فتح فلسطين فتح قريب

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الله تعالى "عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا"-الإسراء8 أو المصحف2037-، ثم عن أبي بشر الكلاعي، سمع أبا وهب عبيد الله بن عبيد، سمع مكحولا، يقول: «الملاحم عشر، أولها ملحمة قيسارية فلسطين، وآخرها ملحمة عمق أنطاكية» الفتن لنعيم بن حماد، ثم حدثنا الحكم بن نافع، عمن حدثه عن كعب، قال: «يدخل الروم بيت المقدس سبعون صليبا حتى يهدموه، ولا تزال طاعة معمول بها ما كانت الخلافة في أرض القدس والشام، وأول السواحل يغضب الله عليه فيخسف به الصارفية وقيسارية وبيروت، ويملك الروم والشام أربعين يوما من شاطئ البحر إلى الأردن وبيسان، ثم تكون الغلبة للمسلمين عليهم، يصالحونها حتى يجري سلطانهم عليهم، وتأمن الأرض كلها سبعا تسعا» الفتن لنعيم بن حماد، ثم عن الزهري، قال: "إذا اختلفت الرايات السود فيما بينهم أتاهم الرايات الصفر، فيجتمعون في قنطرة أهل مصر، فيقتتل أهل المشرق وأهل المغرب سبعا، ثم تكون الدبرة على أهل المشرق حتى ينزلوا الرملة، فيقع بين أهل الشام وأهل المغرب شيء، فيغضب أهل المغرب فيقولون: إنا جئنا لننصركم ثم تفعلون ما يفعلون؟ والله ليخلين بينكم وبين أهل المشرق فينهبونكم، لقلة أهل الشام يومئذ في أعينهم، ثم يخرج السفياني ويتبعه أهل الشام فيقاتل أهل المشرق" الفتن لنعيم بن حماد، ثم عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قَتَلْتُ أَبَا جَهْلِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» مسند البزار، وبعد:- فإن أول ذكر لغزوة بدر الكبرى في القرآن المجيد هو في سورة آل عمران في قول الله تعالى "قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ"-آل عمران13-، وهذا الذكر جاء مرتبا بعد الآية التي فيها أول ذكر لهلاك فرعون لعنه الله في القرآن الكريم بآيتين فقد قال الله تعالى "كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ"-آل عمران11-، ومن أدق الآيات المفصلة لهلاك فرعون لعنه الله في القرآن الكريم الآية التالية: "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"-يونس91 أو المصحف1455-، فهلاك فرعون أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان في فترة النبوة وهو أبو جهل لعنه الله كان في غزوة بدر الكبرى، فكأن هلاك فرعون أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في فترة فتنة السراء يكون في ملحمة كبرى، والآية التي تلي تلك الآية الكريمة الدقيقة في خبر هلاك فرعون لعنه الله بأربع آيات هي قول الله تعالى "وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ"-يونس95، أو المصحف 1459-، وفيها دلالة على علامة من علامات ملحمة كبرى وهي أن الناس فيها يكون أكثرهم ممترين أي شاكين بكتاب الله عز وجل، وشاكين بوعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر فيكونوا من الخاسرين كما في قول الله تعالى "إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"-الأنفال49-، وكما في الحديث التالي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ" صحيح مسلم، فألف وأربع مائة وتسع وخمسون ناقص ألف وأربع مائة وخمس وأربعون {هذا العام الهجري الذي شهره محرم يقع في السنة الشمسية ألفين وثلاث وعشرين، ففي العاشر من محرم أغرق الله تعالى فرعون} يساوي أربعة عشر، وألفان وثلاث وعشرون {السنة الشمسية التي يكون فيها شهر محرم لعام ألف وأربع مائة وخمس وأربعين} زائد أربع عشرة يساوي ألفين وسبع وثلاثين، وهذا هو رقم آية سورة الإسراء رقم ثمانية في المصحف حيث فيها وعد الله تعالى الدائم بهزيمة الروم في بلاد الشام وهي الآية التي استفتحت بها هذه المقالة، فسبحان الله عما يصفون، وكأن ملحمة قيسارية فلسطين التي سيفتح الله تعالى بعدها فلسطين ويطهرها من دنس ونجس الروم تكون في عام ألف وأربع مائة وتسع وخمسين هجرية الموافق سنة ألفين وسبع وثلاثين شمسية أو كما يسمونها الروم ميلادية، وهذا إن شاء الله، والله أعلم، ففتح مكة كان بعد غزوة بدر الكبرى بست سنوات، فعَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُعُودًا، فَذَكَرَ الْفِتَنَ، فَأَكْثَرَ ذِكْرَهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: "هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ وَحَرَبٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَلُهَا أَوْ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَطَعَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطُ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطُ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، إِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنَ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ" مسند أحمد، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ» مسند أحمد، وعن علي بن رباح، قال: بينما عبد الله بن عمرو في مزرعته بالعجلان إلى جانب قيسارية فلسطين، إذ مر به رجل مغبر على فرسه، مستلما في سلاحه، يخبره أن الناس قد فزعوا، يرجو أن يشهد ملحمة قيسارية، فقال: "«إن» ذلك ليس في زماني، ولا زمانك، حتى ترى رجلا من أبناء الجبابرة بمصر يغلب على سلطانه، فيفر إلى الروم، فيجيء بالروم، فذلك أول الملاحم" الفتن لنعيم بن حماد، فاللهم ربنا انصرنا وانصر المجاهدين في سبيلك لتكون كلمتك هي العليا على الروم في جميع الملاحم فإنك حق ووعدك حق ولقائك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق وعبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله، فسبحان الله رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1073