أيها الشعب الفلسطيني البطل المحاصر في غزة احذر مؤامرة التهجير القسري الخبيثة

أيها الشعب الفلسطيني البطل المحاصر في غزة  احذر مؤامرة التهجير القسري الخبيثة الماكرة بالصمود والمقاومة لمنع تكرار آفة العيش في الشتات مرة أخرى

لقد كانت دائما المؤامرة الخبيثة والماكرة  لإجلاء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة حلم الكيان الصهيوني المحتل منذ احتلاله أرض فلسطين سنة 1948 . وكان التعبير عن هذه المؤامرة بشتى الأساليب، بما فيها الأماني كما عبر عن ذلك أحد قادته العسكريين الضالعين في الإجرام حين تمنى أن يصبح ذات يوم ليجد القطاع قد ابتلعه البحر ، وكما تمنى غيره بعد طوفان الأقصى أن تلقى قنبلة نووية عليه لتدميره بمن فيه .

ولقد كانت  كل الاعتداءات المتكررة على هذا القطاع العصي على الاحتلال  بمقاومته الباسلة، تنحو نحو تدمير العمران من أجل تهجير الإنسان . ولقد بلغت سياسة تدمير العمران أوجها بعد السابع من أكتوبر ، حيث تحول القطاع اليوم إلى خراب ،ويمكن القول أن أمنية إلقاء قنبلة نووية عليه قد تحققت بالفعل عن طريق قنابل لا تقل فتكا عن القنابل النووية، لأنها حققت نفس الهدف . ولو قارنا صور المدينتين اليابانيتن اللتين دمرتا نوويا مع غزة اليوم ،لوجدنا أن تدميرها لا يختلف عن تدميرهما وعن خرابهما .

ولقد كان تدمير قطاع غزة من أجل تهجير أهله مخططا له سلفا حتى لو لم تباغت المقاومة الفلسطينية العدو الصهيوني بطوفان الأقصى . وكانت المؤشرات دالة على ذلك بما فيها ما سمي بصفقة القرن ، وما انبثق عنها من  تطبيع مع  بعض الأنظمة العربية، تمهيدا لتطبيع  شامل يشمل كل الأقطار العربية ، أو لنقل استحواذا عليها من أجل الوصول إلى مقدراتها وثرواتها ، ويكون ذلك على حساب قضية  الشعب الفلسطيني العادلة  .

ولقد تحدثت بعض آراء المحللين السياسيين  من ذوي الخبرة عن مشروع إقامة ميناء على البحر الأبيض المتوسط، يكون الوصول إليه من مناطق مصادر الطاقة العربية إلى بلدان القارة الأوروبية عبر قطاع غزة ، وهو مشروع عبارة عن مؤامرة  خبيثة متورطة فيها الولايات المتحدة ، ودول أوروبا الغربية بسبب صراعها على السيادة الاقتصادية  في العالم، وهو صراع بينها وبين القيصر الروسي ، والقيصر الصيني.

ولهذا تنبهت المقاومة الفلسطينية إلى هذه المؤامرة الخبيثة  قبل أن تباشر، فعزمت على مفاجأة العدو الصهيوني بطوفان الأقصى ، ومن خلاله مفاجأة كل من تورطوا فييها . وكان قصد المقاومة هو فضح هذه المؤامرة  الفاضحة أمام أنظار الرأي العام العالمي ، وتنبيهه إلى أنه لا يمكن مقايضة القضية الفلسطينية بالحلم الصهيوني، الأمريكي، الأوروبي .

ولقد وجد الكيان الصهيوني الفرصة سانحة للمضي في تحقيق حلمه وحلم شركائه الأمريكيين والأوروبيين تحت ذريعة الانتقام من هجوم طوفان الأقصى ، ومنع تكراره مرة أخرى . ومن المؤشرات الدالة على تهافت هذه الذريعة  المموهة على الحلم ،هو ما كان يروج بين أعضاء ما سمي بمجلس الحرب الصهيوني  بخصوص ما سمي  باليوم التالي لانتهاء  للحرب، الذي يعني عندهم بداية تحقيق الحلم .

وما المفاوضات  بخصوص موضوع الرهائن التي يتلكأ فيها  العدو الصهيوني  سوى ذرا للرماد في العيون من أجل الحصول على جواب من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين عماذا بعد اليوم التالي لانتهاء الحرب ؟ أو بالأحرى الحصول على الضوء الأخضر من أجل بداية مؤامرة الترحيل القسري لسكان القطاع  خارجه تمهيدا للبدء في مشروع الميناء المخطط له منذ زمن بعيد ،والذي سيكون شوكة في حلق القيصرين الروسي والصيني .

ومعلوم أن ما يصرح به الآن الكيان الصهيوني على لسان كل أعضاء مجلس حربه الإجرامي المرتكب لجرائم الإبادة الجماعية ضد سكان القطاع ، هو التهديد بعملية عسكرية في منطقة رفح حيث هجر إليها من كل مناطق القطاع ما يزيد عن المليون ونصف المليون شخص ، وهم اليوم في العراء تمهيدا لترحيلهم القسري إلى جهة يموه على الكشف عنها لحد الآن ،مع شبه اليقين بأنها محددة سلفا  عنده وبتآمر مع شركائه الغربيين ، وقد يكون معهم شركاء آخرون سيفتضح أمرهم .

وتتظاهر الإدارة الأمريكية بأنها على خلاف مع الكيان الصهيوني بخصوص اقتحام رفح ، والحقيقة خلاف ذلك ، والمؤشر على ذلك أنها متفقة على الاقتحام ، ولكن ليس بالأسلوب الذي يريده مجرم الحرب نتنياهو،  بل بأسلوب ما يسمى بعملية جراحية تفاديا للمزيد من جرائم الإبادة، وذلك تلافيا  لمزيد من ضغط الرأي العالم العالمي الذي يدين ويندد بالإبادة الجماعية  ، ويطالب  بوقفها ومنع التمادي فيها فورا .  وآخر ما صرح به مجرم الحرب أنه قد استورد ما يكفي من خيام لترحيل المليون ونصف المليون ممن طردوا من بيوتهم  في كل مناطق القطاع . والسؤال المطروح أي مكان ستضرب فيه تلك الخيام ؟  وما حكابة الخيام سوى تمويه على مؤامرة التهجي الخبيثة والماكرة التي يدبرها الكيان المحتل مع شركائه الأمريكيين والأوروبيين . ومن المؤشرات على هذه المؤامرة ما سمي بإنشاء ميناء عائم على شاطىء القطاع بذريعة إيصال المساعدات بحرا إلى سكان غزة المحاصرين والمجوعين ، والذين يواجهون إبادة الجوع إلى جانب إبادة القصف والتقتيل . ومن السخرية أن حلفاء الكيان العنصري الإجرامي لو كانوا حقا يريدون إيصال المساعدات إلى هؤلاء المحاصرين لوسعتهم الحدود البرية عوض ما يقومون به من خلال  بعض الاستعراضات الجوية التي يلقون من خلالها فتاتا إلى شعب  المجوع الذي تتهدده أخطر مجاعة ، وقد بدأت بالفعل تحصد الأرواح يوميا  ، وعلى رأسها أرواح الأطفال الأبرياء، وأمهاتهم ، والعجزة، والمرضى .

ولقد داس نتنياهو بكل وقاحة واستخفاف على قرار محكمة العدل الدولية ، وعلى آخر قرار لمجلس الأمن  القاضي بوقف الحرب  ، وكل العالم لا زال  يتفرج ، ولا يحرك ساكنا ، ويكتفي بالتنديد والشجب ، بما في ذلك القيصران الروسي والصيني اللذان لم يزد موقفهما عن شجب هذه الحرب ، ورفع الفيتو ضد وقف مؤقت لها . والسؤال الذي يفرض نفسه من ذا الذي سيرغم الإرهابي الصهيوني  المارق  في هذا العالم على الخضوع لقرار يوصف بالدولي ، ولحكم محكمة توصف هي الأخرى بالدولية ،وهو يصر على أنه لا سلطة في  هذا العالم يمكنها أن تثنيه عن مواصلة جرائم الإبادة الجماعية  ، والمضي في مؤامرة التهجير القسري لسكان غزة عن طريق التهديد باستعمال القوة العسكرية  ؟؟؟

ولهذا ، وبناء على ما تقدم ، فإن الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تمرغ أنفه في التراب هي مقاومة الشعب الفلسطيني البطل . ويتعين على المليون ونصف المليون الذين يريد الإرهابي  المجرم تهجيرهم قسرا أن يتشبثوا بأرضهم ، وتكون الشهادة عندهم أحب إليهم  من حياة الذلة تحت خيام الصهاينة .ولئن لم يصمدوا ، فسيكونون في حكم من يولون أدبارهم  عند الزحف ولقاء العدو . وقد يقول قائل كيف يمكن لأولئك المحاصرين الجياع أن يقفوا في وجه عصابات الصهاينة المدججين بالسلاح ؟ وهو سؤال سبق طرحه سنة 1948 ، وترتب عنه ندم العيش في الشتات ، لهذا لا نريد ندما آخر يتكرر بعدما أثبتت المقاومة الباسلة أنها تحارب جيشا لقيطا جبانا مكونا من مرتزقة، ومن مستعربين ،ومن دروز خونة، ومن فلاشة .

هذه لحظة تقتضي الصبر والمصابرة والثبات يا شعب غزة الأبي الحريص على الموت  كما يحرص عدوه الجبان على الحياة . وكان الله عز وجل في عونك ، ومعك لئن صبرت ، وضحيت من أجل مسؤولية اختارها الله تعالى لك وشرفك بها ، وهي حماية مسجده الأقصى الذي بارك ما حوله ، وباركك، وأنعم بها من نعمة إذ ساق لك الشهادة والجنة في وقت يتهافت  فيه غثاء أمة الإسلام ـ يا حسرتاه ـ على عرض الدنيا الزائل ، وقد نزعت مهابتها من قلوب عدوها بشكل مخز، لم يسبق له مثيل في التاريخ .

عاشت فلسطين حرة أبية ، والمجد والخلد في الجنان للشهداء ، والخزي ،والعار، والشنار للصهاينة المجرمين  ولأعوانهم حيثما وجدوا  في هذا العالم . فنصر يا شعب فلسطين أو شهادة ،(( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون  )).

وسوم: العدد 1074