عطاء الإيمان

سيظل الإيمان مجرد دعوى بلا دليل أو شعارا بلا ظل من حقيقة، إن لم يتم تجسيده في أعمال نافعة، وسيظل شجرة زينة إن لم تثميره في أعمال صالحة تعمر الأرض وتصنع الحياة وفق منهج السماء، وإن لم يتم تحويله إلى رحمة سابغة تُداوي القلوب وتُبلسم الجروح، وما لم يتجسد في أخلاق تُمتّن الأواصر وتقوي العلائق.

وسيبقى الإيمان دعوى بلا برهان إذا لم يحض أيدي المؤمنين على مساعدة الضعفاء وإعطاء المحتاجين، وإذا لم يدفع الأقدام للسعي في قضاء حوائج المساكين.

***************************************

آفة الخوارج

لقد انساق الخوارج وراء الخوالج التي كانت تعتمل في دواخلهم، كرد فعل على الأوضاع التي تراجعت عن المثاليات الإسلامية، وانساقوا وراء انفعالاتهم فارتكبوا أفعالا مروعة بحق أمتهم!

لقد كان الخوارج صادقين في انتمائهم لهذا الدين لكنهم لم يمتلكوا بوصلة الرشد نتيجة تلاوتهم للقرآن من غير تدبر، وقرائتهم للواقع من غير تبصر!

ومن ثم فقد انقادوا وراء (عواطفهم) ولم يحجزوها ب(خطام العقل)؛ فارتبكوا في علاقاتهم وارتكبوا الكثير من الحماقات وهم يعتقدون أنهم يُحسنون صُنعاً!

***************************************

حبال العقل!

العاقل حقا هو من يستخدم (حبال عقله) في تقييد (مكونات شخصيته) المنفلتة ومنعها من الانطلاق بدون عقال من مقاصد الشرع أو مصالح الواقع.

وعليه فإن المرء لا يكون (عاقلاً) حتى يجيد (ربط) خطام نفسه بكبح جماح غرائزه، وحتى يتقن (تقييد) عواطفه ومنعها من الانفعال الأعمى، و(يعصب) لسانه حتى لا تخرج عن المشروع والمعروف، و(يغل) يديه حتى لا تطول بالباطل على حقوق الغير، و(يكبل) رجليه حتى لا تمشي إلى الحرام ولا تنقاد للظلم.

***************************************

العاقل

العاقل هو من يطلق المدارك التي تثوي في رأسه حتى لا يقع على رأسه في المهالك.

وفي هذا السبيل فإن العاقل لا يخطئ التمييز بين الحق والباطل، حيث لا تلتبس عليه الطرق ولا تتشابه عليه البقر، إذ يمتلك القدرة على اكتشاف الأوفر خيراً والأشد شراً، ويستطيع تكييف شخصيته بحيث تتحمل الشر الأصغر من أجل درء شر أكبر، وتستطيع تفويت الخير الأصغر من أجل جلب خير أكبر.

***************************************

خارطة الجروح

من يتأمل خارطة جروح الأمة الإسلامية يرى بوضوح للأسف الشديد أن ما عملته سيوف خلافاتهم وحروبهم ضد أنفسهم، أكثر وأبشع مما صنعته أسنّةُ الأعداء بهم!

صحيح أن الأسباب الداخلية تتداخل مع العوامل الخارجية بصورة يصعب الفصل بينها، لكن الواقع يثبت بأن البيئة الداخلية هي من تصنع القابلية لانغراس خناجر الأعداء، هذا بجانب بعض الحروب الأهلية الصرفة التي لا ناقة للغرب فيها ولا جمل

***************************************

التحجج بالأقدار!

تعاني شخصيته من وهن شديد ولا يتمتع بأي فعالية في صناعة الحياة؛ نتيجة قلة وعيه وضعف إرادته، لكنه لا يتردد عن تحميل رياح القدر مسؤولية ما آل إليه!

فهل رأى هذا وأمثاله رياحاً في الطبيعة تجرف صخوراً من الجبال أم ذرّات من الرمال؟!

فكن قويا فاعلا كالجبال، ولا تكن ضعيفا كذرات الرمال.