سوريا... الشقيقة الخامسة

بلال داود

[email protected]

ما أن أحرق البوعزيزي منسأة الغول القمعي في  منظومة الدول الثورية العربية  و فر بن علي سريعا  ، حتى هبت نسمات الحرية بعبق الياسمين والتمر حنة  على شعوب استعبدت عشرات السنين  ، و لو أنها كانت تعرف أن هذا الغول من كرتون لما جلست في العذاب المهين كل هذه العقود ، ثم تبرعمت زهور الرمان في اليمن و تفتحت شقائق النعمان في ليبيا ، ووصلت النسمات إلى الشام العتيقة  مفعمة بالأماني  أن يضاف عبق الفل  إلى الياسمين والتمر حنة ، فهل تتحقق هذه الأماني أم يضاف الورد الجوري إلى شقائق النعمان و أزهار الرمان ؟؟؟

الشقيقة الخامسة في درب الربيع تملك خمسة احتمالات لورودها ...

اولها : أن يزين بشار عنقه بعقد من الياسمين أو الفل  الناصع البياض  ، و يخرج على التلفاز السوري الرسمي بوجود كل المحطات الفضائية ليقول أنه استوعب منعطف الحياة الجديد منذ عادت الخضرة إلى  تونس قبل أسابيع ، و حقنا لأرواح الألوف من الشعب السوري الأبي ، والحقيقة جلية بنهاية واحدة مهما طال زمن العناد والمكابرة ، لذلك  فقد قرر أن يضع برنامجا زمنيا مدته ثلاثة أشهر لإعادة الحق إلى نصابه مبتدئا بالإلغاء الفوري لحالة الطوارئ و قانون العار رقم 49 ، وأن يكمل ما بدأه  عند تحويل المزة إلى متحف ، فيحيل  تدمر واحة غناء  و يجد لكل معتقل ما يناسبه من التغيير أو الهدم الكامل  كرمز للتحول الحضاري الجديد ، و يطلب من مجلس الشعب أن يجتمع للمرة الأخيرة قبل أن يستقيل  فيلغي المادة الثامنة وما يتبعها وما يلازمها و ما ينبني عليها من مواد الدستور ، مع إضافة مادة تمنع الترشح لأكثر من ولايتين متعاقبتين للرئاسة ،   و يحدد موعدا لانتخابات رئاسية جديدة يتنافس فيها الأكفاء ببرامجهم الواضحة للنهوض بسوريا بعد أن تخلفت عن ركب الحضارة مئات السنين ، مع عزمه أن لا يترشح للدورة القادمة ، بل سيكون مراقبا حاميا لشفافيتها  و نزاهتها ، و يدعو كل الحكماء و المفكرين والسياسيين من أطياف الشعب  الزاهية الألوان  ليضعوا قانونا ينظم عمل الأحزاب و الانتخابات النيابية والمحلية  ، ليتم انتخاب أعضاء مجلس الشعب الجديد بناء عليه و كذلك المجالس المحلية في المحافظات والبلديات ، و أن يشترط على الرئيس الجديد والبرلمان الجديد والأحزاب كلها أن تعمل بروح وطنية عالية  بعيدا عن الطائفية و العرقية  و المذهبية ، فسوريا وطن عزيز و غال على قلوب جميع السوريين بدون استثناء ،  و إذا ما سلم الدفة للربان الجديد جلس في بيته معززا مكرما بكل امتيازات رئيس الجمهورية الأدبية والمالية و الأمنية باقي العمر.

وثانيها : انقلاب بلون الفل وعبق الياسمين  يقوم به الشرفاء من حكماء وعقلاء النظام و العشائر والطوائف و الضباط ، ويجبروا بشار على أن يفعل ما ينبغي فعله في الاحتمال الأول ، فإن  أبى...  فعلوا ذلك بأنفسهم عبر مجلس رئاسي مؤقت لتنفيذ البرنامج الوارد بزيادة قليلة أو تعديل طفيف لا يغير المضمون .

ثالثها : بعض المعاندة والمكابرة على طريقة بن علي أو مبارك ، حتى يتبين له أن شعار ( منحبك ) اختراع وهمي من إبداعات الأجهزة الأمنية  ، ثم نهاية على شاكلة نهايتيهما .

رابعها : و قلوب السوريين جميعا و معهم مئات ملايين البشر في أصقاع المعمورة من عرب وعجم ،  من كل دين و ملة و جنس وعرق و لون ،  تلهج بالدعاء أن لا يحدث هذا الاحتمال  ، فإن حدث فسيخرج علينا الجنرال بشار متقلدا سيفه  بوشاح قرمزي قاتم ، و في يديه نسخة من خطابات أل القذافي مزيدة  و منقحة و مطورة .

خامسها : حاولت أن أقلد أهل هوليود بتلمس احتمال من الخيال خارج العقل فلم أستطع ، مع ظني  بوجوده ، و لكن أحدا لا  يستطيع التكهن به ، فكل ثورة في الشقيقات الأربعة السابقة كانت بلون مختلف و رائحة مختلفة ونكهة مختلفة و إن تقارب بعضها شبها  .

كل الأماني أن يضاف عبق الفل إلى الياسمين والتمر حنة ، و كل الرجاء أن لا تستنبت شقائق النعمان ولا أزهار الرمان على أرضنا الحبيبة ، غير أن الأماني شيء و مسيرة التاريخ شيء آخر ، فهل تحيد مسيرة التاريخ عن دربها ...و لو مرة واحدة ؟؟؟