التفاؤل وقت الشدة
خليل الجبالي
مستشار بالتحكيم الدولي
عندما يشتد الظلام يبزغ ضوء الفجر، ويشعر المرء بالتفائل في يوم جديد، والشدائد تفرز الرجال عن غيرهم، كما أنالإبتلاءات تفرز الخبيث من الطيب، )مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ(179) سورة آل عمران.
وإن تكاتف أصحاب المصالح الشخصية والأهواء الوضعية يقربهم الله بعضهم من بعض حتي نعلم حقيقتهم (ويَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً(37) سورة الأنفال.
وفي وقت الشدة والعصرة لابد أن يلجأ المسلمون إلي الله ، فإنه كاشف كل هم ، ومفرج كل كرب، وهو القوي المتين، المنتقم الخبير، (حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ولا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ (110) سورة يوسف.
إن الكفار واليهود تكالبوا علي رسول الله صل الله عليه وسلم وصحابته في غزوة الأحزاب ، وضاق الخناق عليهم حتي ظن بعض المسلمين بالله الظنونا، عندها أتاهم نصر الله : ( يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9) إذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ ومِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وإذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)
فنصر الله مكفول لمن يثق فيه، ويطمئن إلي عزته، فمن بجوار الله يكون ذليلاً؟
(ولا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139).
إن المنافقين يبثوا الإحباط والتثبيط في قلوب أصحاب الحق ليتنازلوا عن حقهم، وليفتتوا عضدوهم فينصرفوا عن الصمود أمام الباطل لينصر عليهم، وليفقدوا الثقة في نصر ووعده لهم بالنصر والتمكين وإن قل عددهم، أو ضعفت قوتهم، فإياكم أن تسمعوا لهم حتي يظهركم الله عليهم ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ واللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وهُمْ كَارِهُونَ (48) سورة التوبة
إننا نوقن أن الإبتلاءات بإختيار الله وقدره ، ولذا فإن قلوبنا تمتلأ ثقة في معية الله أن أصحاب الحق ناصرهم، وأصحاب العزيمة مؤيدهم، وأصحاب التضحية معوضهم ، والمتآمرين كفيل بهم، والإنقلابين هازمهم، فأبشروا واستبشروا بنصر الله القريب ) وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) ولا تُطِعِ الكَافِرِينَ والْمُنَافِقِينَ ودَعْ أَذَاهُمْ وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وكَفَى بِاللَّهِ وكِيلاً (48) سورة الأحزاب.