رفيق الطريق

ارتبطت حياتي بمرافقة الكثير من الأشخاص ، ولكن ما أسعدني في تلك المرافقة ، معظمها كانت مرافقة عمل  ، شملت مجالات متنوعة  دعوية تربوية و ثقافية  أخرى اجتماعية  ، وحتى سياسية   . 

تعلمت من تلك المحطات الكثير من التجارب ، هذبت مواهبي ، عرفت خلالها حدود طاقاتي ومجالات تخصصي  ، فحرصت أن أحترمها ولا أتجاوزها لتجارب ارتجالية  أو حتى  عفوية  ، فكل إنسان حباه الله من العطايا والمنح ما  علينا  إلا  أن نستغلها وفق قاعدة التيسير   التي حددها ذلك  الحديث النبوي المعجز  الذي   يستنبط منه الكثير من الدروس و القيم والأحكام.   .

يقول الرسول صلى الله عليه و سلم    : 

  (( أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلّاً مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ )) . [ أخرجه ابن ماجه عن أبي حميد الساعدي.   

في تلك المرافقة استفدت من تجارب من نهلت منهم نفائس التربية الأولى من والدي وجدي،  ومن معلمي الأوائل ، فكانت تربيتهم الأولى خير زاد .

ثم تواصل الفضل  مع معلمي القرآن الكريم في المساجد ، فأخذت نصيبي بحفظ أجزاء من كتاب الله ، فالقرآن هو طريق السعادة ، وهو بوابة الانطلاق الأولى في الحياة ، فكان أثر ذلك بالع في حياتي ، صقل مواهبي ، ورسم لي الوجهة الصحيحة ، التي أحمد الله على منحتها .

وكان للموافقة الصالحة أثرها ، فالصحبة الصالحة زاد ، فكانت لي خير رفقة علما وأدبا ، ما زلت ليومي أشم عبقهم في مسيري .

ولا نقلل من صحبة  شركاء المهنة ، فالفريق المتجانس، يمنح المرافق عونا في تطوير الخبرات المهنية ، يعلم المرافق الصبر على الانسجام مع الفريق ، يصنع نجاحات يعجز الفرد الواحد تحقيقها ، فبركة العمل الجماعي قطافه خير كثير.       

ما تعلمته في هذه  المسيرة من العمر  ، أن في مرافقة  الرواحل زاد تقوى به تحمل التكاليف والأعباء.     

ما يجب وضعه نصب أعيننا ، أن الواحد منا لا يستطيع السير بمفرده ، بل لابد له من مرافق ، يشاركه المسير،   يكون عونا له في الطريق الموحشة ، يدلل له ما عجز على حمله ،    فلا نحرم أنفسنا أنس الرفيق  فالواحد منا يوزن برفاقه  .

اقتطفت لكم من روض أشعار  أبي عثمان سعد بن أحمد بن إبراهيم بن ليون التجيبي، من علماء الأندلس وأدبائها المتقدمين 

يقول في روائع عن الصحبة  : 

 أنت في الناس تقاس

بالذي اخترت خليلا

فاصحب الأخيار تعلو

وتنل ذكراً جميلا

صحبة الخامل تكسو

من يواخيه خمولا  

نسأل الله أن يبارك عمر شيوخي وأصحابي  الذين رافقوني طيلة  عقود  عمري ، الذي أسأل  الله أن يبارك لي  فيه بصالحات  الأعمال في دروب الحياة ، لا  نبتغي خلالها  إلا الأجر والتواب  .

وسوم: العدد 1069