الشيخ سعيد الأحمر

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

الشيخ سعيد بن أحمد الأحمر عالم مجاهد، ولد في بلدة التل عام (1320ه/1902م) لأسرة عرفت بالعلم والفضل، كان أبوه عالماً، وقد توفي وعمر الشيخ سعيد اثنا عشر عاماً فعاش في رعاية أخيه الشيخ عبد اللطيف.

طلب العلم في مدينة دمشق، فنزل في مدرسة الخياطين التي كانت برعاية الشيخ حسن الخطيب، ثم لازم الشيخ توفيق الأيوبي مدير مدرسة السميساطية التي انتقل إليها، وانتفع منه ومن علمه كثيراً.

تردد على عدد من أعلام ومشايخ دمشق، منهم: الشيخ أبو الخير الميداني، والشيخ محمد الهاشمي التلمساني الصوفي.

شارك في الثورة السورية الكبرى مع عدد من العلماء، وبعدها سافر إلى مصر والتحق بالأزهر، فمكث فيها خمس سنين حصل بعدها على شهادة التخرج.

عاد إلى سورية وتولى الإمامة والتعليم في بلدة حرستا التابعة لمنطقة دوما، وفي هذه الفترة تعلم مهنة تصليح الساعات من أجل الكسب الحلال، والبعد عن مذلة السؤال، وأتقن هذه المهنة وورّثها لأولاده.

عاد إلى مدينة دمشق وقام بالتدريس في الجامع الأموي الكبير احتساباً دون أجر، كما درس في جامع القيمرية.

رزق بعدد من الأولاد وكلهم من الفضلاء الثقات ويمتهنون تصليح الساعات مع العلم والتقوى والصلاح، فقد اهتم بهم، فعلمهم جميعاً القرآن الكريم، والعلم والأدب، وحبب إليهم صالح العمل، الإنفاق في سبيل الله، وإعانة خلق الله، واختار لبناته أزواجاً صلحاء.

توفي رحمه الله في 13 شعبان 1401ه/16 حزيران 1981م، وهو يصلي سنة الفجر في المسجد.

رفض الوظائف الحكومية والخطابة ولم يعلق أمله بالدنيا، وكان كثير الصدقات، وصاحب خير كثير، ويحب العلماء ويعظمهم، شديد التواضع من غير تكلف، بل تواضعه سجية وخصلة رزقه الله إياها، وكان صادق اللهجة، سليم الصدر، لا يحمل على أحد، ولا يعرف الكسل ولا الملل، ولا إضاعة الوقت بتوافه الأمور، ويسير في حوائج الناس ما استطاع، ويغلب عليه صفاء القلب والسريرة والخشية والخوف من الله، سريع العبرة، غزير الدمعة.

كان يرغب كثيراً في مجالس العلم والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كان كثيراً ما يحضر السهرات الليلية مع الفلاحين أوقات سقاية أراضيهم في المنطقة التي كان يسكنها، حيث بنى بيتاً متواضعاً في (منطقة الغرب) من بساتين وحقول مدينة التل، وكانت هذه السهرات تمتاز بكثرة التذكير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كان الجميع يحبونه ولا يملون من جميل كلامه، ودماثة أخلاقه رحمه الله.

وقد يكون كثير من صفات الرقة والدماثة وحسن الخلق وجميل المعاملة، والقلب السليم، والخلق النبيل تشبع بها قلبه من معاشرة أولئك العلماء الصالحين أمثال الشيخ محمد الهاشمي التلمساني، والشيخ سعيد البرهاني، والشيخ حسن حبنكة، والشيخ عبد الرحمن الشاغوري، رحم الله الجميع، وأسكنهم فسيح الجنان.