سفينة المجتمع

عبدالله عبدالعزيز السبيعي

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة بعضهم أعلاها وبعضهم اسفلها . وكان الذين في أسفلها اذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو انا خرقنا في نصيبنا خرقا

ولم نؤذ من فوقنا ! فان تركوهم وما أرادوا هلكو جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم  نجوا ، ونجوا جميعاً ) رواه البخاري .

يبين لنا هذا الحديث العظيم بأن على كل مسلم أن يراعي حدود الله ولا ينتهك شيئاً منها بل وعليه أن يُنكر على من يتعدى هذه الحدود التي حدها لنا الشرع المطهر  , فنأمر بالمعروف وننهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة

 والتي هي من صفات المؤمن الصالح التقي النقي ، لذلك شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم القائم في حدود الله تعالى وهو المنكر لها  بالقائم على دفعها وإزالتها والمراد بالحدود هنا ما نهى الله عنه  , وشبه الواقع فيها أي مرتكبها كمثل قوم استهموا

على سفينة وهي سفينة المجتمع فاقترعوا في هذه السفينة حيث اصبح لكل شخص منهم نصيب وجزء منها فاصبحوا شركاء فيها . فصار بعضهم اعلاها ، وبعضهم اسفلها . فمنهم من يعمل على خرق سفينة المجتمع هذه ، ومنهم من ينكر

عليهم  ويأخذ على أيديهم حتى ينجون وينجو المجتمع بأكمله .

بفضل الله ثم بفضل أهل الغيرة على الدين أصحاب الهمة العالية والذين يُصلحون ما يُفسده الناس يصلح المجتمع الأفراد والجماعات وذوي الاتجاهات والأفكار المختلفة وا ن كل منكر يرتكبه الإنسان في مجتمعه انما هو خرق خطير في سلامة وصلاح هذا المجتمع . ونلاحظ انه قد يتصرف بعض الناس بما يضر بالآخرين بدافع الاجتهاد لكنه خاطئ ونيته حسنة

ا ن رسولنا  صلى الله عليه وسلم  يضرب لنا الأمثال الواقعية الحية المحسوسة حتى نعي دورنا الفعلي في مجتمعنا المسلم , ويعلمنا هذا الحديث الشريف أن الأخـذ على يـد الواقع فـي حدود الله و الإنكار عليه انما هو سبب بإذن الله في نجاة الجميع  صاحب المنكر ومن أنكر عليه ونهاه عن  ذلك الذنب وتلك المعصية , فعلى الاخ ان يكون لديه يقظة تجاه نفسه أولاً وتجاه اخيه فيحب لأخية ما يحب لنفسه فيرده عن الخطأ ان اخطأ .

وقد قال الله تعالى (( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )) صورة فصلت , وقال تعالى ايضاً (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) سورة النمل   .  ان هذا هو الترابط الاخوي بين المسلمين , وأصل الدعوة إلى الله  تبارك وتعالى  على بصيرة والنصيحة الحكيمة التي يجب أن تصدر من هذا المنبع الصافي ألا وهو الكتاب الكريم والسنة الشريفة وفق الله الجميع لما يُحبه ويرضاه.