الشيخ فارس الخوري رمز لوحدة شعب في وجه حكم طائفي

الشيخ فارس الخوري

رمز لوحدة شعب في وجه حكم طائفي

الشيخ فارس الخوري رئيس وزراء لأربع دورات

م. هشام نجار

المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده 

najjarh1.maktoobblog.com

أعزائي القراء

 كنت طفلاً صغيراً عندما بدأ يطرق مسامعي أسماء لرجالات حقق الله على أيديهم إستقلال الوطن الناجز, منهم من قاتل بالكلمه المخلصه ومنهم من قاتل بالسلاح فتكاملت الكلمة مع السلاح  لتشكلا معا معزوفة الإستقلال .من هؤلاء الرجال الشرفاء شخصية أجمع عليها أبناء الوطن ليكون لها في قيادة سوريا دور طليعي ,هذا الرجل هو الشيخ فارس الخوري طيب الله ثراه..فمن هو هذا الرجل ذو التاريخ الوطني الناصع.

ولد فارس الخوري سنة ١٨٧٣م في قرية الكفير التابعة حاليا لقضاء حاصبيا في لبنان والده يعقوب بن جبور الخوري مسيحي بروتستانتي، كان نجاراً وله بعض الأملاك الزراعية في قريتة 

تلقى فارس الخوري علومه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم بالمدرسة الأمريكية في صيدا، ولما كان متفوقاً على أقرانه فقد عينه المرسلون الأمريكان معلماً في مدرستهم الابتدائية في زحلة.

دخل فارس الكلية الإنجيلية السورية، والتي سميت بعد ذلك الجامعة الأمريكية في بيروت. ولكن المرسلين الأمريكيين لم يمكنوه من الاستمرار، فقد عينوه من جديد في مدرستهم بقرية مجدل شمس عام ١٨٩٢ ثم نقلوه إلى صيدا، فعاد للدراسة في الجامعة الأمريكية وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم عام ١٨٩٧ وكانت هذه الشهادة في ذلك الحين شهادة ثقافية عامة ليس فيها اختصاص في أحد فروع العلوم والآداب، دعاه رئيس الجامعة للتدريس في القسم الاعدادي كمعلم للرياضيات واللغة العربية.

نظم فارس الخوري الشعر وأولع به، فكان شعره وطنياً تناول فيه القضايا العربية، وكذلك كان أديباً حيث ملأت منظوماته الشعرية وكتاباته الصحف السورية والمصرية. إلا أن انشغاله في علوم السياسة والاقتصاد والعمل الوطني والقومي والعلمي جعله ينصرف عن الشعر ولا يقوله إلا في المناسبات.

انتخب فارس الخوري سنة ١٩١٤ نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني. وفي سنة ١٩١٦ سجنه جمال باشا بتهمة التآمرعلى الدولة العثمانية، لكنه بُرئ ونفي إلى استانبول، حيث مارس التجارة هناك.

عاد فارس الخوري إلى دمشق بعد انفصال سوريا عن الحكم العثماني. وفي عام ١٩١٩.

عُين عضواً في مجلس الشورى الذي اقترح على الشريف فيصل تأسيسه، كما سعى فارس مع عدد من رفاقه إلى تأسيس معهد الحقوق العربي، وكان هو أحد أساتذته، كما اشترك في تأسيس المجمع العلمي العربي بدمشق.

شارك فارس الخوري وعدد من الوطنيين في تأسيس الكتلة الوطنية، وكان نائباً لرئيسها يضع القرارات ويكتب منشوراتها، وهذه الكتلة قادت حركة المعارضة والمقاومة ضد الفرنسيين، وكانت من أكثر الهيئات السياسة توفيقاً وفوزاً لمدة تقارب العشرين عاماً.

على أثر الإضراب الستيني الذي عم سوريا عام ١٩٣٦للمطالبة بإلغاء الانتداب الفرنسي تم الاتفاق على عقد معاهدة بين سوريا وفرنسا، ويقوم وفد بالمفاوضة لأجلها في باريس، فكان فارس الخوري أحد أعضاء هذا الوفد ونائباً لرئيسه.

انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري عام ١٩٣٦ومرة أخرى عام ١٩٤٣

 كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ووزيراً للمعارف والداخلية في تشرين أول عام ١٩٤٤..وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة). وقد أعاد تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية.

كان فارس الخوري متجرداً في أحكامه، عميقاً في تفكيره، صائباً في نظرته، وقد جره هذا الإنصاف لأن يقول عن (الإسلام) الذي درسه وتعمق فيه أنه محققاً للعدالة الاجتماعية بين بني البشر. فمن أقواله في الإسلام: (.. يمكن تطبيق الإسلام كنظام دون الحاجة للإعلان عنه أنه إسلام). ـ (… لا يمكننا محاربة النظريات الهدامة التي تهدد كلاّ من المسيحية والإسلام إلا بالإسلام). في عام ١٩٤٥ ترأس فارس الخوري الوفد السوري الذي كُلّف ببحث قضية جلاء الفرنسيين عن سوريا أمام منظمة الأمم المتحدة، التي تم تأسيسها في نفس العام، حيث اشترك الخوري بتوقيع ميثاق الأمم المتحدة نيابة عن سورية كعضو مؤسس.

كما ألقى الخوري خطبة في المؤتمر المنعقد في دورته الأولى نالت تقدير العالم وإعجابه. حيث أبدى فيها استعداد بلده سورية وشقيقاتها العربيات لتلبية نداء البشرية من أجل تفاهم متبادل أتم، وتعاون أوثق، كما تحدث فيها عن خطورة المهمة الملقاة على عاتق المؤتمر، وأظهر تفاؤله في إمكانية تحقيق الفكرة السامية التي تهدف إليها المنظمة العالمية. وبناء على جهوده فقد منحته جامعة كاليفورنيا (الدكتوراه الفخرية) في الخدمة الخارجية اعترافاً بمآثره العظيمة في حقل العلاقات الدولية.

‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍انتخب فارس الخوري عضواً في مجلس الأمن الدولي ( ١٩٤٧ - ١٩٤٨ )، وأكد رفض الدول العربية إقامة دولة لليهود فيها. كما شرح القضية المصرية وطالب بجلاء الإنجليز عن أراضيها، وأكد على السلام العالمي وطالب بإنهاء تنافس الدول الكبرى .

عاد فارس الخوري إلى بلاده بعد انتهاء عضوية سورية في مجلس الأمن الدولي، وكان قد انتخب رئيساً للمجلس النيابي لعام١٩٤٧عندما كان يمثل سورية في مجلس الأمن. ولكن عندما حل هذا المجلس على أثر الانقلاب الذي قام به حسني الزعيم ثابر فارس الخوري على عمله في الحقل الدولي، وترأس الوفود السورية إلى هيئة الأمم متابعاً نضاله ودفاعه عن القضايا العربية.

في عام ١٩٥٤ طلب رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي من فارس الخوري تشكيل حكومة سورية، وكان من أهم الأمور السياسية أثناء توليه وزارته الرابعة  الصدى البعيد في المجلس النيابي، وفي دوائر الحكومة وجماهير الشعب الذي أحدثه صدور الأحكام القاسية ضد الإخوان المسلمين في مصر. مما جعل سائر الحكومات العربية (بما فيها الحكومة السورية) تتوسط لدى القاهرة لتخفيف هذه الأحكام، وعرض الخوري وساطته الشخصية بالإضافة لوساطة حكومته والشعب السوري برئيس جمهوريته ومجلسه النيابي وفئاته وأحزابه، وواضعاً كرامته الشخصية كرجل يحفظ له المصريون أخلد الذكريات، لقاء تخفيف هذه الأحكام فلم يجد ذلك نفعاً، ونفذت أحكام الإعدام في ست من أقطاب الدعوة الإسلامية في وادي النيل. فكان لذلك أثر كبير في نفسه لم يزايله بقية عمره.

في ٢٢ شباط ١٩٦٠ أصيب فارس الخوري بكسر في عنق فخذه الأيسر بغرفة نومه، وكان يعاني من آلام المرض الشديد في مستشفى السادات بدمشق، حينما منح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من قبل الرئيس جمال عبد الناصر بناء على توصية المجلس الأعلى للعلوم والفنون.

من أحد المواقف المشهورة له أنه دخل إلى الأمم المتحدة حديثة المنشأ، بطربوشه الاحمر وبذته البيضاء الانيقة... قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا من اجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق واتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا. بدأ السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون اخفاء دهشتهم من جلوس 'فارس بيك' المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركا المقعد المخصص لسوريا فارغا. دخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة... فتوجه اليه وبدأ يخبره ان هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلا عليه بعلم سوريا ولكن فارس بيك لم يحرك ساكنا، بل بقي ينظر إلى ساعته.. دقيقة، اثنتان، خمسة...

استمر المندوب الفرنسي في محاولة 'إفهام' فارس بيك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى ولكن فارس بيك استمر بالتحديق إلى ساعته: عشر دقائق، أحد عشرة، اثنا عشرة دقيقة وبدء صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ واستخدم عبارات لاذعة ولكن فارس الخوري استمر بالتحديق بساعته، تسع عشرة دقيقة، عشرون، واحد وعشرون... واهتاج المندوب الفرنسي، ولولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس الخوري لكان دكه....وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، ووضع ساعته في جيب صدّارته، ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه وقال للمندوب الفرنسي:

سعادة السفير، جلست على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة فكدت تقتلني غضبا وحنقا، سوريا استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها ان تستقل. في هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها.. وفي مثل هذا اليوم من عام ١٩٤٦جلى آخر جندي فرنسي عن سوريا حين كان فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي, كان المجلس يضم عدداً من نواب العشائر شبه الأميين.‏ فوقف واحد منهم يتحدث قائلاً: (حضرات النواب المحترمون), فصحح له فارس الخوري بقوله: (حضرات النواب المحترمين).‏ فأعاد النائب نطقها بالشكل الصحيح, ثم تابع قوله: (كان النواب المحترمين), فقاطعه فارس الخوري, وصحح له مرة أخرى بقوله:(كان النواب المحترمون).‏ فثارت ثائرة النائب وصاح محتجاً باللهجة العامية:‏ - ليش هيك متحطط عليّ يا دولة الرئيس؟‏ لما قلت (المحترمون) صححتها لي إلى (المحترمين) ولما قلت (المحترمين) قاطعتني وقلت: (المحترمون).‏ فهل تريدني أن أقول (المحترمون) أم (المحترمين)؟‏ فرد عليه فارس الخوري ضاحكاً:‏ - لست أنا من يريد وإنما العربيه هي من تريد .

توفي الشيخ الجليل والوطني الفذ وإبن سوريا البار مساء الثلاثاء ٢ كانون الثاني١٩٦٢ في مستشفى السادات بدمشق.

أعزائي القراء

وأنا أسترجع معكم سيرة مختصره لأحد رجالنا العظماء إنما أسترجع معها سيرة وطن أُختزل قبل وصول عصابة فرق تسد إلى السلطه إلى بيت واحد كل أقطابه الوطنيه تلتقي فيه من فارس الخوري إلى شكري القوتلي وهاشم الأتاسي وناظم القدسي ومصطفى السباعي وصلاح البيطار ومعروف الدواليبي ومصطفى الزرقا وكل وجوه الوطن مع حفظ الألقاب التي يستحقونها لهم جميعاً..فالأشتراكي بجانب الرأسمالي.. والإسلامي بجانب المسيحي.. والكردي بجانب العربي.هكذا كان الوطن قبل مجيئ النظام المحتل المشبع بروح الطائفيه إلى السلطه بإنقلاب غادر.

أيها الإخوه والأخوات

إننا سوريون ونفتخر.. بل مصممون على إعادة أمجادنا قريباً غصباً عن الطائفيين من عائلة اسد وكل ماجمعت وحوت ..إن إستقلالنا الثاني قادم قادم.. وأنا  كتب هذه المقاله عن الشيخ فارس الخوري وفي يوم الجمعة العظيمه.اقول لإخوتنا المسيحيين سنحيي معكم اعياد فصحكم المجيده في كنائس الأيمان غداً نشدُّ معاً حبال نواقيس الحرية والكرامه وهي آتيةٌ آتيه.. بينما  دعاء الفجر في جوامع الإيمان تبشرنا بالنصر القريب.

مع خالص تحياتي