مفاهيم ربانية 2

مفاهيم ربانية

(2-3)

نبيل جلهوم

[email protected]

أشرنا فى الجزأ الأول من المفاهيم الربانية إلى ماذا نعنى بالمفهوم الربانى ثم شرعنا فى عرض بعض المفاهيم الربانية وتناولنا أولها : عن الصدقة وكيف أنها مفهوم ربانى نحو البرّ وكل الخيرات .

نستكمل هنا بعض المفاهيم الأخرى ..

(4)  إستفادَتُك من الماضى .. مفهوم ربانى نحو  مستقبل مُشرق  :

إجتهد دائما أن تتعرف على ماقد كان فى ماضيك من مواقف طيبة كانت أو سيئة , مفرحة كانت أو محزنة وأدرس مواقفك القديمة تجاة الآخرين ومواقفهم تجاهك , وتعرّف على ماكان من مواطن الضعف فى أعمالك وتخصصاتك وتصرفاتك وكيف تعاملت معها وتخطيتها , وعلى سيرتك الطويلة فى مواقف حياتك المختلفة , ثم أنظر نظرة الثاقب المتفحص وإستفد من السلبيات بتحويلها إلى إيجابيات وإلى التقصير بتحويله إلى جبر وتجبير وإلى نقاط الضعف بتحويلها إلى نقاط قوة … وإلى نقاط القوة  وإحمد ربك عليها وإسأله أن يبارك لك فيها . ثم خطّط لمستقبلك بعد ذلك تجد نفسك وقد حققت  مستقبلا باهرا مشرقا بإذن الله

فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والمؤمن كيّسٌ فطن .

(5) مُحاسبتك لنفسك .. مفهوم ربانى  نحو تهذيبها وتقويمها :

 كثيرا ماتتكالب على النفس مُعطيات وتطاحنات تشرخ شروخا قوية فى جدار صاحبها .. وهنا يحتاج بل وبالضرورة أن يحاسب العبد نفسه ,كيف يتأدب مع الله , وكيف يتأدب مع الناس , وكيف يتأدب مع صاحبها

فلا يجدى تهذيب النفس فقط مع الله ثم إغفال تهذيبها مع صاحبها ومع الناس , أو تهذيبها مع صاحبها دون أن تتهذب مع ربها والناس , أو تهذيبها فى تعاملها مع الناس برقى فى المعاملة ورقة فى القرب والهمسة  ثم هو بربه قاطع ولنفسه مخادع .

فمحاسبة النفس تعنى التوازن فى العلاقة الثلاثية :

الله ’’ جل جلاله ’’  ..  صاحب العلاقة التعبدية والإيمانية .

 الناس  ..   أصحاب العلاقة الأخلاقية والسلوكية .

 النفس ..   صاحبة العلاقة الروحانية والترقية الذاتية , التى إذا حاكمها صاحبها وقوّمها وشدّد علبها لكانت النتيجة إفرازا طبيعيا  لنفس بمواصفات ذات ربانية عالية ونفسانية مهذبة راقية وروحا ذات نور وشفافية ترسل بعبراتها العذبة العطاء والجمال لدنيا أحوج ماتكون اليوم لمثل هذه الأنفس التى يتحقق بها الخير وتتطاير منها الدرر وسُبل الخير والفضيلة وتقوم عليها نهضة الأمم وطهارة المجتمعات .

(6) عَمَلُك الصالح .. مفهوم ربانى نحو السلعة الغالية :

  لنعلم أن للجنة ثمن وتكاليف وأعمال :

* الإيمان والأعمال الصالحات : (  وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ) .  بقرة 25

* ضع  الجنة دائماً نصب عينيك ، وإجعلها المركز الإستراتيجى لأهدافك ، والأمل  ، والغاية  ، وجَنِّد  كل ما تملك في سبيل الوصول إليها , فالمسلم  في كل أحواله لا يفكر إلا بالجنان ونيل رضا الرحمن ، يصلى من أجل رضا ربه ودخول جنته ، يصوم الهواجر طلباً لرضى ربه  ، يبذل الخير أينما كان من أجل فسحة الجنان .

فالصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والطائع والعاصي يتمني أن تكون الجنة هي المقام الأبدى ، فَأَوْقِفْ الجنة نُصبَ أعينك  , تذكّرها  في أحزانك  وأفراحك  في شغلك  وفراغك  وفي أسفارك  وإقامتك . * وإقرأ باستمرار قول ربك : ( وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الاعراف43

(7) تغيير نفسك .. مفهوم ربانى نحو تغيير مَنْ هٌمْ حولك :

لايمكن أن  تقوم لدولة الإسلام  قائمة بدون أن يقيمها المسلمون أولا  في أنفسهم وسلوكياتهم وحالهم وأحوالهم ,  فهل تعتقد أنك من الممكن أن تغيّر مَنْ هم  حولك دون أن تبدأ أنت بتغيير نفسك وتكون أمامهم المثل والقدوة

ألست معى فى قول الله تعالى الذى يقول فيه  : ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ) الرعد11 ألا تعلم  أن هناك الكثيرون ممن كانوا  على غير ديانة الإسلام وبعدما قرأوا فيه وعن عظمته وأخلاق النبى وجمال الإسلام وروعته وجدناهم قد دخلوا الإسلام حُبّاً وشوقا وشغفاً لما قرأوه فى بطون الكتب وأمهات المجلدات الإسلامية ثم ما أن أسلموا وبدأوا فى تعاملاتهم  مع المسلمين حتى وجدوا فارقا كبيرا بين ماقرأوه عن الإسلام وبين مايرونه من سلوكيات وأخلاقيات المسلمين فأُحبِطت أنفسهم وحمدوا ربهم أن أكرمهم بإعتناق الإسلام والدخول فيه قبل أن يتعاملوا مع معتنقيه الأصليين .

وإلى لقاء فى الجزأ الثالث والأخير إن شاء الله .

*  عضو إتحاد الكُتاّب والمُثقفين العرب .