همسات القمر(21)

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

عصفورة من حنين .. على زورق  اغتراب أشق عباب  الأنين ..  تلاطمني أمواج تتصارع و رغبتي في اقتلاع جمرة تغذي شوقا يسافر إلى أحداق الشمس فلا يزداد إلا  توقدا و استعارا ..  يتلظى الفؤاد .. تتأرجح المشاعر.. ولا تزداد إلا  لهيبا و أُوارا ..

*عندما تنثر النفس حروف مشاعر تقطعت بها السبل و ضاقت بها دروب الطرقات الصامتة ..ندرك أن ثمة بركان يضطرم فيها بعنفوان  لا يرحم ..

*و كأننا و إخوة الروح والقلب قطرات خير جمعتها ديمة نقية خالط بياضها قلوبنا فملأها نقاء و صفاء .. قطرات اجتمعت على الخير و تعاهدت على الخير .. و اخذت على عاتقها عهدا أن تسعد بعطائها الغير .. تفرقت تلك القطرات  .. و اتخذت لها زادا أريجَ الذكريات .. وحده من يغذي لهفة القلب إليهم .. و شوق النفس إلى لقائهم .

*قلم و حرف يختصران حكاية الزمان والمكان .. يجوبان صفحة تصر أن تعلن الصمت لها العنوان .. يحتد النزال .. تتكسر نصال على نصال .. و تبقى  الكلمات  وليدة اللحظات الحاضرة  ... سيدة المقال

*حرفان يتلوان كل الحكاية
وكم يختصران ثرثرة الانين و الوجع

*كلما تعمّق الألم ... و قذف من براكينه الحمم .. أمسح دمعتي .. و أعقد مع الأمل معاهدة جديدة ... يقينا بأن  الفرج  سيأتي ....

*كم من نقاط تائهة عن دروبنا نبحث عنها و لا نجدها ..
ثم لا تلبث أن تأتي نقطة واحدة على حين غفلة .. تنهي كل شيء ، حتى الأنفاس منا .. حتى وجودنا في الحياة .

*على تلك الصخرة النائية العتيقة عتق بحر ترتمي على ساحله .. وضعت جسدي المكدود .. أخرجت قيثارتي التي بليت لطول استعمالها .. بدأت بالنفخ فيها لأعزف نغما مستقرا في كياني .. لعل النفس تطرب على وقع ألحاني .. محاولات كليلة .. أطرقت بعدها الرأس .. ذرفت ما حملته جعبة عيني .. حملت عصا ترحالي التي أتوكأ عليها ... و مضيت .....

*  و كأنني أتأبط زنجية الحزن التي تعفرت في ليل دامس أحالها قطعة منه .. أبحث عن بحر يأذن لها أن تغتسل  فيه لعلها تكتسي حلة ناصعة منه فتغدو مشرقة كجبين شمس ضحوك .. أتراني سأجد هذا البحر ؟

* قد يظنه البعض ضربا من الجنون أن تخترق قلوبنا مشاعر دافقة تجاه كائنات غير بشرية .. قد يظنه البعض هروبا من واقعنا البشري الذي نضيق به ذرعا تحت وطأة الكوارث والأحداث .. قد يظنه البعض نوعا من السخف أو المبالغة الممجوجة ...

لكنهم لا يدركون أن الذي يمتلك الحب الحقيقي في قلبه يمطر كل شيء حوله من هذا الحب الدافق  ..  ولا ينقص ذلك من بحره الواسع شيئا .. ما أجمل أن نفهم الحب بمفهومه الواسع بعيدا عن الزنزانة الضيقة التي يحبسه فيها كثير ممن يدعون أنهم أوصياء عليه و حراس له .

*أتراها أمانينا ولدت كفيفة لا تعلم الدرب الذي يوصلها لتحقيقه .. ؟

كأني بها  تتخبط على غير هدى و عندما تشعر بالعجز تعود تشرب كأس حسرتها و حيرتها  ثم لا تلبث أن تتوسد صخرة مواجعها و تغفو على حلم جديد .

* لا تمل شمس الصباح كل يوم من تطويق قلوبنا قلادات التفاؤل التي تصنعها من أزاهير الأمل .. نختال بها طولا و عرضا .. نحاول إبقاءها نضرة يانعة تمدنا بأحابيل الحياة الرخية .. يؤلمنا رؤيتها تذبل  و تذوي .. ولكن لا نملك إلا أن نخلد إلى حضن نوم دافئ نستدعي فيه أحلامنا التي نحب .. لنستيقظ  مجددا على أنوارقلادة أخرى مفعمة بالحب والتفاؤل والأمل .

* حتى و إن طوقتنا جيوش الظلام .. تبقى أعناقنا تشرئبّ في لهفة تطالع قبسا من نور ينهي جولة أرهقتنا و طال مكثها في ديارنا .. تبقى قلوبنا تلهج : ( والله متم نوره ) .. تبقى نفوسنا تتعطر بشذى الأمل  وتغسل أوضار كدرها بنهر دافق يذيقها لذة هي أحلى من العسل ..

* تلف الحياة ذراعيها حولي بقوة تكاد تخنقني .. تفقدني بوصلتي .. فلا أكاد أميز أهي تقسو علي ، أم أنها تحتضنني بقوة لتفتح مداركي أكثر كي  أستوعب دروسها و أستلهم عبرها .. فلا أغرق في لجة عبابها ، ولا أذوب من هجير يبابها .

 * تتوق النفس لذكريات غفت على مدارج الكتمان .. تتمنى أن توقظها من غفوتها الأخيرة في لحدهاالجاثم في الزمن البعيد ... و أنى لها ذلك !!

* أي نوع من خيول الخوف تلك التي تصهل في دواخلنا فتجعلنا نختبئ في جب تخاذلنا و هواننا؟