الأستاذ عدنان سعد الدين

-رحمه الله-

داعية مجاهد ترجل

عدنان سعد الدين رحمه الله

المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سورية

أبو البشر الحموي

اذا أردت أن تعرف تاريخ الحركة الاسلامية المعاصرة في سورية الشام فاقرأ سيرة حياته واذا أردت أن تعرف سيرة حياته فاقرأ تاريخ الحركة الاسلامية المعاصرة في سورية الشام

فقد كانت حياته ملخصا للحركة الاسلامية في بلاد كما كانت الحركة الاسلامية في بلاد الشام ملخصا لحياته و سيرته الذاتيه

إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة

وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرفها.....)- سورة الأنبياء- هو موت العلماء

فالأستاذ عدنان رحمه الله لم يكن عالما متخصصا في تفاصيل الفقه و دقائق الأصول أو علم الحديث لكنه كان عالما ربانيا , عالما بمقاصد الشريعة فقيها بمصالح العباد....خبيرا بالسياسة الشرعية.....فميدانه كان ميدان الفقه الأكبر لا الفقه الأصغر كما ذكر الشيخ سعيد حوى و الأمام الغزالي في تعريفهما لأنواع الفقه.

ومن حقه علينا في مواصلة رسالته أن نسرد تاريخه و نبين سيرة حياته الدعوية.... و من حقوق الأجيال علينا أن نبين لهم ذلك و نعرفهم به  ليكون رحمه الله قدوة و أسوة للدعاة الناشئين و نبراسا للعاملين المخلصين. ولد في مدينة حماة من مدن سوريا عام 1929 .

ذاق مرارة اليتم وهو صغير فشفت روحه ورق قلبه وأحس بشعور الضعفاء و المحتاجين الذين كان بسعى في حاجاتهم. 

وكافح ليعمل و يكسب ما يكفي أسرته التي غدا معيلها و يدرس في نفس الوقت , فقد توفي  والده و ترك ثلاثة أبناء و بنتا.

التحق بعد الثانوية العامة بدار المعلمين ليتخرج منها ثم يسافر الى مصر فنال الليسانس قي اللغة العربية و هناك تعرف على رجال الرعيل الأول من حركة الاخوان فتأثر بهم فعاد بعد تخرجه الى سورية لبلتحق بصفوف الاخوان عام (1945)  و يعمل مع المؤسسين الأوائل أمثال مصطفى السباعي و الشيخ محمد الحامد.

ولم يكتف بدراسة اللغة العربية فدرس الحقوق في الجامعة السورية -جامعة دمشق- و نال منها شهادة الليسانس في الحقوق فكان مثال للشاب الداعية المثابر الطموح.  اضطر إلى مغادرة بلده في أوائل الستيناث من القرن الماضي . فعاش مهاجراً في سبيل الله مثنقلا بين دولة الاماراث العربية و العراق و الأردن.

كان لله بكليته اذ شغلت عليه دعوته حياته كلها. وقد تفرغ لها تماما في خمس و الثلاثين الأخيرة من حياته الدعوية التي زادث عن الستين فتراه اما محاضرا أو مسافرا أو مجتمعا أو ساعيا بين اخوانه  بالاصلاح أو بالنصيحة. و في السنوات الأخبرة من عمره الحافل عكف على الكتابة و التأليف في كتب وضع فيها خلاصة خبرته الدعوية  و أٌرخ فيها للحركة الاسلامية في سورية.

وكان رحمه الله محبا للخير بسعى قي حاجات اخوانه و خاصة بعد ما هاجر الى الامارات حيث غدا ملاذا لاخوانه خصوصا القادمين الجدد لا يرد سائلا و لايغفل عن محتاج و لا يغلق بابا دونه.

بنى على نفقته الخاصة مسجدين واسعين فخمين في النجف و كربلاء و كان برسل الصدقات الى امام المسجد و يوصيه بتوزيعها على المحتاجين من الجيران دون تفريق بين سني و شيعي.

و كان له مبدأ قي العمل الخيري أو الدعوي مستفاد من قوله عزو جل في سورة النساء (ومن كان غنيا فليستعفف  و من كان فقيرا فليأكل بالمعروف)

وقد استفاد بذلك طوال حياته الدعوية الحافلة و قد أكرمه الله و أغناه فلم يأخذ من أموال العامة شيئا مع أنه كان لا ينكر على من كان متفرغا للعمل الاسلامي أن يأخذ بالمعروف.

كان حاله متمثلا بقوله تعالى مخاطبا ابراهيم عليه و على نبينا الصلاة والسلام ( قل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين) الانعام

و قد تجلى ذلك جليا في الثلاثين سنة الأخيرة من حياته, اذ شغلت عليه دعوته وقته و ملكت عليه لبه, فكانت همه و شغله الشاغل في حله و ترحاله, في صحته و سقمه نادرا ما تراه يتحدث عن أمور خاصة أو ينشغل عن دعوته بشئ.

تنجلي صفات الداعية العامل في كثير من مناحي حياته و سلوكه و أخلاقه, كان اذا جائه الشاب فاطمئن على دينه و خلقه لم يسأل عن مال و لم بطالب بمهر بل كان يعين بماله.

يراقب و يحاسب نفسه ما ينفق على خاصة نفسه لكن اذا تعلق الأمر بأخ محتاج أو أمر من أمور الدعوةلايبالي كم أنفق.

مثال الداعية في اعتنائه بتزكية نفسه و تعهد قلبه فنراه مواظبا على أوراده اليومية من القرأن و الأذكار اليومية وقيام الليل, لم ينقطع عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر( الأيام البيض)  حتى عندما اشتد المرض.

همة عالية و ثبات على المبدأ, أذكر قبل وفاته بأيام وقد أنهكه المرض حتى لم يعد يقوى على القيام,لكن ذلك لم يمنعه من السفر الى تركيا ليحضر احدى الفعاليات الاسلامية التي تخص دعوته و اخوانه وعندما رجع توفي بعدها بأيام اذ ثوفي في 19شعبان عام1431  هجري الموافق31  ثموز2010ميلادي عن عمر ناهز الثمانين .  ولما نصح بعدم السفر لسوء صحته اجاب " اذا مت هناك فسأكون بجوار أبي أيوب الأنصاري –رضي الله عنه-. وقد كان  اّخر عهده بالدنيا قبيل وفاته سؤاله عن أحوال إخوانه من المسلمين والمجاهدين .

تأبى على نفسك الموت الا واقفا قائما لله ساعيا اليه

و كان- رحمه الله-  ملاذا لاخوانه في الملمات عندما يشتد الخطب ويتخاذل  الرجال عن اتخاذ القرار

 شوكة في حلق الأعداء, لم يهن أو يتنازل عن حق أو مبدأ حتى في أحلك الأوقات و أحرج المواقف

مضى و كأن لسان حاله يقول:

سيذكرني قومي اذا جد جدهم.............. و في الليلة  الظلماء يفتقد البدر

رحمك الل حيا و ميتا وعوض أهلك و أخوانك و دعوتك و أمتك عنك خيرا و جمعنا الله  وأياك مع النبيين و الصديقيين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.