مع الرسول صلى الله عليه وسلم حباً ووفاءً

خطبة الجمعة 18/ 12/ 2015م

7 ربيع الأول/ 1437هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخطبة الثانية: "الأقصى في عقيدتنا ووعينا وذاكرتنا" - أ.د. محمد سعيد حوى

تحدثنا من قبل عن علاقة الحب بين الله وعباده المؤمنين

وأنه شعور قلبي يملأ الفؤاد فيتقد، وهو ميل وانجذاب مطلق وشوق  نحو الله تعالى.

 ومن ثمراته: التذكر الدائم لأمر الله، وذكر دائم لله وطاعة، ورضا، وتعظيم، وتسليم، وتوكل.

 ومن أعظم أسباب  تحقيق الحب في القلب لله:  استشعار إحسان الله إليك، وحسن أسمائه وصفاته، وعظيم عطائه، وعظيم نعمائه، وعظيم رعايته، فعندما يعيش الإنسان مع حالة الحسن والإحسان، مع حالة الجمال والعطاء؛ فلا بد أن يشعر بالحب تجاه من أحسن إليه، فكيف إذا جمع حسناً وإحساناً وعطاءً، ومطلق الكمال والعظمة، وكيف إذا كان أغدق عليك من النعم ما لا يعد ولا يحصى؛ إنه الله.

الحب والابتلاء:

 سنة الله في ذلك( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )

وقد يقع الإنسان في ابتلاء ومحن؛ فالمؤمنون الصادقون المحبون يعلمون أنها محض خير من الله تعالى، ونعمة لا يوازيها نعمة لو علموا أسرارها.

درجات الحب:

وأدنى الحب أن لا يقدم على أمر الله أمراً، ولا يعظم شأناً فوق حق الله، ولا يخضع القلب إلا لله ابتداءً، فهو مقر بذلك، لكن المحب قد يخطئ وقد يضعف وقد يعصي فهذا لا يخرجه عن الحب ما دام أنه يستشعر في قلبه الندم ويقر بالتعظيم لله وحق الله، ويعود ويتوب.

حب النبي صلى الله عليه وسلم : ومهما تكلمنا عن الحب لله لن يتسع المقام؛ نود أن نتكلم عن حب النبي صلى الله عليه وسلم .

حب النبي صلى الله عليه وسلم  فرض وإيمان

إن فرض حب رسول الله اقترن بحب الله، ﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]

وقال تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم)

وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم : «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم : «الآنَ يَا عُمَرُ») صحيح البخاري، 6632.

وفي الحديث عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»البخاري ومسلم

حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد كان الصحابة أعظم الناس حباً، كيف لا وقد شاهدوا حسنه وإحسانه.

كيف لا وقد عايشوا أخلاقه وكمالاته؟ كيف لا وقد بادلهم حباً بحب؟.

كيف لا وقد كان سبباً في إنقاذهم وهدايتهم بأمر الله؟

كان أحدهم لو خير بين أي شهوة مهما كان شأنها، وبين أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقدم رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لو خير بين أي أمر دنيوي والامتثال لأمر النبي، قدم أمر النبي  صلى الله عليه وسلم .

لو خير بين كل رغباته ونصرة النبي ، قدم نصرة النبي  صلى الله عليه وسلم .

شواهد من الحب:

انظر إلى هذا الحب العظيم: يذكر المفسرون أنه روي عن ثوبان أنه أتى إِلَى النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  وَهُوَ مَحْزُونٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم : " ما لي أَرَاكَ مَحْزُونًا؟ " قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ  شَيْءٌ فَكَّرْتُ فِيهِ؟ قَالَ: "مَا هُوَ؟ " قَالَ: نَحْنُ نَغْدُو عَلَيْكَ وَنَرُوحُ، نَنْظُرُ إِلَى وَجْهِكَ وَنُجَالِسُكَ، وَغَدًا تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ فَلَا نَصِلُ إِلَيْكَ. فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] (2) } فَبَعَثَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم  فَبَشَّرَهُ.))

 

ويؤكد هذا الحديث الصحيح في البخاري وغيره

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا».قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ  صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» . قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم : «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» البخاري، 3688.

عندما نجد سعد بن الربيع : عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يَوْمَ أُحُدٍ لِطَلَبِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ لِي: " إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ " قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَأَصَبْتُهُ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: «خَبِّرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟» قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجِدُنِي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِي الْأَنْصَارِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ، قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ) المستدرك على الصحيحين، صحيح، 4906.

وعندما نأتي إلى خبيب بن عدي: ( وَهُمْ يَرْفَعُونَهُ عَلَى الْخَشَب يقول: اللهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَتَلَ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا وَضَعُوا فِيهِ السِّلَاحَ وَهُوَ مَصْلُوبٌ نَادُوهُ ونَاشَدُوهُ: أَتُحِبُّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ الْعَظِيمِ مَا أَحَبُّ أَنْ يُفَدِّيَنِي بِشَوْكَةٍ يُشَاكُهَا فِي قَدَمِهِ) الطبراني، 5284.

وعندما نأتي إلى أبي طلحة وهو يترس ظهره لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ، عَنِ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ» ..." وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ، لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ" مسلم،1811.

وكان من أكابر الصحابة الذين امتلأت قلوبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد لهم رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، فقدم كل ماله ونفسه خالصة لله ورسوله إنه أبوبكر الصديق.

حب رسول الله صلى الله عليه وسلم  لنا

وعندما نشهد هذه المشاهد فنسأل أنفسنا كيف حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم  وما ثمراته وما حقيقته، وهو القائل:  «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي») سنن أبي دواود، صحيح عن أنس t

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم : تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36] الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» ، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: " يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ "مسلم.

وهو الذي قال الله فيه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

وهو الذي له الشفاعات العظمة، وله الكوثر، وننتظر أن نرد حوضه ونشرب من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها ابداً.

كيف نعبر عن حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم

وصف النبي صلى الله عليه وسلم  بعضاً ممن يأتي في بيان حبه

عن أبي هريرة (( وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ، لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِه)) . البخاري

ترى كم نعبر عن حبنا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  في اتباع سنته، في الاقتداء بأخلاقه، وهو الذي قال فيه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وقال فيه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ﴾ [الحجرات: 7]، وكم نصلي على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مفتاح التحقق بالحب والارتقاء، الله تعالى يقول: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ﴾ [الأحزاب: 43]، وإنما يصلي علينا إذا صلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ») مسلم، (384).

(عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» . قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ») سنن الترمذي، حسن، 2457.

كيف نعبر عن حبنا لرسوله  صلى الله عليه وسلم  بالانتصار لسنته الصحيحة الثابتة، ودفع ما يلصق بها مما يشوه ، فما لا نقبله لأنفسنا لا نقبله في حق رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من باب أولى.

لقد عاش المؤمنون هذا الحب وعبروا عنه بألوان شتى، فكان مما قالوا:

ولد الهدى فالكائتات ضياء ** وفم الزمان تبسم وثناء

يوم يتبيه على الزمان صباحه     ومساؤه بمحمد وضاء

يقول لسان الحال منه *** وقول الحق يعذب للسميع

فوجهي والزمان وشهر وضعي *** ربيعٌ في ربيعٍ في ربيعِ

فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتـــــــــــــــا****وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــمِ

أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــمٌ**** ما بين منسجم منه ومضطــــــــرمِ

يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة****مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ

وسوم: العدد 647