هل نحن صائمون؟

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ/ " (183)البقرة.

إن ثمرة الصيام هي التقوى كما جاء في هذه الآية الكريمة، فلننظر إلى أحوالنا ونحن في اليوم السابع من شهر رمضان الكريم هل نحن متقون؟ انظروا إلى جشع بعض التجار واحتكاراتهم؛ وهل أثمر رمضان عن تقوى لنا؛ وتجارنا يبيعون بأضعاف مضاعفة، مستغلين حاجة الناس والشهر الفضيل؟ وهل أصحاب البيوت والشقق ممن ضاعفوا أسعار الإيجارات متقون؟ رغم أنهم صائمون بلا شك؟! والله ﷻ يقول: " وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (9) " / الحشر؟ هل هم متقون من يأكلون التراث أكلاً لمَّاً ويحبون المال حبَّاً جمَّاً؛ فلا يطبقون بينهم ما أمر الله به من آيات المواريث، وإنما يتحاكمون إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ... ويريد الشيطان أن يضلَّهم ضلالاً بعيداً؟! كثيرة هي الأَسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا فنسبر أغوارها لنتبين هل نحن متقون بصيامنا؟ أم أننا مجرد ممتنعين عن طعام وشراب ونكحٍ فحسب؟

واسمعوا معاشر الصائمين المتقين إلى عظم وخطورة هذا الحديث النبوي الشريف: حدثنا آدم بن أبي إياس قال: حدثنا ابن أبي ذئب قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، والحديث في البخاريِّ. الله أكبر .. يصوم ويتعب، يعطش وينصب، وهو في عداد الذين كأنهم لم يصوموا! وإن أشد شهادة للزور اليوم هي أن تقدح في عمل المجاهدين في غزة، وأن تنتقص رباطهم في القدس، وأن تفتي عليهم ببلاهتك وأنت قعيد، وينطبق عليك قول الحطيئة: "فاقعدْ فإنَّك أنت الطاعم الكاسي"!!

وقد أخرج البيهقي في (سننه) من رواية الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن عمه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم"؛ إذاً فالصيام هو صيام الجوارح جميعاً، وليس صيام جارحتين فحسب. لا بد لك أخي الصائم القائم أن تعمل جرد حساب لجوارحك وأن تضبط إيقاعها مع الصيام الرمضاني لتكون متساوقة معه؛ كي تحصل على ثمرة الصيام اليانعة؛ التَّقوى.

واختلف العلماء في أن الغيبة والنميمة والكذب هل يفطر الصائم؟ فذهب الجمهور من الأئمة إلى أنه لا يفسد الصوم بذلك، وإنما التنزه عن ذلك من تمام الصوم، وعن الثوري: إن الغيبة تفسد الصوم، ذكره الغزالي في (الإحياء)، وقال: رواه بشر بن الحارث عنه. وروى ليث عن مجاهد: خصلتان تفسدان الصوم: الغيبة والكذب؛ هكذا ذكره الغزالي بهذا اللفظ، والمعروف عن مجاهد: " خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب" ؛ هكذا رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد. وروى ابن أبي الدنيا كانوا يقولون: إن الكذب يفطر الصائم، ورُوي أيضا عن يحيى بن يوسف: اتَّقوا المفطرَين؛ الكذب والغيبة.

أين نحن من الآيتين من سورة الأخلاق؛ ونحن صائمون: " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ (11) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَ لَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ (12) " / الحجرات؟! اللهمَّ اجعلنا من الصائمين المتقين.

 

الصيام يحسن صحتنا النفسية في رمضان..

الصيام يُعطى للإنسان إحساساً بالطمأنينة النفسية،

وتجعله العبادات التي يقوم بها في رمضان أقرب

إلى الله ‏‏ممّا يُحقق له الإحساس بالراحة النفسية. كما يقوي الصيام من تحمله للظروف الصعبة التي يمر بها في الحياة، ويزيد من قدرته على الصبر على الإبتلاء.

ومن أهم فوائد الصيام على الصحة النفسية مايلي:

_ تمنحنا العبادات التي نقوم بها في رمضان قوة روحية تجعلنا نفكر أكثر بشأن عاداتنا وسلوكياتنا، وكيف نحولها إلى الجانب الإيجابي دائماً، مثل عادة الإستخدام المفرط للإنترنت،

فعندما نضبطها في رمضان، تقوى إرادتنا على ضبط وتوجيه جميع عادتنا في المستقبل بشكل إيجابي.

_ في رمضان تزيد درجة تركيزنا على الأعمال الخيرية، والتفكير في الأشخاص المحتاجين، ونحاول التواصل مع أفراد الأسرة والأقارب والمحتاجين من حولنا

مما يزيد من مشاعر الوحدة والتآلف في نفوسنا.

-في رمضان نمارس أسلوب حياة اجتماعي نشط نحاول أن ندعو الآخرين إلى تناول وجبة الإفطار معنا لنيل رضى ربي العالمين، وأيضا نلبي دعوة الآخرين إلى الإفطار معهم مما يساعدنا في التغلب على مشاعر الوحدة والعزلة.

_في رمضان تساعد المشاعر الإيجابية التي نشعر بها جراء محاولة مساعدة الآخرين والتقرب منهم في التخلص من التوتر والإجهاد، و الإبتعاد عن المشاعر السلبية، مثل: الغضب والكره والحقد.

_قراءة القرآن في رمضان، تعزز الأفكار الإيجابية في مزاجنا، ولها القدرة على زيادة التفاؤل والأمل في نفوسنا.

د.نسيبة جلال

 

فقد روي عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

الغيبة تخرق الصوم، والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يأتي بصوم مرقع فليفعل؛ لأن الثوب المرقع خير من الثوب الممزق.

وقيل لبعض السلف:،كيف أنت في دينك؟ قال: أمزقه بالمعاصي وأرقّعه بالاستغفار.

فاحذر يا زهير أن يتسع الخرق عليك.

وقال ابن المنذر، في قوله صلى الله عليه وسلم: "الصوم جُنّة" -والجُنّة هي الوقاية- قال ابن المنذر فالكلام السيء ( الكذب والادعاء والغيبة والنميمة والسخرية من الناس، وشهادة الزور وكافة حصائد الألسنة)

قال ابن المنذر: فالكلام السيء يخرق هذه الجُنّة والاستغفار يرقعه..

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك..

زهير سالم

وسوم: العدد 1074