أنذرتكم "سـَـوف"

عبد الرحمن المقدسي

أنذرتكم "سـَـوف"

عبد الرحمن المقدسي

الحمد لله القائل في كتابه الكريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ". (المؤمنون)... 

والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل في الحديث الذي رواه الأعمش حيث قال: "التُّؤَدَةُ (التَّأَنِّي والتَّمَهُّلُ ) فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ ". المستدرك على الصحيحين, ثم أما بعد:

جاء مما وضع في بطون الكتب واستحسنته عيون البصائر ونقلته الأصاغر عن الاكابر, وتداولته الألسنة من الاوائل والأواخر, أن فلاحا اكتشف ذات يوم، حية كبيرة في بيته، فخاف وذهب ليحضر فأساً كي يقتلها قبل أن تلدغ زوجته، وابنه، والشاة التي يتغذى من لبنها، وبينما همَّ بالقيام بذلك وجد تحتها بيضة من ذهب، ففرح فرحاً شديداً، وقال: أخيراً حصلت على السعادة، فأخذ البيضة، وأسرع بها إلى السوق، وباعها بمبلغاً كبيراً من المال، ذهب إلى زوجته وقص عليها ما حدث وقال: لن نقتلها، سنؤجل قتلها حتى نحصل على بيض أكثر من الذهب، ونصبح أغنياء وسعداء، فأغلق الباب عليها، وبذلك يأمن لدغها، واعتاد كل يوم أن يفتح الباب ويأخذ بيضة الذهب، حتى أصبح أغنى أغنياء البلدة، يتكلم الناس عن الثروة التي هبطت عليه فجأة!! وفي يوم من الأيام نسي الباب مفتوحاً فخرجت الحية ولدغت الشاة، استيقظ من نومه ووجد الشاة قد ماتت، فهمَّ بقتل الحية، فسمع هاتفاً يقول له: اتركها لعدة أيام أخرى حتى تحصل على بيض أكثر من الذهب الخالص، فقال لنفسه: حسناً لا يهم لدي أموال كثيرة استطيع أن اشتري آلاف الشياة، وبدأ يغلق الباب ثانية قبل أن ينام، وفي يوم من الأيام نسي الباب مفتوحاً، واستيقظ في الصباح ليجد ابنه ميتاً، جن جنونه، وطار عقله، وظل يصرخ: يا ويلتي.. يا ويلتي الحية قتلت ابني ليتني قتلتها قبل أن يحدث ما حدث!! ثم همًّ بقتلها، فإذا بهاتف يقول له: ابنك مات وانتهى الأمر، اترك الحية حتى لا تفقد بيضة الذهب التي تأخذها كل يوم، فتركها، وعاش هو وزوجته يجمعان الذهب والمال، وفي يوم من الأيام نسي الباب مفتوحاً، فخرجت الحية ليلاً, ليستفيق في الصباح فيجد زوجته ميتة إلى جواره. 

عباد الله: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : أَوْصَاهُمْ ثُمَامَةُ بْنُ بِجَادٍ السُّلَمِيُّ ، قَالَ لِقَوْمِهِ : " أَيْ قَوْمِ ، أَنْذَرْتُكُمْ سَوْفَ أَعْمَلُ ، سَوْفَ أُصَلِّي ، سَوْفَ أَصُومُ " . الزهد والرقائق لابن المبارك

وعن أَبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ أَبِي الْجَلْدِ ، قَالَ : " وَجَدْتُ التَّسْوِيفَ جُنْدًا مِنْ جُنُودِ إِبْلِيسَ ، قَدْ أَهْلَكَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِيرًا". حلية الأولياء لأبي نعيم

وعن أَبُو خُرَيْمٍ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، إِيَّاكُمْ وَالتَّسْوِيفَ سَوْفَ أَفْعَلُ ، سَوْفَ أَفْعَلُ". قصر الأمل لابن أبي الدنيا

ولأن الشيء بالشيء يُذكر... فكيف يطيق المسلم منا يا عباد الله ان لا يفجر طاقاته الدعوية, وهو يرى أخوة لنا في سوريا الشام قد بلغ أمرهم الشيء العظيم؟! كيف يطيق المسلم أن يهنئ برغد العيش وطيب الطعام ودماء أخوانه تجري في سوريا أنهاراً من قبل جزارهم بشار؟!

 قتل ودفن للأحياء وتقطيع للرؤوس بالمناشير الكهربائية واغتصاب للعفيفات الطاهرات, وكل هذا لانهم يقولون: "ما إلنا غيرك يا الله", ويقولون: " خلافة للأبد غصب عنك يا أسد"... كل هذا لأنهم خرجوا جماعات ووحدانا يقولون للظالم: يا ظالم انت ظالم! 

فما أسعدنا بأمتنا اليوم وهي تنفض عن كاهلها غبار اليأس والخوف , وتخلع عن كاهلها ثوب الذل والخنوع, وبدأت تتلمس خطى المنهاج المستقيم, وما أسعدنا بأمتنا حين أصبح الإسلام منها قضية تطير من أجله الرقاب.

فعن أبو الوفا ابن عقيل رحمه الله يقول : إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ ، وَلَا ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ. الآداب الشرعية " لابن مفلح ( 1 / 238)

فأين أنت ايها المسلم يا حامل الدعوة: اين انت من هذا العمل المبارك, ونحن على أعتاب مرحلة جديدة تملأ الأرض عدلاً بعد ان مُلأت ظلماً وجوراً؟!

أتراك لمباريات كرة القدم من المتابعين؟!!

أم على دماء أخوانك من الراقصين؟!

ألم تعلم أن الله سائلك عن موقفك من الثورة السورية خاصة, التي تفوح منها رائحة الإسلام على منهاج نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟! 

أم تراك من المسوفين طويلي الأمد الذين ظنوا أنهم اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ؟!!!

فيا للمرارة كم هو كريه ان يرقص المرء على جراح أمته وابناء جلدته.

وكم هو كريه أن تجد اخوانك ممن تتوسم فيهم الاسلام والغيرة على دين الله, كم هو كريه أن تراهم قد صموا آذانهم عن هذا العويل والنياح من حرائر الشام فلا تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا !!!

أيها الناس:

ان الامم والدول والشعوب تُداوي جراحها, وحكامنا يصبُون الخلّ والملح على جراح أمتنا بسكوتهم لتزيد نزفا على نزف حتى يغرقوا بدماء العار.

كان بإمكان هؤلاء الراقصين على دمائنا ان تكون خطواتهم محكمة بحيث تصلح لان تكون خطوات تبايع خليفة يقود جيشا متجها نحو سوريا لتدك عنق الكفر والبغي فيها.

فثورة سوريا ليست كسائر ثورات الربيع العربي, فما أجملها أخي الحبيب من يافطة تزينت بها شوارع سوريا, كتب فيها المسلمون هناك: " بينك وبين الجنة أن تقطع هذا الشارع".

فترى المسلمون يخرجون بعجرهم وبجرهم للجنة سراعاً شوقاً لربهم, فتنال من رؤوسهم رصاصات القناصة الغادرة لتنقلهم من ظلم بشار الى عدل رب بشار.

وما أجمل التوسل والتذلل والخضوع لله الواحد القهار من قِبل المسلمين في شوارع سوريا ومظاهراتهم, بل قل ما أجملها من عبارات تشم منها الإخلاص الخالص لله.

نعم ان الثورة السورية مميزة كونها تمثل إلتفاف الأمة حول قضيتها المصيرية ألا وهي تحكيم شرع الله في أرضه وإقامة سلطانه من خلال دولة اسلامية... وهنا حق لي السؤال مرة أخرى؟!

أين أنت أخي المسلم, يا حامل الدعوة من كل هذا؟!!

ألا ترى أننا وهم سواء في قضيتنا؟!!

إذن فماذا تنتظر يرحمك الله؟!!

فأقول للذين لم يتحركوا بعد: هل تقبلون أن يهان الدين فتقصف المساجد، وتمنع الصلوات، وتعطل الجُمُعات، وتمزق المصاحف؟! إذا لم تثوروا لدينكم ولا لأعراض أخواتكم ولا لقتل أقاربكم وأبناء دينكم فلأي شيء تثورون؟! إنكم بمجرد انحيازكم إلى دينكم وأهلكم في ثورتهم في سائر المناطق لن يبقى لهذا النظام المجرم أي أرض يطأ عليها. إنه واجبٌ شرعيٌ يلزمكم القيام به ولا خيار لكم فيه، وإلا فإن الله سبحانه خاذل من يخذل دينه وأمته.

عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ " . فَقِيلَ : وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ " . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .  وعن  جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّيْنِ ، يَقُولانِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ". الطبراني

عباد الله: لنا في عفيف بن قيس الكندي رضي الله عنه عبرة وعظة لكل مسوّف, لا يلقي لعظائم الأمور بالا, حتى عضّ على يديه ندماً على ما فرّط في جنب الله, ففاته خير لم يحصل عليه أحد من الأولين ولا الآخرين إلا من سبقه وكان سريع المبادرة والالتزام. فعن إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ : كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعِنْدَهُ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ قَرِيبًا مِنْهُ ، إِذْ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ ، فَلَمَّا رَآهَا مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي ، ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي ، ثُمَّ خَرَجَ غُلَامٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ يُصَلِّي ، (والمراهق: كما جاء في لسان العرب : الغلام الذي قد قارب الحُلُم)،  فقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي ، قُلْتُ : وَمَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ ؟ قَالَ : امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، قُلْتُ : " مَنِ الْفَتَى ؟ " قَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ ، قُلْتُ : " وَمَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ ؟ " قَالَ : يُصَلِّي وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَمْ يَتْبَعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَهَذَا الْفَتَى ابْنُ عَمِّهِ ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَيُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ ، وَأَسْلَمَ عَفِيفٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَانَ يَأْسَفُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ . فقال عفيف بعد ما أسلم ورسخ الإسلام في قلبه (بعد حوالي خمسة عشر عاما): فليتني كنت آمنت يومئذ فكنت أكون أربعاً ! وفي رواية: قال: لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كنت ثانيًا مع عليّ بن أبي طالبٍ‏. (تاريخ الرسل والملوك, تاريخ الطبري, المعجم الكبير للطبراني, البداية والنهاية- ابن كثير)

فيا عِبَادَ اللَّهِ: رحم الله امرأ أنبهته المواعظ ، وأحكمته التجارب ، وأدبته الحكم ، وأرحل عنه التسويف بعلمه بما فيه, فالموت الْمَوْتُ لَيْسَ مِنْهُ فَوْتٌ ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهْ أَخَذَكُمْ ، وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ.

فاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَكُونُوا قَوْمًا صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا ، وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدِلُوا ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ ، وَتَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ ، وَإِنَّ غَايَةً تُنْقِصُهَا اللَّحْظَةُ وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ ، وَإِنَّ غَائِبًا يَجِدُّ بِهِ الْجَدِيدَانِ : اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ ، وَإِنَّ قَادِمًا يَحُلُّ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌ لِأَفْضَلِ الْعُدَّةِ ، فَالتَّقِيُّ عِنْدَ رَبِّهِ مَنْ نَاصَحَ نَفْسَهُ,  وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ, وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ.

أي أخي!  اسمع معي يرحمك الله كيف ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مَثلُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِق وَالْكَافِر, حيث قال: كَمَثَلِ رَهْط ثَلَاثَة, دُفِعُوا إِلَى نَهَر, فَوَقَعَ الْمُؤْمِن فَقَطَعَ, ثُمَّ وَقَعَ الْمُنَافِق حَتَّى إِذَا كَادَ يَصِل إِلَى الْمُؤْمِن, نَادَاهُ الْكَافِر: أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْك ! وَنَادَاهُ الْمُؤْمِن: أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ فَإِنَّ عِنْدِي وَعِنْدِي! يُحْصِي لَهُ مَا عِنْده. فَمَا زَالَ الْمُنَافِق يَتَرَدَّد بَيْنهمَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَاء فَغَرَّقَهُ, وَإِنَّ الْمُنَافِق لَمْ يَزَلْ فِي شَكّ وَشُبْهَة حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَوْت وَهُوَ كَذَلِكَ. تفسير القرطبي

فبادر أخي ثم بادر فإنك مبادر بك, وأسرع فإنك مسروع بك. وإياك ثم إياك أن تكون ممن يتردد في نصرة أخوانه والإلتحاق بركب العاملين لإقامة دين الله بتطبيق شرعه من خلال إقامة دولة الخلافة الإسلامية الثانية الراشدة التي تكون لأهلنا في سوريا والعالم أجمع عرساً ومنّاً وكرماً من الله العزيز المنان.

فلا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره, ولتكن أخي كالصحابي الجليل سعيد بن عامر حين تذكر مشهد مقتل خبيب بن عدي, فقال: شهدت مصرع خبيبا وانا مشرك ، ورايت قريشا تقطع من جسده وهي تقول له : اتحب ان يكون محمدا مكانك وانت ناج ؟ فيقول والله ما احب ان اكون آمنا وادعا في اهلي وولدي ، وان محمدا يوخز بشوكة ، واني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف اني تركت نصرته الا ظننت ان الله لن يغفر لي .. وأصابتني تلك الغشية . فكان رضي الله عنه يُغشى عليه حين يتذكر خذلانه لخبيبا حين صُلب على خشبة وقطّعت قريشُ جسده وهو حي, وسعيد ينظر بين جموع الكفار ولا ينصره وهو على الكفر آنذاك .

نعم لقد كان يراه في حلمه اذا نام ، ويذكره حين صلى ركعتين مطمئنتين امام خشبة الصلب , وهو يسمع رنين صوته في اذنيه وهو يدعو على قريش ( اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا),  نعم أيها مسلمون: كان ذلك بسبب تركه نصرته حتى ظن ان الله لن يغفر له مع أنه لم يكن وقتها مسلماً !! وكلنا يعلم أن الإسلام يجبُّ ما قبله ...

إنها المسؤولية أيها الأخوة ، إنها الرابطة الإسلامية  التي جمعته بخبيب ...

كم عندنا من الجراح في سوريا كل يوم ؟!!!

إننا نشهد مصرع أهلنا وأخوتنا من أطفال وشيوخ وشباب بأعمار الزهور ، كما شهد سعيد مصرع خبيب ، كم وكم رأينا بمآقينا آلاف الشهداء المثخنين في جراحهم في سوريا وغيرها من قبل المجرمين ، كما مثلوا بجثة خبيب ، لقد شهدنا المصارع تلو المصارع, ونحن مسلمون!! ومع هذا تركنا النصرة!!! 

إننا نشهد كل يوم مصرع أخوة لنا باعوا أنفسهم في سبيل الله ، أخوة لنا رفعوا راية العقاب حتى لا يدنس الكفار دينهم وعقيدتهم ، أخوة لنا هدمت دورهم وشردت عوائلهم ويتم أطفالهم ورملت نسائهم كل ذلك في سبيل عزة دين الله ، فهل تعلمنا منهم ما تعلمه سعيد من خبيب !!! 

أيها المسلمون:

إن نظام بشار آيل للسقوط، وهي حقيقة يدركها كل صاحب عينين، فلا يفوتنكم هذا النصر المؤزر, وإننا على مشارف أن ينادي منادٍ: ألا أن أميركم فلان... فتقوم الخلافة وتطوى صحائف العاملين الذين ما فتئوا يوماً يعملون بالسر والعلن لنصرة أخوانهم, فيجلسهم الله يوم القيامة قدام العرش لا خوف عليهم ولا هم يحزنون, ثم جئت أنت رعاك الله وأنت تقرأ صحيفتك وقد خذلت أخوانك بالتسويف واللهو واللامبالاة!!!؟  

فمدوا إلينا أيديكم لتعقدوا معنا أشرف صفقة تنالون بها أشرف وسام بأن يسميكم الإسلام والمسلمون أنصار الله ودينه، فينصركم الله نصراً عزيزاً مؤزراً، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }.