نحن نتغير

نظرتنا تتغير مع مرور الأيام  لما حولنا من جهات لابد من التعامل معها ، و لأشياء نعايشها ، وأماكن نرتادها لسبب أو لآخر .  وأشخاص تربطنا بهم علاقات متنوعة ، ويبدو أن الإنسان طالما هو على قيد الحياة يقوم هو بعنلية التغيير ، وربما يأتي التغيير من طرف آخر ، فقراراتنا الشخصية نغيرها حسب طبيعة ظروفها ، وأفكارنا الناتجة عن استنتاجاتنا قد نغيرها للأفضل بفعل تطور مالدينا من معرفة وخبرة ، وربما لتقويمها ... والتغيير عملية ناتجة عن نُضْجٍ معرفي أو تفوق فكري  أو أي أمر آخر يقودنا إلى التغيير ، حيث تتضح الصورة لتكون جليَّةَ النتائج فيما لو كنا نسعى لشأن مـا في حياتنا . وربما نتخلّى عن أشياء ونتمسك بأخرى , نقترب من أشخاص ونبتعد عن سواهم . وهكذا هي سُنَّة التغيير في حياتنا كبشر . ولا عجب في ذلك ، فالحجر يتغيّر حين تعصف به عوامل الطبيعة فكيف بنا نحن ، معاناتنا من حال تجبرنا أحيانا إلى تغيير نمط معاملتنا معها ، والأيام مازالت وعاء لهذا التغيير الذي يلم بنا دائما أو غالبا ،  حقيقة هناك أيام نود لو باستطاعتنا محوها من حياتنا , وهناك أيام كم رجونا الوقت لو أنه يتوقف لنعيشها مدة أطول , ولكننا لا نملك الوقت وليس باستطاعتنا إيقافه هنا وتسريعه هناك . وكأنه لا خيار لنا سوى عيش الحياة كما هي والرضا بما قدره الله لنا , وبالصبر على مافيها من أحزان ، والاستمتاع على مافيها من أفراح ، هي الحياة كذلك تترك لنا ذكريات ترسم ابتسامة هنا .  وتُسقط دمعة هناك ، وغدها مجهول لايعلمه إلآ الله ، ولا يحيط بما قُدِّر فيه إلا هو سبحانه وتعالى ، أجل وهذه الحياة  نتشاءم من  صور ، و نتفاءل لرؤية صور أخرى تمنحنا شيئا من الطمأنينة  ، وعلى امتداد صفحة التغيير المديدة تبقى حقيقة واحدة واضحة جلية أمام أعيننا وهي الموت ، ودونه كل شيء مؤقت وله حدود ، مهما تبدل أو تغير ، فإن آمنَّا بذلك لانت أجنحتنا ، واكتسى رفيفها بالهدوء ، وعشنا الحقيقة التي ليس للإنسان أن يتخلى عما هي عليه .

تبقى للتغيير بعض الدوافع وبعض الأمنيات ، فلا بد من إحكام لعملية التغيير ، وإلا سيكون مصيرها الفشل والبوار  ، وتبقى مرارة الإخفاق شديدة على النفس التي كانت تعاني ، ثم ازدادت معاناتها بعد الإخفاق . لأن التغيير إن كان للفرد أو للأمة لابد له من وسائل وعزيمة وصبر ،  بل إن كان التغيير في الأمة فهو يعني الأخذ باستراتيجية واضحة ، ولها قواعد وأسس : ( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . حيث يكون التغيير ذا خطوات ثابتات ، وحيث يُستفاد من القوة الذاتية التي يملكها الفرد إن كان يخص ذاته هذا التغيير ، ومن القوة الذاتية للأمة إن كان التغيير يخص الأمة . وأمتنا تملك من القوى الذاتية للتغيير ما تملكه أي أمة من الأمم .

إنها خاطرة تطل عن كثب تستحث عزائم الأفراد لكيلا تضيع عليهم فرصة العمر ، وتستنهض هِمَّـة الأمة التي آن لهــا أن تحدث هذا التغيير في عالم لايريد المتنفذون فيه  أن تتحقق  أمنيات الشعوب .

وسوم: العدد 902