التصفية الجسدية الهمجية للصحافي خاشقجي أسقطت القناع عن تردي القيم في العالم إلى الدرك الأسفل

التصفية الجسدية الهمجية للصحافي خاشقجي أسقطت القناع عن تردي القيم في العالم إلى الدرك الأسفل من خلال سكوت  عبّاد عنها مقابل مصالح مادية خسيسة

لقد دنس الرئيس الأمريكي سمعة بلاده وسمعة الشعب الأمريكي من خلال ما عبر عنه من مواقف متذبذبة من جريمة نكراء ارتكبت في القنصلية السعودية بتركيا في حق صحفي يحمل  قلما في وجه الفساد والطغيان . ولقد ظل الرئيس الأمريكي يسوف ويماطل  بخصوص اتخاذ موقف واضح من  موضوع قتل  هذا الصحفي بطريقة همجية بربرية ،ولم يقف عند حد المماطلة والتسويف، بل صرح من أول يوم أن صفقة السلاح مع النظام السعودي لا يجب أن تتأثر بموضوع  تصفية خشاقجي في الوقت الذي لوحت فيه العديد من الأنظمة والمؤسسات العالمية بمقاطعة لقاء اقتصادي بالعاصمة السعودية  احتجاجا على قتل صحفي بريء .

إن موقف الرئيس الأمريكي يعكس مدى تردي القيم  إلى الدرك الأسفل في أكبر دولة في العالم تحكمها المصالح المادية  وهي فوق كل اعتبار إلى درجة القبول بفعل  شنيع همجي من أجلها . وعلى الشعب الأمريكي من خلال من يمثلونه أن يهب  لينقذ سمعة بلاده من فضيحة مدوية تسببت فيها رعونة من يحكمهم .

ومعلوم أن موقف الرئيس الأمريكي المدافع عن جريمة صارخة ليس في حق شخص واحد بل في حق البشرية قاطبة ، إنما لطخ سمعة الولايات المتحدة  وقايضها بالمال تماما كما تقايض المومس عرضها بالمال . ولا شك أن  الذي شجع المسؤولين السعوديين على  ارتكاب جريمة شنعاء بهذا الحجم وهذا الشكل  هو سيلان لعاب الرئيس الأمريكي أمام ملياراتهم . ولقد بلغ بهم الاغترار بملياراتهم هذا الحد من الدوس على كرامة الإنسان ليس الخاشقجي فحسب، بل كل البشرية قاطبة  .

وكيف ستقبل البشرية في هذا العالم بسماع حديث تقطيع جسم آدمي إربا إربا ؟ وكيف ستقبل أيضا بسكوت أو دفاع رئيس أكبر دولة في العالم عن هذا الفعل الشنيع مقابل الحصول على أدنس رشوة في التاريخ البشري ؟

أمن مقام إبراهيم عليه السلام الذي كتب الله عز وجل في محكم التنزيل أنه من دخله كان آمنا خرجت عصابة ضالعة في أقذر إجرام على الإطلاق لترتكب جريمة مروعة وفي منتهى الشناعة ؟ أومن هذا المقام المقدس الآمن فر الصحفي المسكين طلبا للأمن في بلد العالم الحر يا حسرتاه لتمتد إليه أيدي خدام البيت العتيق الآثمة فتغتاله وتمثل بجثته ، وتتلفها كما تتلف النفايات ؟

إنه لمن المؤسف بل  من المحزن أن  ينطلق الإجرام من مكان جعله الله عز وجل مكان الأمن والأمان ،منه ينتشر إلى كل أصقاع المعمور، ولا يسمح  فيه  حتى بقتل الحشرات بله قتل الإنسان .

وإذا كان الرئيس الأمريكي ميئوس منه أن يتخذ موقفا مشرفا ، وهو الذي أعمى الجشع المادي  بصره وبصيرته ، فإن الرئيس التركي الذي يفخر بإسلامه ، وبأسلافه العثمانيين عليه أن يبرهن على أنه مسلم حقا لا يرضى أن يقايض صمته على جريمة قذرة بما يستثمره القتلة في بلاده  من مال . ولئن ينهار اقتصاد بلاده خير له من أن يسجل عليه التاريخ أنه باع كرامة بلاده بالمال المدنس .

لك الله عز وجل يا خاشقجي ، ولئن سكت الشياطين  في عالم اليوم عن جريمة هدر دمك الشنعاء في الدنيا ، فإن موعدهم يوما عبوسا قمطريرا ، فنم مرتاح البال، ولا تذكر شيئا من مشاهد الرعب التي عشتها داخل قنصلية الموت الأحمر، وأنت إن شاء الله شهيد عند الله عز وجل، وأنت حي عند ربك ترزق وتغمرك السعادة  ، و أنت ساخر من  نذالة القتلة، ومن  نذالة المرتشين أيضا  الذين  رضوا بتدنيس سمعة بلدانهم مقابل المال المدنس .

وأخيرا على الشعب العربي في شبه جزيرة العرب أن يستلهم بطولات أسلافه فيغسل عارا قد علق به .

ولا يفوتنا أن نقول للعلماء والدعاة المغيبين في السجون والمعتقلات الرهيبة في أرض مقام النبي الكريم إبراهيم ، ومرقد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، يا أبناء الصحابة رضوان الله عليهم صبرا على  الأذى كما صبر أسلافكم على أذى الجاهلية ، وإن النصر سيحالفكم كما حالف أسلافكم ، وهو منكم قريب ، فلا تبتئسوا بما يفعل الظالمون،  إون لهم موعدا قد وعدوه لن يتخلف إذا جاء أوانه  وحل عقابه، فويل  ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء.

وسوم: العدد 795