في ظلال آية من كتاب الله

في ظلال آية من كتاب الله

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

ولسوف يعطيك ربك فترضى، آية قرآنية كانت تعزية لنفس الرسول صلى الله عليه وسلم في ظروف قاسية على النفس البشرية، إذ اتهمته قريش بتهم شتى في انقطاع الوحي، فأصاب الرسول بعض الحزن، فجاءت سورة الضحى مبشرة ومعزية ومهنئة للرسول الكريم باستئناف التنزيل والقول الحكيم، مزلزلة أعداءه وافتراءاتهم.

وقد قيل عن هذه الآية ما قيل في أنها تعزية لنفس كل مؤمن يشعر بهم وضيق، فما عليه إلا أن يستعين بالله، فإنه سوف يعطيه ربه فيرضى، وماذا يا ترى سيعطيه رب الأرباب مجري السحاب، مسبب الأسباب؟

وهنا مكمن آخر من مكامن روعة الصياغة القرآنية، فلم يذكر المفعول به الثاني وحذفه ليكون عاما شاملا لكل أنواع الخير، وهذا ما كان مع الأنبياء، وكان وسيكون مع أولياء الله الصالحين الذين يؤمنون بأن الله بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

وملمح نحوي آخر يشير له بناء الآية الكريمة، فقد جاءت الآية خبرا مؤكدا بلام التوكيد، وغني عن البيان وظيفة هذه الأداة معنويا، ولكن هل يحتاج الكلام إلى التوكيد، وبخاصة أنه يخاطب نبيا مرسلا من أولي العزم؟ فلا يؤكد الخبر إلا لمتردد أو شاكّ.

إن الحاجة للتوكيد هنا جاءت لبيان شيئين اثنين؛ أما الأول فهو للرد على قريش بخبر مؤكد، ومعلوم أن الخبر المؤكد يدل على الصدق والثقة معا، وقريش كانت تدرك صدق الرسول الكريم، وقد فضحهم الله بذلك عندما قال في القرآن الكريم "فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون"، وتشير كثير من المرويات إلى أن قريشا كانت تخاف من وعود الرسول وكلامه، وإن لم تؤمن به إيمان اتباع، ولكنها كانت مدركة صدقه صلى الله عليه وسلم.  

وأما الثاني، فقد جاء التوكيد إشارة معنوية للمؤمنين في كل زمان ومكان ممن آمنوا بصدق القرآن الكريم ومعانيه وأفكاره، وتدبروه حق التدبر، وكأن الآية تحثهم على أن يقفوا عندها متأملين، فتزداد ثقتهم بالله، ولا تتضعضع حتى في أحلك الظروف، وليعلموا أن من كانت ثقته بالله مطلقة فإن ربه سيعطيه حتى يرضى، فلنكن على ثقة بوعد الله فإنه لن يخلف وعده.