخطوط وأطاريح الماجستير والدكتوراه كلها مطبوعة في بيروت وعمان واساليب الاستعفاف للشباب المسلم، ولطائف ذات بهجة والأسباب الأساسية للخلاف الزوجي، وبحوث في الترقية العلمية نشر بعضها وبعضها في طريق النشر مع العديد من المقالات في المجلات مثل مجلة الخطيب والرائد والرسالة الإسلامية والتربية الإسلامية وغيرها وشاركت في مؤتمرات محلية ودولية في العديد من الدول ومحاضرات وندوات في الفضائيات المختلفة.

إن المنابر في الإسلام ما رفعت *** إلا لترفع صوت الحق في الناس

فأختر لأعدائها لا لمن يلين له    *** بالحق عودٌ ولا يصغر لخناسِ

   الشيخ عبد الجليل المفتي الأول لكثير من المجلات والفضائيات، هل الشيخ يحب الصدارة أم يعاني من تنصل العلماء من مسؤوليتهم فاصبح في الساحة وحيداً يذود عن حمى أهله ويوجه ويعلم ما استطاع؟ .

الدكتور/ أعوذ بالله من أن أحب الصدارة أو التصدر أو حب الظهور لأن حب الظهور يقطع الظهور ولكن:

إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً *** فما حيلة المضطر إلا ركوبها

مع الأسف كان موقف كثير من علمائنا وفقهائنا سلبياً بعد الأحداث تركونا مع الكوارث والنكبات بحيث لو سأل عنها أبن الخطاب لجمع لها أهل بدر فلن نجد من يتولى الأمر فالله يشهد أني أتألم كثيراً حينما أدعى أو أسأل مع أني لست أهلاً لذلك حقيقة لا تواضعاً، فالعلماء عقول الأمة والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء.

أطيعوا الرأس فيكم كي تسودوا *** وهل جسد يسود بغير رأس

الشيخ/ كيف ينظر الشيخ لواقع العلماء وطلبة العلم في العراق وما هي أبرز المشاكل التي يعاني منها الطرفان وما هي الحلول؟ .

الدكتور/ لعلمائنا جهود ينكرها إلا مكابر في أداء واجبهم تجاه دينهم وشعبهم وتدريسهم لطلبة العلم فخرياً ورسمياً غير أن تلك الجهود ضعيفة ودون المستوى المطلوب وكانت هناك أسباب تحول دون الرقي والتطور ومسايرة العصر الحاضر ومن أبرزها:

  1. جمود المناهج وتدريس كتب بعينها دون مراعاة الانفجار العلمي في العالم.
  2. الاهتمام بالمظهر دون التركيز على الجوهر.

إن الجواهر في التراب جواهر *** والأسد في قفص الأسود أسود

  1. استخدام أسلوب التلقين وحفظ المتون وعدم غرس العقيدة الصحيحة بحيث تكون دافعة إلى الصمود والثبات أمام ما يجري.
  2. الانشغال بفرق وعقائد قديمة أكل عليها الدهر وشرب كالفلاسفة واليونان وترك الفرق المعاصرة كالقاديانية والبهائية والخوارج الجدد والعلمانية والعولمة والصليبية والشيوعية والاشتراكية واليهودية وغيرها، أما الحلول فهي عكس ما ذكرت ضرورة إيجاد مربين لا فقط علماء والتركيز على الواقع المعاصر فمن لم يعرف أهل زمانه فهو جاهل، وأقول: أيها العلماء إذا أكثرتم الرماد فلا تلموا الرياح إذا أثارته.

الشيخ/ ما هو رأي الشيخ بواقع أهل السُنة في العراق أين هو وإلى أين يتجهون وماذا تقول لهم؟ .

الدكتور/ أهل السُنة لم يكونوا مستعدين ولا متهيئين لما حدث بعد 2003م وكانوا يتوقعون أن يسقط النظام السابق لكن الذي حدث هو سقوط دولة برمتها جيشاً وشرطة ووزارات ومؤسسات واحتلال دولتين أمريكا وإيران، والطرف الآخر كان متهيئاً ومستعداً للوضع الجديد متفقين مع الأكراد وأميركا وإيران وقد تغلغلوا في كل مفاصل الدولة وقد استخدموا معنا أسلوب تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم والقوا على أهل السُنة زوراً وبهتاناً كل أخطاء وجرائم النظام السابق وأصبحا في قفص الاتهام فهجر البعض وقتل البعض، وأعتقل البعض وطرد البعض فوضع أهل السُنة يحزن الصديق ويفرح الأعداء، ومع كل هذا فقد شطروا أهل السُنة إلى فصائل عرباً وأكراداً وتركماناً ثم شطروا الكل إلى إسلاميين وعلمانيين فانتشرت الرايات، إضافة إلى إن موقف الدول العربية مخز ومؤلم، وأقول لهم لابد من مد الجسور فيما بينهم عرباً وأكراداً وتركماناً، ولا بد من عودة العقول والأموال المهاجرة إلى العراق، ولا بد من إهالة التراب على الخلافات ( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ).

وهناك أناس يسعون لهدم القمم الشماء لتتساوى الرؤوس بالحفر... أجل هناك رجال لا يرون الصعود إلا على أشلاء العمالقة الجهابذة، قال إبن عساكر: ( ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب) .

إنهم ينصبون مشانق الطعن والتجريح لإلغاء الثقة بالعلماء، ولقد رأيت في التاريخ إذا أريد إسقاط بلدة قتلوا علماءهم ومفكريهم وهجروهم ثم ساقوا الناس على ما يريدون.

فأنهم كقطيع لا عقول لهم *** يكفي لإسكاتهم ماء وأعلاف

ومن كان في حجر الأفاعي ناشئاً *** غلبت عليه طبيعة الثعبان

الشيخ/ أنتم نائب رئيس مجلس علماء العراق أين دور المجلس في الساحة البعض يقول إن المجلس ولد ميتاً، دوره أمام طلبة العلم ، الخطباء ، تطويرهم ، تثقيفهم ، وماذا يعد من خطط للمستقبل القادم؟.

الدكتور/ المجلس له دور في بغداد وفي أكثر من خمسة عشر فرعاً في المحافظات والأقضية بعيداً عن الأضواء والإعلام ولقد أبعدنا المجلس عن المعمعات السياسية فهو ليس حزباً ولا جبهة سياسية وهدفنا الأساسي جمع العلماء وأهل السُنة تحت خيمة واحدة وإيجاد مرجعية لأهل السُنة كبرى تجمعهم من حيث الإفتاء والوعظ وتوحيد الرؤية الإسلامية.

لكن فوجئنا بحملة شرسة إعلامية من كل الأطراف في الداخل والخارج لتشويه المجلس وأعضائه حيث قتلوا ثلاث من أعضائه د. حارث العبيدي والشيخ علي الزند ، والشيخ محمد الهستياني واعتقلوا بعضهم كالشيخ حسن الملا علي وحاولوا اغتيال الشيخ عبدالستار عبد الجبار ونجاه الله والشيخ رياض الدوري ونجاه الله أيضاً وغيرهم ومع هذا أنا أشهد أن دوره محدودٌ وأطمح في المستقبل أن ينشط في كل الجوانب لاسيما إذا أخذ المجمع الفقهي التابع له دوره في الإجابة على المسائل المستحدثة.

الشيخ/ لماذا يرى أهل الحل والعقد أعداءهم يصطفون وهم يزدادون بعداً وتفككاً لماذا لا نملك مرجعية شرعية موحدة ومن هو المسئول عن ضياعنا وتمزقنا؟!.

الدكتور/ باختصار الأهواء والأطماع وعدم التوحد والإخلاص عند الأغلب وعدم وضع خطة كبرى كما يفعل الأعداء، أعداؤنا في الداخل والخارج لهم دول ومؤسسات وعندهم تمويل وتنظيم وإعلام ولديهم قواعد تطيعهم ومع الأسف المجتمع السُني هم من أكثر الناس تمرداً على علمائهم وعدم طاعتهم وسرعان ما يفقدون الثقة برجالهم، لأجل هذا كان يقول عمر الفاروق رضي الله عنه : ( مما أرهقني جلد الكافر وعجز الثقة) وكذلك وجود إيران ساعد على توحيد شمل الخصوم وعدم وجود دولة سنية تعمل على جمع شمل أهل السُنة وتوحيد صفوفهم ودفعهم إلى الأمام وعدم وجود قائد ورمز مقبول ومتفق عليه.

الشيخ/ هل ينتمي الشيخ إلى حزب من الأحزاب وكيف تنظرون للعملية السياسية في ظل الإحتلال؟ .

الدكتور/ الحمد لله لم أنتمِ في حياتي إلى حزب ديني أو علماني، إلا أن منهجي الوسطي المعتدل وظهوري على قناة بغداد في جلسة إفتاء جعل الناس يعتقدون إني محسوب على جهة معينة. أما العملية السياسية في ظل الإحتلال فالخصها في نقاط:

  1. الدخول إليها بمثابة المكره المضطر.
  2. إنها تمشي مشية الأعمى الذي فقد عصاه أو مشية الأعرج المتكئ في مشيه.
  3. إنها فاقد للسياسة الحقيقية وحتى الانسحاب الأميركي ما هو إلا أضحوكة يضحكون بها على الذقون والذي يبدو لي إن العراق لا يحتاج إلى الحكم الفدرالي أو الديمقراطي ولكنه يحتاج إلى رجل عادل وقوي لا إلى طاغية ظالم لكي يقودهم إلى شاطئ السلامة.

نحن بالإسلام كنا خير جيل *** ما لواه الموج مهما لطما

الشيخ/ ماذا يقول الشيخ في مسك الختام؟ .

الدكتور عبد الجليل:

أسألوا التاريخ عنا كيف كنا *** نحن أسسنا بناء أحمديا

الأمر يحتاج بعد الصدق والإخلاص غربلة المواقف خلال سني العجاف .

إذا رمت العلا من غير بذل *** فنم وأحلم وَكل لحما وأرزا

إذا لم تكسك التقوى ستعرى *** وإن حلوك ديباجاً وخزا

ويؤسفني كثرة العدد ألا أن النوع والكيف أقل من القليل

عدد الحصى والرمل في تعدادهم *** فإذا حسبت وجدتهم اصفارا

الشيخ/ ما هو رأيك بمجلة الخطيب؟

الدكتور/ أني اعد مجلة الخطيب مجلة رائدة ويحترمها الكثيرون وذلك للطرح الشيق والأسلوب الرصين والمواضيع البناءة ومسايرة الواقع وإخلاص القائمين عليها من كتاب واسرة تحرير وإخراج.

ملاحظة:

الشيخ استشهد صباح يوم الاربعاء 5/5/2010م في العامرية ببغداد الموافق 21/جمادي الاولى/1431هـ.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

مصادر الترجمة:

1-الموسوعة التاريخية الحرة.

2-رابطة العلماء السوريين.

3- موقع رابطة علماء فلسطين.

4- موقع الحزب الإسلامي العراقي.

5-موقع القادسية- د. طه الدليمي.

6- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1048