عفوًا يا شاهِندة مِقلد
عفوًا يا شاهِندة مِقلد
أ.د/
جابر قميحةأصبح أمرًا من الأمور العادية أن ترى ممثلة تنزل ضيفة على إحدى الفضائيات ، وهي في أتم زينتها لتقول : إنني قادمة إليكم الآن على عجل من ميدان التحرير حيث نعتصم في سبيل مطالبنا الثورية . حدث ذلك مساء 17/7/2011 من الممثلة ( ف ) . مع أن هذه الممثلة بالذات كانت من أشد المتحمسين للرئيس المخلوع ، وكان الحزب الوطني يختارها للسفر إلى السودان وغيرها لتشجيع فريق كرة القدم . وأقول شيئًا من الحياء " يا ثائرة معتصمة " ؟ يا ممثلة " ف " .
في برنامج العاشرة مساءً الذي قدمه التليفزيون المصري مساء السبت 9/7/2011 رأينا السيدة منى الشاذلي تستضيف " الثائرة " (!!!!!) شاهندة مقلد ( 73 سنة ) ، وزعمت أنها أتت إليها مباشرة من ميدان التحرير حيث ثورة شباب يناير المجيدة .
وأخذت السيدة شاهندة تقول ما تشاء في شخصيتها الثورية ( !!!!! ) ، وتاريخها مع زوجها في الثورة ضد الإقطاع في الستينيات من القرن الماضي. وطبعًا أخفت السيدة الفاضلة حقيقة حفظها لنا التاريخ . وهي أنها كانت عضواً بالحزب الشيوعي المصري ولم تنته من دراستها الثانوية ، وتزوجت من صلاح حسين ابن عمتها بعد هجرها بيت أسرتها . وهو شيوعي معروف بالتحرش بعائلة الفقي وابتزازها ، وقد قدم صلاح الدين أحمد الفقي عمدة كمشيش أكثر من شكوي ضده إلي مأمور مركز تلا ووزير الإصلاح الزراعي ومحافظ المنوفية بتاريخ 14/1/1960 و15/12/1961.
وقد قتل صلاح حسين في حادثة ثأر عادية بتاريخ 30/4/1966 وقد اتهمت زوجته عائلة الفقي أنها وراء مقتله واتهم بقتله كل من محمود خاطر ومحمود عيسي وسيد عمارة.
وكنت أتمنى – حرصًا على روح العدل – أن تستضيف السيدة منى الشاذلي ووحدًا من أسرة الفقي ، ليتم حوار حر ذو توازن ، ولكنها لم تفعل . وفي السطور الآتية – وقد قاربت الثمانين من عمري - أقدم للقارئ ما رأيته بعينيَّ بعد مقتل صلاح حسين ، وكأني أراه هذه اللحظة : نكبت أسرة الفقي ، وزعم الزاعمون أن رجالها هم الذين قتلوا صلاح حسين ، أعلنت الحرب على آل الفقي ورجالهم ، وكان الضابط الكبير يستبيح لنفسه أن يفعل أي شيء ، ما عدا شئيًا واحدًا أذكره جيدًا ، وهو أن الأذناب وأتباع صلاح وشاهندة حينما كانوا يهتفون لهذا الضابط الكبير كان يقول لهم - بالحرف الواحد - : لأ يا ولاد .... اهتفوا باسم المشير أولاً .
وأحضر رجال من آل الفقي أو أنصارهم وأمرهم أن يركعوا كأنهم بهائم تركب ، وأمرت شاهندة أنصارها أن يركبوهم ويسوقوهم كالحمير . وللحق لا أؤكد هل كانت شاهندة تركب واحدًا منهم أم لا . ولكني أؤكد – ويسألني الله عن هذه الحقيقة - أنها أمسكت بحذائها تضرب هؤلاء الراكعين في غضب ملتهب
قال لي الشيخ محمود علي البنا القارئ المشهور ، وكان ممن حضر هذا المشهد البشع : " والله يا فلان ما بقي أحد في قرية كمشيش إلا وبكى ، وقد نسيت شاهندة وأنصارها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرموا عزيز قوم ذل " .
وثانية المؤسفات المحزنات : أن الإذاعي المشهور الأستاذ حمدي قنديل – غفر الله له - استضاف شاهندة فظهرت على شاشة التليفزيون تتحدث عن كفاحها وكفاح زوجها ، وأخرجت مجموعة من الخطابات الغرامية المتبادلة بينها وبين القتيل صلاح ، وأخذت تقرؤها ، والسيد حمدي قنديل يهز رأسه إعجابًا ، ويقاطعها بكلمة : يا سلام ..... يا سلام .
فأين حزنك يا ست شاهندة على الزوج الفقيد ؟! .. يقول المثل العامي : "الحزن خنَّاق" ، فكيف سمح لك حزنك بأن تندمجي في الغراميات إلى حد الذوبان، يا ست شاهندة ؟؟؟!!!
ويعلم الله أنني لا أعرف واحدًا من آل الفقي ، ولا صلة لي بأي منهم ، ولكن الحق حق ، والحق أحق أن يتبع . وصدق الله سبحانه وتعالى إذ قال : ( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)) (البقرة ) . وصدق سبحانه وتعالى إذا قال : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)) ( الذاريات ).