الوعي المفقود

الوعي المفقود

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

أصدر توفيق الحكيم في عام 1972 كتاب عودة الوعي مهاجمًا فيه جمال عبد الناصر بعنف.‏

 وترتب على صدور هذا الكتاب ضجة إعلامية، حيث اختزل الحكيم موقفه من التجربة الناصرية والتي بدأت كما ذكر: يوم الأربعاء 23 يوليو 1952 حتى يوم الأحد 23 يوليو 1973، واصفًا هذه المرحلة بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقدًا الوعي، وأنها مرحلة لم تسمح بظهور رأى في العلن مخالف لرأى الزعيم المعبود. وأعلن في كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف الثورة.

 واقترح الحكيم بأن يقام لعبد الناصر تمثال ضخم تخليدًَا لذكراه بشرط أن يوضع في أكبر ميدان في تل أبيب . وتمنى أن يعود الوعي للشعب المصري في مواجهة عبد الناصر وظلمه وحوارييه .

**********

 وإذا أردت أن أصف - في إيجاز شديد – حالة الوعي في عهد الرئيس المخلوع ، امتدادًا للسنوات التي نقضيها بعده لقلت إننا نعيش سنوات " الوعي المفقود " وأتمثل في هذا السياق بالبرنامج الناجح الذي يقدمه - في فضائية تلفازية – الأستاذ ضياء رشوان بعنوان ( كلمة ومعنى ) ، ومن أيام طرح سؤالاً على المواطنين نصه : " ما هي السلفية ؟ " .... أجاب أحد الأفندية بسذاجة فاضحة " يعني تقصد أيه ؟... يعني دي حاجة عندنا ولا مش عندنا ؟ ... مش فاهم يعني فيهم الجماعة الإخوان ولا مش فيهم ؟ " . وأجابت سيدة – يبدو أنها محترمة جدًا – " السلفية ... السلفية .... دي حاجة كتير قوي " .

 هذا وغيره يدل على أننا نعيش بلا وعي ، أو سنوات الوعي المفقود . ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة . من أهمها :

 1- ضعف الثقافة ، وخصوصًا الثقافة الدينية .

 2- تخلف التعليم في مصر ، فهو من هابط إلى هابط .

 3- ضعف الاقتصاد وسوء المستوى الاجتماعي والمعيشي الذي يعاني منه المواطن .

 4- ضعف مستوى كثير من الدعاة الدينيين .

 ففقدنا في التلفاز والقنوات الفضائية " الدعاة القمم " من أمثال محمد الغزالي ، وعطية صقر ، والدكتور محمد المسير ، وكلهم في ذمة الله الآن .

 والاضطلاع بمهمة الدعوة يقتضي أن يكون الداعية متحليًا بعدد من الصفات أهمها:

أ ـ أن يكون قدوة حسنة للآخرين في أقواله وأفعاله .

ب ـ أن يملك الداعية قدرًا كبيرًا من العلم، والفقه ، والمعارف القديمة والمعاصرة ، لتوظيفها لمصلحة دعوته .

ج ـ أن يكون قديرًا دقيقًا في عرض موضوعات الدعوة وفقًا لطبيعة البيئة التي يدعو فيها ، أي يحرص على التوفيق بين معطيات الدعوة ، واهتمامات المجتمع .

د ـ أن يتجنب في طروحاته مواطن الخلاف بين الفقهاء ، وخصوصًا المتعلقة بالفرعيات .

هـ ـ أن يراعي المستوى العلمي والاجتماعي للمتلقين .

ألست معي يا أخي القارئ أننا نعيش مرحلة الوعي المفقود ؟