حين تباع الإنسانية

المؤسف في هذا الزمان أن الإنسانية المكرمة باتت تباع على الأعتاب ، أصبحت زهيدة الثمن ، أصبحت لها رتب ، فهناك الإنسان و هناك دون مرتبة الإنسان ، أصبحت لها طبقية ، فهناك المرموق ،  و هناك في رتبها المسحوق ، فيها من يتمتع بكل المزايا ، و فيها من يعيش في الرزايا ،  فيها الذي يأمر فيطاع ، و فيها من يعيش تحت القاع .

هال الخطب فأصبح للقطط و الكلاب المباني و الرعاية ، و حظ الآدمي في الأقبية  يفترش بقايا الصناديق المرمية ،  فلست أدري بأي مقياس تقاس الحياة الإنسانية  ؟!  

العجيب ،  الكل مسجل في زمام  قيد الحياة ، موثق في السجلات ؛ لكن القليل مسجل في قيد الحياة الإنسانية ، مسجل في سجل العوز و الاحتياج و الفقر ، مسجل في سجل ذوي الاحتياج .

 لو تركنا العنان للإنسانية أن تتكلم ، لا تلعثم لسان الجميع ، و خرست شفاه  تجار الرقيق و العبيد ، فحال الإنسانية اليوم لا يرام ، حين لا تحظى الإنسانية بالمعاملة الندية  اللائقة ، حين  يصبح الإنسان فضلة وقت أو اهتمام ، حين يصبح التعامل خارج دائرة الإنسانية ، فتكون الموارد و البرامج ليس محلها الرحمة الإنسانية ، بل  يكون هدفها الاستغلال و الاستقواء و الهيمنة .

حين يصبح الاهتمام و إعطاء  أولية للشذوذ و المثلية ، في حين لا قيمة للجياع و المهملين بأسباب الحروب و المجاعات ، حين لا يعطون قيمة لمن يعيش في الشتات مهجرا بعيدا عن أوطانه  ، لا يعطون الاهتمام لمن  تداس كرتمته بسبب معتقده أو عرقه ، هؤلاء جميعهم مغيبون عن عيون منظمات حقوق الإنسان  .

للأسف الإنسانية اليوم تباع في المزاد بلا ثمن ، يدوسها الأقوياء باسم الحداثة و التطور ، تداس الإنسانية باسم سلم الشجعان ، سلم يتنازل فيه الإنسان الحر عن حقه المشروع ، يتنازل الإنسان عن حقوقه  بعيدا عن موازين العدل و الحقوق المشروعة .

فمتى يعود  سلّم الأولية للإنسانية ، و تعود الكرامة للإنسان المكرم ؟

 يقول الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[سورة الإسراء : 70]

وسوم: العدد 1044