وانكشف الغطاء وظهرت الحقيقة الكرتونية للنظام السوري
وانكشف الغطاء
وظهرت الحقيقة الكرتونية للنظام السوري
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
إن ماشهدته سورية من أحداث خلال الشهر الأخير , والمظاهرات التي عمت معظم المحافظات السورية , والتي بدات بالإصلاح ثم انتقلت بعد ذلك للمطالبة بإسقاط النظام , هذه المطالبة لم تأت من فراغ , لقد ارتفع سقف مطالب الشعب عندما اتضح لهم أن هذا النظام , لايمثل إلا هيكلاً كرتونيا يخفي وراءه الحقيقة المرة والتي كانت غائبة عن الكثير من الناس , هذه الحقيقة المرة انكشفت في أن رأس النظام يمثل زعيما شرفياً لعصابات مافوية داخل السلطة الحقيقية , وأن الحاكم الفعلي للوطن السوري هم مجموعة من القتلة والمجرمين وسفاكي الدماء
هذه المجموعات ترتبط بنظام عائلات مافوية مرتبطة بينها في مصالح ومنافع مشتركة مهمتها السيطرة على مقدرات البلاد والقيام بعمليات التهريب وغسيل الأموال والسيطرة على كل شيء داخل الوطن السوري وباسم النظام
تبدأ من الرئيس السوري بشار الأسد الزعيم الشرفي لها , إلى صهره آصف ورئيس المخابرات العسكرية , ورئاسة الجيش والوحدات العسكرية , ويسيطر على هذه الوحدات مجموعة من الضباط التابعة لعائلة الأسد , والمتسلط على جميع القطعات العسكرية الحرس الجمهوري وكل من يعترض على قائد الحرس الجمهوري يقتل وتتم تصفيته أيا كان
القيادات العليا تحرك المجموعات الصغرى المنتشرة بين عناصر المخابرات بكافة أشكالها , وهذه المجموعات مرتبطة عمليا مع مجموعات شعبية ميدانية يطلق عليها الناس اسم الشبيحة , هذه المجموعات هي اليد التابعة للهرم السلطوي من الرئيس حتى الأدنى فالأدنى , ومهمتها تصريف بضائع الهرم العائلي المافيوي وليس المقصود البضائع التجارية فقط وإنما كل شيء مخالف للقانون ينفذ بأيدي هؤلاء من الأوامر المرسلة حسب التسلسل الهرمي لهذه العائلة
هذه العائلة الإجرامية في سورية عندما وجدت أن الشعب السوري انتفض ضدها , شعرت بخطر حقيقي على مصالحها وسيطرتها المطلقة على الداخل السوري , وخافت من تغيير واقع الحال في أن الأيام القادمة سوف يحل قانون في البلاد , هذا القانون الجديد سوف يحاسب كل من تسول نفسه الخروج عن الضوابط القانونية , فسورية منذ نصف قرن لايوجد فيها قانون , وإنما قانون يطبق على الشعب من قبل هذه العصابات , هو القانون الوحيد كل الشعب السوري عدو وهو العدو الوحيد إن سولت لنفس أي شخص الإعتراض على هذه العصابات
فبشار الأسد أثبتت الوقائع الأخيرة على الأرض أن دورك يابشار يقتصر على المراسم الجمهورية , وأنك تمثل رئيس دولة فقط أمام المحافل الدولية , بينما رؤس العصابات الأمنية والعسكرية والإقتصادية هي التي تحكم , لذلك لايخرج ولا يستنكر ولا يعبر عن سخط أو رضا فهو قابع في خلوته لايهمه شيء طالما هو محمي من قبل هذه العصابات ورئيس شرفي لها وأموره الإقتصادية تدار على أحسن وجه من قبل هذه العصابات
فالقيادة السياسية غابت بالكامل عن الأحداث , ولبم يبق في الشارع إلا هذه العصابات الأمنية والشبيحة هي التي تدير البلد بالقتل والإرهاب وسفك الدماء
هذا الإنكشاف الخطير والذي أصبح واضحاً أمام الشعب السوري والذي أعلن عن ثورة سلمية محضة , لم يقابل بخراطيم المياه ولا بالقنابل المسيلة للدموع , وإنما قوبل مباشرة بالرصاص الحي الموجه مباشرة لصدور أبناء هذا الوطن , وسقط الكثير من الشهداء والجرحى ومعتقلون بالآلاف والحبل على الجرار
فلو كان هناك دولة بمعنى الكلمة لتمت مجابهة المظاهرات بالوسائل المعروفة في جميع دول العالم بتفريق المظاهرات بخراطيم المياه وغيرها , لكن الذي يحكم سورية هي: عصابات إجرامية والعصابات الإجرامية من مبادئها كل من يعترض عليها يقتل وبدون إنذار مسبق كما يحصل عندنا الآن
والسؤال هنا :
هل سيصبر الشعب السوري على فتك هذه العصابات بأفراده طويلاً؟
إذا لم يحصل سرعة في إنقاذ سورية من هذه العصابات بطرق قانونية أو دستورية وبالسرعة القصوى , فالشعب السوري سوف يجابه هذه العصابات بنفس الطريقة التي تقوم فيها هذه العصابات , فسوف تتشكل مجموعات مسلحة تدافع عن نفسها وعن شعبها لتحمي الوطن من هذه العصابات والتي استساغتت الدم السوري وأصبح عندها المواطن السوري لايساوي شيئاً
إن النظام العصبي الأسري في سورية يجر البلاد لحرب أهلية , هذه الحرب تنفذ حاليا على الأرض من طرف واحد , هم أزلام العصابات تلك ضد شعب أعزل , فالصبر لن يكون طويلاً جداً , والذي يستشهد لايمكن إعادته للحياة مرة ثانية وأهله وذووه وعشيرته لن يهدأ لهم حال حتى ينتقموا لدماء أبنائهم
والشعب لن يرض بعد اليوم أن تحكمه هذه العصابات وسيدافع عن وجوده بأغلى الأثمان حتى يتخلص منهم , والغلبة ستكون للشعب حتما بعد أن فقد النظام شرعيته , وبعد انكشافه للعالم بشكل عام والشعب السوري بشكل خاص أن هذا النظام ليس إلا نظاما كرتونياً كان يختفي وراءه هذه العصابات الإجرامية والحاكمة الفعلية للشعب السوري , وأن كل مقدرات الدولة المادية والبشرية والعسكرية مسخرة فقط لحماية هذه العصابات من الشعب السوري
لذلك لايوجد أمام الشعب السوري إلا حلين:
الأول هو : أن يشترك الشعب السوري بكل مكوناته في التظاهر العام والشامل والسلمي والعصيان المدني لمحاصرة هذه العصابات والتخلص منها وتحويل سورية لدولة بكل معنى الكلمة يحكمها شعبها وينتخب من يمثل هذا الشعب ليقود البلاد لصالح الجميع
الثاني : إن تقاعس الكثيرون من الشعب السوري وإحجامهم عن الإشتراك في الثورة , سوف يؤدي إلى الزيادة في القتل من قبل العصابات الحاكمة وسفك الدماء البريئة , وستكون نتيجته اللجوء للقوة في مواجهة هذه العصابات لنصل للنتيجة التي تسعى إليها هذه العصابات في إنهم يخيرون الشعب بين أمرين , إما جر البلاد لحرب أهلية أو أن ترضخوا لنا وبالقوة
واختيار غالبية الشعب السوري وضحت ولن يرض ببقاء هذه العصابات المجرمة تحكمه وهو يريد إنشاء نظام حقيقي لانظام عصابي مختلف ألوانه يحكمه ويمارس القتل بكل أريحية وكأن المقتول لاينتمي لفصيلة اسمها الإنسان.