تحرير الجولان من بيروت

د. عبد الله السوري

د. عبد الله السوري

[email protected]

كان عبد الناصر ماهراً في طرح الشعارات ، أو قل هو أول من سلك هذا الطريق في العالم العربي ، في زماننا على الأقـل ، وللتاريخ كانت شـعاراته أقل بعداً عن الواقـع من شـعارات النظام الأسـدي ، ومن شعارات عبد الناصر التي حاول تنفيذها ( تحرير فلسطين من اليمن ) ، ولذلك أرسل قواتـه إلى اليمن تقاتـل بجانب ثورة المشير عبد الله السلال ضـد نظـام ( الإمام حميد الدين ) اليمنـي ، وكان يظن عبد الناصر أنـه سوف يحـرر اليمن من النظام ( الرجعي ) كما يسميه ، ثم يحرر السـعوديـة كذلك وبعدها يصل فلسطين من الجنوب ، وليس من الغرب ...

ولكن القبائل اليمنية أهلكت جيش عبد الناصر ، وراح آلاف الجنود المصريين ضحايا شعارات عبد الناصر ، وزاد الطين بلـة أن سـحب عبد الناصر هذه القوات من اليمـن ليزجهـا في حرب ( 1967 ) مع العدو الصهيوني ، فكانت نتيجة المعركة انتصار العدو الصهيوني على سوريا ومصر والأردن خلال ستة أيام فقط ، لذلك سميت بحرب الأيام السـتة ...

حافـظ الأسـد أكبر غمـّاز في العالم :

ومصطلح غماز أقصد بـه  ( هتاف شعارات ) ،  يطرح شعاراً ، وينفذ خلافـه ، كما عودنا يغمز على اليسـار ويذهب من اليميـن ، فقد اشـتهر حـافـظ الأسـد بلقب ( بطل الصمود والتصدي ) ، ونهب ثروات الخليج ، كي يصمـد أمام الصهاينة ، وفي الواقع كان ينسق مع الصهاينة ومع أمريكا ومع إيران وغيرهم من أعداء الأمة العربية ...

وهذا حافظ الأسـد يطرح شـعار تحرير الجولان من لبنـان ، من بيروت مرة ، ومن البقاع مرة ثانية ، ومن بنت جبيل مرة ثالثة ...وهكذا دواليك ، تدمـر البنيـة التحتية اللبنانية ، ويقتل أكثر من ألف مواطن لبناني معظمهم من النساء والأطفال ، كي تتحقق نظريـة ( بطل الصمود والتصدي )...

يقول الأسـتاذ عبد الحليم خـدام في لقائـه مع قناة المستقبل (26/8/2006) :

1-     حافظ الأسد هو الذي أصدر تعليماته لوقف أي حركة من الجولان ، واستنـزاف إسرائيل من لبنان :

       ( الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد اتخذ قراراً منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982بعدم تحريك جبهة مرتفعات الجولان السورية المحتلة "واستنـزاف إسرائيل في لبنان" عبر تنشيط المقاومـة ).

وقال  ( إن الأسـد الأب أصدر تعليماته لأجهزة الأمن السورية بعدم السماح بتنفيذ أي عملية مقاومة من منطقة الجولان السورية كي لا ترد إسرائيل على الداخل السوري ما يربك النظام"، مؤكداً وجود " قلق كبير في سوريا من أن يقود تهور بشار إلى صراع (مع إسرائيل) في غير أوانـه".) .

منـذ  ( 1982 ) كان القرار السوري الذي اتخذه الرئيس حافظ الاسد استنـزاف اسرائيل في لبنان. بالأساس عندما أخذ قرار بأن الحرب الكلاسيكية أصبحت غير ممكنة ([1]) بحكم المعطيات التي برزت خلال حرب تشرين أعطى تعليمات مشددة للقوات المسلحة للامن العسكري بمنع أي عملية مقاومة في الجولان، لان ردود الفعل الاسرائيلية ستكون على الداخل السوري وليس في منطقة العمليات ، إذاً في العام 1982 اتخذ هذا القرار وبدأنا عملياً بتشجيع الاحزاب اللبنانية بأن تقوم بأعمال المقاومة".
وتأكيـداً لتنفيـذ أوامـر الأسـد الكبير حتى بعـد موتـه :

نشرت أخبار الشرق يوم الجمعة (25/8/2006) موضوعاً في غاية الأهمية ، أتمنى من العرب عامة ، والفلسطينيين وبعض الإسلاميين خاصة ، الاطلاع عليه ، أما نحن المعارضة السورية ، فهذا الموضوع من البدهيات عندنا ، وسبق لي الكتابة فيه عدة مرات ...

وسوف ألخص مانشرته أخبار الشرق ، على مبدأ ( في الإعادة إفـادة ) :

 من أخبـار الشــرق :

1-     هذه الأخبار نقلاً عن مسؤول أمني رفيع المستوى ، أي من أحد حكام سوريا الحقيقيين ، الذين يحكمون بشار ويوجهونه حيث يريدون ...

2-     يقول هذا المسؤول السوري الأمني مستغرباً  من رفض دولة العصابات الصهيونية التفاوض مع النظام السوري : يقول منعنا عدة محاولات للتسلل إلى الجولان ...

3-     ويقول في فرع فلسطين ( الذائع الصيت بالشـر ) : يوجد عشرات السوريين والفلسطينيين المعتقلين لأنهم حاولوا التسلل إلى الجولان ، منهم من حاول تهريب السلاح ، ومنهم من حاول القيام بعمليات ....

4-     أفاد المعتقـل العـراقي الكندي ( الرياضي هلال عبد الرزاق ) الذي اعتقل في فرع فلسطين عام ( 2000) قال في مقابلـة مع صحيفة القـدس العربي في تموز عام (2001)  :

توجد مجموعة حوالي (28) من الشباب السوريين والفلسطينيين الذين تجاوبوا مع الانتفاضة فقاموا بمحاولة تهريب الأسلحة إلى الأرض المحتلة عبر الأردن ، حيث ألقي القبض عليهم من قبل السلطات السورية ، وكنا نســتغرب أن يتمـيز هؤلاء عن غيرهم بشدة أنواع التعذيب في قلعة الصمود والتصدي ، وتحديداً في فرع فلسطين.

وأضاف ( هلال عبد الرزاق ) لا أستطيع أن أنسى رجلاً كان معنا اسمه ( نعيم ) وكانت رجله مقطوعة ، وتهمته أنه ساعد في محاولة تهريب الأسلحة من الحدود السورية إلى الأرض المحتلة عبر الأردن ، لقد كان الجلادون يضربونه على رجله المتبقية ، ولقد رأيت بأم عيني اللحم يتساقط منها عندما يعود من حفلة التعذيب ، كنا نحمله إلى الخلاء ، كما نحمله إلى غرفة التحقيق ... ورجله المتبقية منفوخة لايستطيع السير عليها ...

وهكذا حاول بشار ( في الظاهر ) أن يطبق شعار والـده ( تحريـر الجولان من بيروت ) ، عندما شجع حزب الله على عملية الوعـد الصادق ، مما جـر الخراب والدمـار على لبنـان كله ، طيلة ( 33) يوماً كاملة ، ويكتفي بشـار بإطلاق الشعارات ، وإعـداد الخطاب الذي ألقـاه في مؤتمر الصحفيين ، بينمـا كان الشعب اللبناني يذبـح بالآلـة العسـكرية الصهيونيـة ... وبعـد أن تقف الحرب ، يتبجـح الرئيس السوري بانتصار المقاومـة اللبنانية ....

وممـا يزيـد الألـم تصريح أكثر من مسؤول سـوري خلاصتـه أن الذين يطلبون فتـح جبهـة الجولان ، يريدون جـر النظام والشعب السوري إلى الخراب والدمـار ، كما حصل في لبنـان !!!؟

هذه أيضاً محاولـة من محاولات فهـم السياسة الأسدية ، جعلتها بهذا العنوان لتكون أكثر صراحة للقارئ العربي .... ولاحول ولا قوة إلا بالله ...

              

[1] ـ ولابد من القول أن أكبر جريمة ارتكبها حافظ الأسد وغيره من الحكام العرب ، هي إقناع العرب والمسلمين بأن الحرب الكلاسيكية مع العدو الصهيوني غير ممكنة ، وأن القوات الصهيونية أكثر تسلحاً وتدريباً ، وحقيقة السـر الذي جعل الجيوش العربية النظامية تنهـزم أمام جيش الدفاع الصهيوني ، هـو تفريغ الجيوش العربية ( سوريا ، مصر ، الأردن ، العراق ...) من كل مواطن ملتزم بالاسلام ، ثم من كل مواطن فيه مروءة ونخوة وشجاعة وحميـة ، وتركت في الجيش الأزلام الذين يحمـون النظام ، نظام الحكم فقط ... وهم من عشيرة الحاكم ، أو طائفتـه ، أو محافظتـه ، يدربون ويعدون للمحافظة على كرسي الحكم ، ولايعدون لتحرير فلسطين ، أو الوقوف أمام جيش الصهاينة ... وقد أثبتت الحرب السادسة أن نظرية الجيش الصهيوني الذي لايقهر نظرية كاذبة ، كذبها الحكام العرب ، كي يفرغوا جيوشهم لحماية أنظمتهم فقط ... وقد وقف مجاهدو المقاومة اللبنانية في وجـه سلاح الجو وسلاح المدرعات وسلاح المشاة وسلاح البحرية الصهيونية ، وقفوا صامدين ، وكبدوا العدو خسائر فادحة في الأرواح والعـتاد  ....