أيها المدخنون .. ارحمونا

أيها المدخنون .. ارحمونا

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

لا أريد التحدث هنا عن مخاطر التدخين الكثيرة والتي لا تعد ولا تحصى ، ولا أريد أن أدعو للإقلاع عن التدخين للضرورة الشرعية والصحية وحتى الاقتصادية ؛ ليس إقلالا من أهمية ما ذكرت ، ولكن لقناعتي أن كل مدخن بات يعرف اليوم كل هذه الأشياء ولكنه يفتقد الهمة والإرادة والعزيمة ليقوم بما يتوجب عليه القيام به .

ما أود التطرق إليه ما يجلبه المدخن لغيره من الأبرياء الذين لم يرتكبوا جرما سوى أنهم ركبوا وسيلة نقل تحوي عددا من المدخنين ، أو ذهبوا إلى  حديقة عامة ليروحوا عن أنفسهم وإذ بهم يشعرون أن  أرواحهم ستزهق من الرائحة الكريهة .

 أو لربما جرمهم أنهم استقبلوا ضيفا مدخنا في بيتهم لم يراع أهل البيت وساكنيه بل أخذ ينفث سمومه فيمن حوله دون أدنى وازع من ضمير  ، وقد تكون الجريمة أن يمرض المرء ويضطر للذهاب إلى المشفى طلبا للعلاج وإذ بالمكان يعج بالمدخنين يتبارى كل واحد منهم مع الآخرين في كمية السموم التي يصدرونها لمن حولهم وهم يطالعون لوحة أمامهم مكتوب عليها "ممنوع التدخين "، والطامة الكبرى عندما يدخل  للطبيب المعالج لا يكاد تُرى ملامح وجهه بسبب الدخان الكثيف الذي يحيط به ، عدا عن الرائحة المزعجة التي قد تكون عاملا نفسيا لتعميق المرض لدى هذا المسكين .

و أبشع ما يمكن أن يحصل و يعاقب المرء بالتدخين القسري دون أدنى ذنب  ، أن يكون ابنا لأحد المدخنين فيا حظه ويا سعده إذ أنه سيبدأ  هذه العادة وهو في بطن أمه و ستكون الظروف مواتية له لأن يصبح  مدخنا بارعا بكل تأكيد.

حقيقة لا أدري لماذا كل هذا الاستهتار و إكراه الغير على ما لا يرغبون ،  أهي الحرية الشخصية أن يدخن المرء في كل مكان رغما عن الآخرين ؟ فإن كانت هذه حريتهم فأين حريتنا ؟ .   

لا يسعني القول إلا :

" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".