أحلام مغتربٍ بعد عقودٍ ثلاث

د.محمد إياد العكاري

أحلام مغتربٍ بعد عقودٍ ثلاث

د.محمد إياد العكاري

[email protected]

سأتكلم هاهنا بكل صدقٍ وعفويةٍ وموضوعيةعن أحاسيسي دونما تذويق ولاتنميق ليصل رفيف نبض أحاسيسي ،وصدى خفق كلماتي إلى كل الأحرار في العالم فعلى هذه السطور سأخطُّ بمداد قلبي مشاعري، وسأكتب بخضابي أحاسيسي، وسأسكب من الحنايا مااستشعرته بعد سماعي لخطاب السيد رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشارالأسد بعد أسبوعين من الأحداث الأليمة الدامية والتي شهدتها وتشهدها المدن السورية والتي يتفطَّرُ لها القلب حيث تصدَّرت أحداث العالم خلال الفترة الماضية نظراًلأهميتها على المنطقة، وعمق آثارها وتداعياتها ،بل وتسارع وتيرة أحداثهابشكلٍ مذهل وذلك بعد وعود بالإصلاح من قبل السيد الرئيس منذ توليه الرئاسة قبل أحد عشر عاماًوالتي كانت سراباً لم نبصر منها شيئاً على أرض الواقع ،وبعد البشائر المتتابعة من رؤوس النظام في سورية والتي كان آخرها مابشَّر به نائب رئيس الجمهورية السيد فاروق الشرع بأنكم ستسمعون مايسر الجميع ونحن سننتظر ونترقب .

 تلك الكلمة التي كان الكلُّ في سورية وخارج سورية يترقبها بفارغ الصبر وينتظرها وهو محبوس الأنفاس لأن فحوى ماسيقال سيكون له انعكاسٌ على مابعده ،وستكون آثاره محسوسةً على جميع الأصعدة في سوريا وخارجها ،وسيكون له أبعاد مختلفة على حاضر ومستقبل سورية وعلاقاتها وتحالفاتها .أجل كنت أنتظر ذلك الخطاب وأرتقبه أنا المغترب الذي طوى ثلاثة عقودٍ من عمره في الغربة بعيداً عن الوطن والأهل والخلان لالشيء سوى أنه أراد أن يحيا حياةً كريمة بحُرِّيةٍ وأمانٍ وسلام حيث افتقدها للأسف في وطنه فقد اعتقلت مرتين ذقت فيها الأمرَّين وأنا في مقتبل الفتوة والشباب وكنت في كلِّ مرَّةٍ أودع الدُّنيا لأني أعرف والجميع يعرفون أن من يزور هؤلاء فقد قرئت عليه الفاتحة.

كنت أنتظر ذلك الخطاب بكل ترقبٍ وأمل بعد اسبوعين من أحداثٍ داميةٍ تسارعت وتيرتها وانتقلت عدواها إلى كل شبرٍ من ثرى أرضنا الحبيبة سوريةوكنت أقول في نفسي عسى ولعلَّ السيد الرئيس يعي الواقع، ويستخلص العبر ،ويقرأ الأحداث ولايكون كسابقيه  فيستمع ويستجيب إلى ماينادي به السوريون أجمع برفع حالة الطوارئ والاعتقالات التعسفية، والمعالجات الأمنية الاستقصائية  أجل هذا ماتنبض به قلوب الملايين من الأحرار من سورية شيباً وشباناً، نساءً ورجالاً وأظنه استمع وشاهد هتافهم للحرية بأرواحهم، ونداءهم للكرامة بنبض قلوبهم.

كنت أنتظره أجل بقلبٍ يحمل البشر، ويتنفس الأمل ،ويرتقب قوس أطياف الجمال مشعشعةً في سماء بلادنا  نابذةً العنف،مناديةً سلميةً سلميةً ،لافظةً للطائفية، مناديةً بالوحدة الوطنية، داعيةً للتعددية التي تظهر جمال ألوان قوس الخيروأطيافه السبعة ،وماأجملها عند اجتماعها وماأقبحها بتفرد لونٍ على بقية الألوان  .

كنت أنتظر الخطاب وأحلامٌ شتى تجول بخاطري وتحملني بأجنحتها إلى عوالم ومعالم لأسبح في مدن الخيال وأعيش المدينة الفاضلة مع أفلاطون خيالاً وأحلاما

كان أملي وكل الأحرار في سورية أن نسمع خطاباً منه يُشنِّف محتواهُ الأسماع ،ويبهجُ  مراده الأرواح ،ويؤنس مايتضمنه القلوب المحبة العاشقة للوطن عسى تعود إليه، ويعود لبلادنا صفاؤها لترى طيور وحمائم السلام تتهادى مرفرفةً في فضاءات الشَّام الزرقاء الحالمة ،ويتربع جبلها الأشم قاسيون على عرش السعادة مبصراً جميع أبناء سورية  يعيشون واقعاً مايتوقون إليه و يحيون عياناً مايؤمِّلون ويحلمون به .

هذ الخطاب الذي كانت سورية كلها تنتظره ،والعالم كلُّه يترقَّبه ،والتاريخ كله يشهده ويسجِّله،ليكتب ماسيقال فيه إن كان له أم عليه...أجل

كانت عيون الأمل توَّاقةً شاخصةً مرتقبةً لذلك الخطاب وهمسها يقول عساها الأيام تتمخض وتتنفس عبير الحرية بلادماء تسال... وعساها الأحداث يخف وطأة مخاضها لتشرق شمس الكرامة... وعسى ليل الظلم والظلام يؤذن بالزوال لتختفي وطاويط الليل،وغربان السوء وعسس القتل والموت والتعذيب والتنكيل....

أجل كنت أرتقب أن أرى في الخطاب إيذاناً بشروق شمس الإصلاح ،وانبثاق نور فجر االحرية والسعادة  في بلادي بعد سنواتٍ عجافٍ وعقودٍ من الاضطهاد والتنكيل والمذابح والمجازر كان فيها المتحدث عن المرء التقرير،والناطق بلسانه الأمن، والمخالف لأمره الزنازين والمعتقلات .... لقد ذاق السوريون الويلات خلال عقود مضت، وتجرَّعوا الصَّاب والصبر ،وذاقوا فيها المرَّ والقهر ،فآثر السُّوريون الصَّمت خشية الموت ،وآثروا التنفس بهدوء كتنفس أهل القبور خشية الإزعاج مخافة أن يكونوا من ساكنيها.

كان حُلماً جميلاً كنا نرتقبه جميعاً وجميع  أبناء وطني  وأمل أسرتي وحلمها أن يجتمعوا بي ولو لمرَّةٍ واحدةٍ في الشَّام ،ويحتضننا بدفئه قاسيون ،وتضمنا جلّقُ إليها بمحبةٍ وشوق

كان هذا أملنا نتوق له ،ونسعى إليه، في كل آنٍ، وفي كل حين .

كان حُلُماً جميلاً أجل ولكنه عندما أُُسقط على أرض الواقع فُجع !!!!

وعندما سمع ماقيل صُعق!!!؟؟

ولما رأى صاحب الخطاب وماجلاه فيه أصابته الدهشة والإحباط!!!

ليتساءل بعد ذلك ماذا في هذا الخطاب؟؟ وماذا يُراد للشعب السوري ؟؟!!

وهل هذا هو الجواب بعد طول صمت؟؟!!وأين وعود الإصلاح وماوعد به ؟؟!!

و للأسف ماسمعته فيه كان  إقراراً بالتقصير....واعترافاًبالتسويف.؟؟!!

 حزمةً من الوعود لاعلاقة لها بما يجري بل مقررة مسبقاً!!!؟....

نظرية المؤامرة عند الحديث عن الحرية والكرامة والعزة!!؟؟ا

الحديث عن الاستعداد للمعركة والجاهزية ؟؟!!! ضدَّ من!!!!

أما علامات التوتر والقلق والإعياء فقد بدت ظاهرةً عليه

 وإن كان البعض في مجلس الشعب يقاطعه ويهتف نفاقاً بحياة الرئيس ...

والبعض الآخر يكيل المدائح التي يعجز الفهم عن استيعابها بل وهضمها !

والحال والرائي والمجلس يقول لكليهما كاذبٌ والله...

وأتساءل هنا  أيعقل أن يقال في مجلس الشعب  ممثل الشعب ...هكذا كلام!!!!

لقد كان خطابه خالياً من كل معاني الديمقراطية ،ومفرَّغاً من كل تلبيةٍ لمطالب الأحرار في سورية بالحرية والكرامة والديمقراطية والمساواة لا بل كان مجرَّداًً من الإحساس بالمسؤولية تجاه شعبه وأمنهم وسلامتهم وحريتهم وكرامتهم هو ذاك.

أجل فالشعب يريد الحرية والكرامة والعدالة والمساواة فأينها أينها أينها ؟؟؟

لذلك كان أن اعترضت سيارته امرأةٌ حُرَّة ووصلت لسيارته عند تحرُّكها مخترقةً كل صفوف الأمن والحرس  بعد إلقائه الخطاب وخروجه من مجلس الشعب مباشرةً وركوبه بسيارته لتصرخ به  ليحيطوا بها وتدب الفوضى والارتباك والذعر على المشهد بكامله !!!!

فآثر التلفزيون السوري الذي كان يبث المشهد مباشرةً أن يقطع البث  فالولاء التسعات الثلاث

 تذكرت هنا مقالةً  لسيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه فيها يقول:

 لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضياعاً لخشيت أن يسألني الله عنها.

وعندما نصحته امرأة في قارعة الطريق ومعه الجارود وأثقلت عليه بنصحها نهرها الجارود وقال لها :مه ياامرأة فالتفت إليه عمر بن الخطاب وقال رضي الله عنه:

 والله لاخير فينا إن لم نسمعها والتفت إليها ليقول :ولاخير فيكم إن لم تقولوها

أي لكلمة الحق والنَّصيحة

والأيام تُثبت والزمان يقول: بأن الشعب أبقى من حاكمه ، وعقارب الزمان لن تعود للوراء وقد آذنت شمس الحرية بالشُّروق وهاهو جيل العزة والكرامة من شباب سورية الأحرار قد تجلت عزيمته وهمته  وهو يرفع العلم عالياً ويهتف بأنفاسه للحرية وينادي بدمه للكرامة ،وينبض حسُّه بالعزَّة ليجعل علم سوريا مؤتلقاً في الآفاق مبشراً بفجرٍ جديد